سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مونديال الشباب في الإمارات ... خطوة نحو المستقبل . الكرة البرازيلية لم تعد وحدها في قلوب العرب . السامبا تتغلب على التانغو ... وتلهب حماسة الجماهير في بطولة العالم للشباب
أكثر ما لفت في لقاء القمة المبكرة بين البرازيلوالأرجنتين على ملعب محمد بن زايد في نادي الجزيرة في أبو ظبي ضمن الدور نصف النهائي من بطولة العالم الرابعة عشرة للشباب في كرة القدم المقامة حالياً في الإمارات، أن مشجعي الأرجنتين كانوا في نفس عدد مشجعي البرازيل! ففي وقت توقع الجميع، ونحن من بينهم طبعاً، أن تكتظ المدرجات بمشجعي السامبا والرومبا، خالف الواقع هذه النظرية وغصت المدرجات المخصصة للأرجنتين بالجماهير المحبة لكرتها. ويبدو أن الكرة الأرجنتينية اكتسبت شعبية مضاعفة في وطننا العربي الكبير في الآونة الأخيرة، وربما كانت الخيبات المتلاحقة للكرة البرازيلية في سنوات ما قبل مونديال كوريا الجنوبية واليابان العام الماضي، وراء هذه الطفرة الشعبية للكرة الأرجنتينية. على أي حال، لم تهدأ جماهير المنتخبين وغالبيتها، حُكماً، من أبناء الإمارات، طيلة المباراة وتعالت الصيحات هنا وهناك في كل أرجاء الملعب الذي امتلأ عن بكرة أبيه. وبدأت الأرجنتين دفاعها عن اللقب بتشكيلة مكونة من غوستافو إبرتو لحراسة المرمى، وأوسمار فيريرا وماوريسيو روميرو ولياندرو فيرنانديز وفالتر غارسيا للدفاع، وخافيير ماتشيرانو وبابلو زاباليتا وهوغو كولاتشي ومارتشيلو كاروسكا للوسط، وفرناندو كافيناغي وفرانكو كانجلي للهجوم. في حين رأى المدرب البرازيلي ماركوس باكيتا أن أنسب تشكيلة يبدأ بها هي التي تتكون من الحارس البديل جيفرسون، ودانيال وإدواردو ألسيدس وإديلتون وأدريانو للدفاع، ودودو وكارلوس آلبرتو وجونينيو، وكليبر ونيلمار ودانيال كارفايو للهجوم. أما الحكم الرئيس فكان المكسيكي بنيتو أرشونديا، وعاونه الهولندي كارلوس راسترانا والأميركي كريس ستريكلاند... والحكم الرابع السويسري ماسيمو بوساكا، وراقب المباراة الألماني هاينتس هيربرت كريخ. ركلة البداية كانت أرجنتينية، لكن الهجمات كانت متبادلة على المرميين من دون فاعلية حقيقة على رغم حصول المنتخبين على عدد من الركلات الركنية خلال الدقائق العشر الأولى. واتسم أداء الطرفين عموماً، بالضغط المباشر على الخصم المستحوذ على الكرة مع تحرك متناغم من اللاعبين الآخرين للحاق بها في حال انتزاعها فعلاً... من دون أن ينسى البرازيليون أن يمتعوا جماهيرهم باكراً بعدد من اللعبات الاستعراضية التي انتزعت آهات عشاقهم، في وقت عمد الأرجنتينيون إلى امتصاص الحماسة البرازيلية وإبعاد الكرة عن منطقة مرماهم بأفضل شكل ممكن. ولم يمر الربع الساعة الأول حتى حصل البرازيلي دانيال على إنذار لتعمده الخشونة مع كانجلي في كرة مشتركة، لكنه قام سريعاً من دون تدخل علاجي... في حين احتاج زميله ماتشيرانو إلى دخول المعالجين قبل أن يخرج للعلاج بعدما سقط على الأرض إثر لعبة مشتركة مع دودو 16 بيد أنه عاد بعد دقيقة واحدة. وبعد ثلاث دقائق سدد كارفايو في "السما"، لكن أول فرصة حقيقية في المباراة كانت للبرازيل وتناوب على إضاعتها كارفايو نفسه