شهد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عاماً شديد السخونة، وجاء استطلاع للرأي نشر أول من امس ليعطي خصومه المحافظين الذين استعادوا حيويتهم تفوقاً نادراً ليضع الملح على جرحه. اذ أظهر الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة "يوغوف" لحساب صحيفة "دايلي تلغراف" نسبة تأييد بلغت 38 في المئة لحزب المحافظين بزيادة قدرها اربع نقاط عن استطلاع أجري في الشهر الماضي متقدماً بنقطتين على حزب العمال الحاكم الذي يتزعمه بلير. الا ان المحللين يقولون ان المحافظين في حاجة لتحقيق مزيد من التقدم باستمرار حتى تكون لديهم حظوظ حقيقية في كسب الانتخابات المقبلة. وقال روجر مورتيمور وهو محلل كبير في مركز "موري" لاستطلاع الرأي: "في ما يتعلق بالوصول الى السلطة فإن ذلك لا يكفي". وأشار الى ان أحزاب المعارضة تميل لأن تحقق في استطلاعات الرأي نتائج أفضل مما تحققه في انتخابات عامة. وأضاف: "الوجود في الحكم صعب. ان تشير الى الاخطاء اسهل بكثير من الاشارة الى الامور الصائبة". وتراجعت مستويات ثقة الجمهور في بلير بسبب حرب العراق وهو أمر عارضته غالبية البريطانيين. وفاقم المشكلة عدم العثور على اسلحة محظورة. وعانى رئيس الوزراء من ازمتين صحيتين هما سرعة النبض وآلام المعدة خلال شهور قليلة. وفي المقابل أطاح خصومه المحافظون بزعيمهم وانتخبوا زعيماً جديداً قوياً. فبإجماع الآراء استطاع مايكل هاوارد الوزير السابق المخضرم منازلة بلير اثناء مناظرتهما الاولى خلال الدورة البرلمانية الجديدة الاربعاء الماضي. وربما لن تكون السنة المقبلة أفضل حالاً بالنسبة الى رئيس الوزراء. فمن المحتمل ان تتعرض حكومته لانتقادات لاذعة من القاضي اللورد هاتون الذي يصدر تقريره مطلع 2004 حول مقتل خبير الاسلحة البريطاني ديفيد كيلي الذي انتحر بعدما كشف عن انه مصدر قصة حول مبالغة فريق بلير في الخطر الذي تمثله الاسلحة العراقية. ويمكن ان يواجه رئيس الوزراء اول هزيمة له في البرلمان حول قضية سياسية رئيسية. اذ يصطف حزبه لتحدي خططه الرامية الى فرض رسوم أكبر على التحاق الطلاب بالجامعات مما يحملهم ديوناً تقدر بآلاف الجنيهات. ولكن مع حلول ايار مايو 2005 الموعد المتوقع للانتخابات المقبلة سيظل بلير هو الرجل القادر على الفوز. وقال انتوني كينغ استاذ الحكم في جامعة اسيكس تعليقاً على استطلاع "دايلي تلغراف" عن "عودة المحافظين" ان هاوارد يحتاج الى ان يتقدم على بلير بعشر نقاط أو أكثر كي يضمن فوزه في الانتخابات. وتاريخياً فإن استطلاعات الرأي تقلل من قدر الحزب الموجود في السلطة. ويشير مورتيمور الى انه في عام 1986 تقدم حزب العمال الذي كان في المعارضة على المحافظين بمقدار عشر نقاط، لكن رئيسة الوزراء مارغريت ثاتشر فازت بغالبية كاسحة في الانتخابات التي أجريت بعد عام من الاستطلاع.