صدر عن "الهيئة العامة لقصور الثقافة" ضمن سلسلة "كتابات نقدية" كتاب "الخطاب الروائي عند غسان كنفاني" وهو دراسة اسلوبية من تأليف منار حسن فتح الباب في 448 صفحة من القطع الصغير، وتوزعت مادته على ثلاثة فصول تناولت العناوين الآتية: ثنائية الأرض/ المرأة في الخطاب الروائي، بنية الثبات والتحول الجدلية في محوري: الموت والبعث، بنية التشكل الثلاثي. والمقصود بدراسة الخطاب الروائي هنا دراسة محاور المضمون والبناء الروائي عند غسان كنفاني الذي يُنتج نصاً فنياً فلسطينياً يحقق رسالة حضارية، ويثبت وجوده في مواجهة الخطة الصهيونية التي تستهدف سحق التراث الفلسطيني، قديمه وحديثه. ويُعد كنفاني نموذجاً للفنان الذي يستعمل فنه بصفته ممارسة اجتماعية حضارية صاقلاً الوعي السياسي المنشود في زمننا العربي المعاصر. واستقطب أدب غسان كنفاني وعالمه المتوهج الشعري العميق الضارب بجذوره في التراث الحضاري لمنطقة فلسطين مؤلفة الكتاب، ما حدا بها إلى السعي نحو استكشاف مكنونات الخطاب الروائي لديه، ومن أجل فك رموز عالم اللغة الشعرية المكثفة وتيار الوعي المتدفق في الخطاب الروائي عمدت إلى اختيار منهج يقوم على تفتيت دلالات النص وتتبع خصائصه ولوازمه الاسلوبية، ثم إعادة تركيبه في بنيات استنباطية في محاور الخطاب الروائي، كبنية الموت والبعث. خصصت منار فتح الباب الفصل الأول من الكتاب لدراسة ثنائية الأرض/ المرأة في الخطاب الروائي اعتماداً على الخلفية التاريخية الحضارية لهذه الثنائية التي تعد من أهم ترسبات الموروثين: الاسطوري والشعبي في مصر ومنطقة الهلال الخصيب، حيث أرض فلسطين تعد محوراً أساسياً في الخطاب الروائي من حيث حضور معناها وتطابقها مع مفاهيم المرأة / الأم، المرأة / الشجرة / الفرس الثلاثية السامية القديمة التي انتقلت عبر العصور إلى أدبنا الحديث. أما الفصل الثاني فتناول جدلية الثبات والتحول في محوري الموت والبعث في الخطاب الروائي، ارتكازاً إلى استطلاع المؤلفة أيضاً على مفهومي الموت والبعث في منطقة الحضارات الزراعية القديمة، إذ تميزت هذه الحضارات بإيمانها المطلق بفكرة الخلود والبعث وقد انحدر الموروث الاسطوري السامي المتعلق بالموت والبعث إلى الموروث الشعبي وإلى النتاج الأدبي العربي المعاصر. وخصصت منار فتح الباب الفصل الثالث لدراسة بنية التشكيل الثلاثي للخطاب الروائي لدى كنفاني بناء على ملاحظة أساسية هي تجلي نسق التشكل الثلاثي والبنية الخاصة بكسر أو تركيب هذا النسق في الخطاب الروائي المرتبط ببنية البعث الجدلية الزراعية، وساعد على تجلي هذا النسق المتميز تميز الخطاب الروائي بلغة شعرية. والملاحظة الأخيرة من أهم نتائج الدراسة التي تطمح مؤلفتها إلى فتح آفاق لا حصر لها للوصل بين الموروثين: الاسطوري السامي والشعبي العربي بما يحويان من أنساق بنيوية تعكس الخصائص الأصيلة الموحدة للفكر الإنساني والمتجذرة في الأدب العربي المعاصر.