وكليبر ودودو قبل أن تخرج إلى ركلة مرمى 22، لكن الأرجنتين ردت التحية سريعاً حين أضاع كافيناغي فرصة سهله بتحويله الكرة الآتية من ركنية برأسه إلى جوار القائم الأيمن للحارس البرازيلي مباشرة 23. ومع انتصاف الشوط الأول، عاد المنتخبان إلى تبادل الهجمات، واقتربت الأرجنتين مجدداً من المرمى البرازيلي وسدد ماتشيرانو بقوة فوق العارضة 26... وردت البرازيل بهجمة سريعة لم تسفر عن شيء 28. لكن سرعان ما سيطر راقصو السامبا والرومبا مرة ثانية على مجريات اللعب بغية افتتاح النتيجة قبل انتهاء الشوط الأول، بيد أن الانقضاض الأرجنتيني القوي على الكرة، وأحياناً على اللاعب والكرة معاً، أفسد كل المحاولات البرازيلية. ولم يغفل الحكم المكسيكي عن اعتراض كارلوس آلبرتو، فمنحه إنذاراً هو البرازيلي الثاني 38... وسدد جونينيو كرة "ع الطاير" علت العارضة بقليل 39. وفي الدقيقة الأربعين أنقض غارسيا على نيلمار قرب حدود منطقة الجزاء، فنال الإنذار الأرجنتيني الأول... ومنح في الوقت ذاته البرازيليين فرصة جيدة للتسجيل، بيد أن تسديدة كارفايو ارتطمت بالحائط البشري الأرجنتيني وعلت العارضة بسنتيمترات قليلة. ونشط الأرجنتينيون فجأة، وقدموا أول هجمة منظمة بيد أنها انتهت بتسديدة عالية من زاباليتا 42. ولم تفلح محاولات الطرفين في الدقائق الثلاث المتبقية من هذا الشوط ومعها الدقيقة الوحيدة المضافة وقتاً بدلاً من الضائع في تغيير النتيجة السلبية. ولم يجر المدربان أي تعديلات على صفوف منتخبيهما مع بداية الشوط الثاني، لكن الجديد كان تكثيف المنتخب البرازيلي لهجماته. وعلى عكس سير اللعب، حصلت الأرجنتين على أول ركلة ركنية في هذا الشوط ومنها اقتربت من التسجيل من خلال تسديدة قوية لكانجلي أبعدها جيفرسون ببراعة 48، قبل أن يسدد كارفايو فوق العارضة 51. وحصلت الأرجنتين على ركنية ثانية، لم تثمر عن أي خطورة، لكن كافيناغي حصل على كرة شاردة، فعدلها بيمناه قبل أن يسددها بقوة ليثبت جيفرسون جدارته مرة جديدة حين أبعد الكرة بقبضة يده 55... وتعادل المنتخبان لجهة الإنذارات لحصول إديلتون على الإنذار الأرجنتيني الثاني 56. وفترت الحماسة البرازيلية سريعاً، فلم يضع باكيتا وقتاً وأخرج نيلمار وأدخل أندريزينيو 57... وأثمر التغيير على الفور فرصة ثمينة ضاعت على المهاجم المشاغب والحاضر دوماً كارفايو حين رد الحارس الأرجنتيني كرته بصعوبة 59، وتلتها فرصة أخرى لم تضع هذه المرة حين حول دودو الكرة الآتية من ركلة ركنية بمؤخرة رأسه إلى داخل الشباك الأرجنتينية لتتقدم البرازيل وليرفع هو رصيده من الأهداف إلى أربعة شأنه شأن كافيناغي 65. وأجرى مدرب الأرجنتين هوغو توكالي تغييره الأول حين أخرج كاروسكا وأدخل جيرمان هيريرا 69، وأتبعه بتغييره الثاني إذ أخرج غارسيا وأدخل فالتر مونتيلا 74 في محاولة لوقف السيطرة البرازيلية المطلقة على مجريات اللعب. ولم يفلح التغييران اللذان قام بهما توكالي في فك "لوغارتيمات" الدفاع أو الاندفاع البرازيلي، خصوصاً في ظل التكثيف الدفاعي الذي لجأ إليه باكيتا للحفاظ على الهدف... مع الاعتماد على الهجمات المرتدة التي شكلت خطورة واضحة أحياناً كثيرة، قبل أن يلجأ باكيتا إلى إجراء