مدينة بيشتاني السلوفاكية تحولت منذ بضعة عقود إلى نقطة التقاء للكثيرين من السياح والمرضى العرب الذين وجدوا في مصحات هذه المدينة الواقعة على ضفتي نهر "الخاخ" خير مكان لقضاء فترة من الزمن بين مفاتنها الطبيعية ومصحاتها الشهيرة التي أُكتشفت في مطلع القرن الماضي، وأصبحت بفضل هذه الثروة واحدة من أبرز المناطق العلاجية والسياحية في العالم. مدينة صغيرة لكنها حافلة بالحيوية والدفء. وحتى في موسم الشتاء الذي تهطل فيه الثلوج، فإن أجواءها وشوارعها وأحياءها المختلفة تشهد حضوراً كبيراً للزائرين من مختلف الجنسيات. فمصحاتها لا تتوقف بتأثير الفصول بل تعمل في كل المواسم. أما سياحتها الشتوية فهي الأخرى لا تتأثر بعامل البرودة ما دامت حماماتها وفنادقها ومتاجرها مجهزة بأحدث وسائل التدفئة والتكييف. تقع مصحات بيشتاني على بعد 80 كيلومتراً من العاصمة السلوفاكية برافسلافا، ومياهها تحتوي على درجات عالية من المعادن الحيوية وحرارتها تتراوح بين 67 و69 درجة مئوية. وهذه المياه تعالج الكثير من الأمراض، من أبرزها إصابات العمود الفقري والشلل الوبائي وأمراض العظام والروماتيزم وتمزق الأنسجة وكسور العظام وأمراض الدماغ وما بعد عمليات العظام والدماغ والأنسجة والأمراض الكلوية والمسالك البولية ومشاكل الجهاز التنفسي وجهاز الحركة وأمراض السكري والقلب والجهاز الهضمي وغيرها. وتستخدم طرق علاجية مركبة في بعض الحالات، حيث ترافق الوسائل التكنولوجية الحديثة وسائل العلاج الطبيعية المضادة مثل برك الطين الصحي والمستنقعات والحمامات المركزة والمياه القوية والمكهربة والسباحة والتدليك المتنوع وتمارين الرياضة المختلفة. أما أهم المركبات والمعادن الطبيعية التي تحتويها مياه المصحات في بيشتاني فهي الهايدروكاربونات والكبريت والصودا وغيرها. وتتضمن برامج العلاج في بعض الحالات شرب كمية محددة من نوع أو نوعين من المياه المعدنية. وتتوافر في المصحات المتجاورة خدمات متقدمة يشرف عليها أطباء أصبحوا على قدر كافٍ من الخبرة لتفهم نفسية المواطن العربي، فهم يستجيبون بشكل تام لحاجات المرضى العرب والعوائل العربية عموماً من حيث توفير الخدمات أو تجهيز الأكل العربي ووسائل الراحة الأخرى. وهم يعتمدون أيضاً على مترجمين عرب يرافقون المرضى في كل معاينة طبية أو لقاء مع القائمين على المصحات. وفي الفنادق أيضاً هنالك حالة من التعود على طريقة خدمة الضيوف العرب تكونت عبر فترات زمنية شهدت تدفق المرضى والسياح العرب إلى هذه المدينة التي تتحول في موسم الصيف إلى مدينة عربية مع سبق الإصرار. محلاتها عامرة بالبضائع المختلفة، مقاهيها ومطاعمها تقدم المأكولات والمشروبات العربية، بينما تصدح الأغاني والموسيقى العربية من كل مقهى أو مطعم في هذه المدينة الجميلة. علاقة السكان المحليين بالسواح العرب أو بالمرضى الذين يأتون للعلاج سنوياً علاقة حميمة للغاية، فبعض العرب إستغل تردده السنوي لعقد صداقات واسعة مع أهلها أو مع السلوفاك الآخرين في المناطق القريبة. ومنهم من استثمر أموالاً فيها، حيث اشترى مطعماً أو فندقاً أو داراً للإقامة طالما يأتي إلى المصحات مرة أو مرتين أو أكثر في العام الواحد. أكثرية القادمين إلى مصحات بيشتاني من العرب هم الكويتيون الذين بدأوا يتوافدون على المدينة قبل أكثر من عقدين من الزمن، وفي كل عام يزداد هذا العدد. ويأتي في الدرجة الثانية الزوار البحرينيون ومن ثم الإماراتيون. لكن المدينة بدأت تشهد حضوراً أوروبياً لافتاً للنظر، فالألمان يشكلون النسبة الأكبر يليهم الروس والأوكرانيون. ومع ذلك فإن الوجود العربي لا يزال يعتبر الأكثر بين الجنسيات الوافدة إلى المدينة. بيشتاني ومصحاتها الشهيرة بقعة تحيطها الغابات الكثيفة والمياه المتدفقة والبحيرات الطبيعية الرائعة، وهي حقاً قطعة من الخيال الرومانسي الجذاب، خصوصاً في موسم الصيف عندما تصبح المدينة ومحيطها جزءاً من صورة ملونة تضم بقية أجزاء سلوفاكيا الأخرى.