تغييره الثاني حين سحب أدريانو وأدخل غابريال لتقوية الجبهة الدفاعية التي أمل بالحفاظ على صلابتها حتى لو كان الأمر على حساب الجانب الهجومي 86. وهتف أنصار البرازيل "قاعدين ليه ما تقوموا تروحوا... قاعدين ليه ما تقوموا ترحوا"، من دون أن يحرك مشجعو المنتخب الأرجنتيني ساكناً طبعاً. وشهدت الدقائق الأخيرة من عمر اللقاء صراعاً فنياً حقيقياً بين المدربين من على حافة الملعب، وكاد البرازيليون يحسمون الأمر قبل النهاية بدقيقتين لكنهم لم يحسنوا استثمار الهجمة المرتدة... فكادت تنقلب الأمور عليهم حين حفت الكرة التي سددها كانجلي بأسفل القائم الأيمن وذهبت إلى خارج الملعب 89، وأحيت هذه اللعبة الآمال الأرجنتينية، فهاجمت بشدة وأضاعت فرصة ثمينة أخرى... ولامتصاص حماستها أجرى باكيتا تغييره الثالث والأخير، فخرج كارفايو ولعب مكانه داغوبرتو 90... فأفلح فيما ذهب إليه، وانتهى اللقاء بتأهل البرازيل بجدارة وخروج الأرجنتين التي فقدت لقبها الغالي. بالأمس كان مأتماً للكرة الحلوة، لأن أحد عملاقي الكرة الأميركية الجنوبية والعالمية خرج من مونديال الإمارات... فهكذا شاءت مسيرة برنامج البطولة أن تلتقي الأرجنتين مع البرازيل في قمة مبكرة، كنا نأمل بأن نشاهدها في اللقاء الختامي. رشح كثر الأرجنتين لتحتفظ بلقبها، لكنها لم تكن هذه هي الأرجنتين التي تألقت كثيراً في المونديال الذي فازت بكأسه على أرضها في عام 2001. وإذا كانت حاملة اللقب فقدت لقبها، فإن البرازيل أكدت علو كعبها في أميركا اللاتينية... واقترب منتخب شبابها من حصد اللقب العالمي الثالث للكرة البرازيلية بعد كبارها العام الماضي في مونديال كوريا الجنوبية واليابان، وناشئيها مطلع العام الجاري في فنلندا. بعد المباراة أعربت الجماهير المحبة للكرة البرازيلية عن امتنانها بهذا الانتصار الكبير، فخرجت على الفور المسيرات السيارة مطلقة لأبواقها العنان. وتغنى الجميع في حب البرازيل، وقال أحمد المزروعي الموظف في أحد مصارف الدولة "اليوم يوم عيد بالنسبة لكل عائلتي لأننا جميعاً برازيليون، ونعشق الكرة البرازيلية حتى النخاع. بصراحة كنا متخوفين من صعوبة هذه المباراة، لكن البرازيليين أكدوا أنهم أسياد العالم. تلاعبنا بالأرجنتينيين كيفما شئنا، وسنفعل الأمر ذاته مع منافسنا في المباراة المقبلة... الكأس لنا". وقالت ماجدلينا رودريغيز، وهي فيليبينية تعيش في الإمارات "كنت حائرة لمن أتحمس، فالاثنان منتخبان عريقان لكنني وجدت نفسي أميل إلى البرازيل. لم أكن أعرف كثيراً عن كرة القدم، لكن استضافة الإمارات لهذا المونديال جعلتني أتابع مبارياته شأني شأن الآخرين فبدأت أحب اللعبة". أما أحمد السيد، وهو مصري مقيم في أبو ظبي... فرأى أن استضافة المونديال على أرض "الإمارات عمل كبير نجح بامتياز. لقد شاهدنا مباريات ممتعة وتابعنا المنتخب المصري أينما ذهب، وتأكدنا من أن جميع العرب أخوة من خلال وقفتهم مع المنتخبين المصري والسعودي. كنا نتمنى أن تصل المنتخبات العربية الثلاثة إلى أبعد ما وصلت إليه، لكن هذه هي كرة القدم ولا يجب أن يفوتنا أن نشيد بمنتخب الإمارات الذي قدم عروضاً جيدة، وحقق إنجازاً جديداً بوصوله إلى الدور ربع النهائي".