لا تزال الصناعات المدنية، وتحديداً طائرات نقل الركاب، تُشكّل جزءاً مهماً من عمل شركة "بوينغ" الأميركية العملاقة. لكن الشركة مهتمة أيضاً بفروعها العسكرية وتحديداً ببرامج "الأنظمة الدفاعية المتكاملة" التي يعمل فيها 87 الف شخص وتُقدّر قيمتها ب25 بليون دولار أميركي. ويقول رودي ديليون، نائب رئيس "بوينغ" فرع واشنطن، ان الشركة تُعتبر اليوم أكبر مُقدّم للخدمات لوكالة الفضاء الأميركية ناسا وثاني أكبر مقدّم لوزارة الدفاع الأميركية بعدما خسرت في 2001 المنافسة مع "لوكهيد مارتن" لصنع طائرة ال"اف -35". ويشير توماس بيكيرينغ، السفير الأميركي السابق والمسؤول في "بوينغ" حالياً، الى ان الشركة هي "المصدّر الأميركي الأكبر". ويضيف في لقاء في مقر الشركة قرب واشنطن: "كان علينا ان نُقرر قبل خمس أو ست سنوات بين التركيز على الصناعة العسكرية أو المدنية. أثّرت هجمات 11 أيلول سبتمبر سلباً في صناعة السفر الجوي، لكنها أثرت ايجاباً في صناعة الدفاع الجوي". ويضيف، رداً على سؤال ل"الحياة"، ان الشركة تعمل على تطوير أنظمة لحماية الطائرات المدنية من هجمات صاروخية قد تتعرض اليها، بعد الأنباء على سعي جماعات إرهابية الى اسقاط طائرات بصواريخ أرض - جو محمولة على الكتب. ويوضح ان بعض الحكومات والمؤسسات الأمنية طلبت من "بوينغ" تطوير نظام لحماية طائرات الركاب. لكنه لم يقدّم تفاصيل، قائلاً "ان أكثر الطائرات أماناً تبقى تلك الجاثمة على الأرض". وقال ان العراق في حاجة حالياً الى تطوير قدراته في مجال الطيران و"هذا مهم جداً الينا. نحن على اتصال بالسلطات هناك. العراق لا يحتاج الى كثير من التكنولوجيات العسكرية. نستطيع ان نقدّم له الكثير من المساعدة في مجال الطيران المدني" مثل طائرات الركاب وتطوير المطارات وتجهيزها بمعدات واجهزة الكترونية. ويعرض مسؤولون في "بوينغ" على الصحافيين مجموعة من أفضل ابتكارات الشركة في مجال "الأنظمة الدفاعية المتكاملة". ومن بينها طائرة النقل "سي-17" التي تتميّز عن غيرها في مجالها مثل ال"سي-5" وال"سي-130" بأنها قادرة على نقل معدات ضخمة من قارة الى قارة والهبوط في مدارج طيران صغيرة ونائية. وشاركت هذه الطائرة أخيراً في عمليات القوات الأميركية في العراق إذ نقلت آلاف الجنود والمعدات بسرعة فائقة الى كردستان عشية بدء حرب اسقاط نظام الرئيس صدام حسين. ويعتقد الأميركيون ان حلفاءهم الأوروبيين يحتاجون الى مثل هذه الطائرة في إطار "تحديث" قدراتهم القتالية وتعزيز قدرتهم على نقل الجنود والمعدات الى أماكن نائية بعدما اضطر الأوروبيون الى "استئجار" طائرات "توبوليف" من أوكرانيا لنقل قواتهم الى أفغانستان، كونهم لا يملكون طائرات شحن عسكرية عملاقة. كذلك تُنتج "بوينغ" الطائرة المقاتلة "اف/أي - 22 رابتور" التي يعتمد عليها خصوصاً سلاح الجو الذي يخطط لطلب ما مجموعه 339 طائرة من هذا الطراز. وتجمع الطائرة بين القدرة على الحركة السريعة وكونها "خفية" يصعب على الرادارات رصدها. أما القوات البحرية فتحصل من "بوينغ" على طائرات "اف/أي-18إي/أف سوبر هورنت" وهي مقاتلة هجومية دخلت الخدمة الفعلية على حاملات الطائرات فقط في العام 2002 في حاملة الطائرات "ابراهام لينكولن". ويحتاج سلاح البحرية الأميركي حالياً الى 460 طائرة "سوبر هورنت" يُضاف اليها 90 واحدة بحلول العام 2012 للحلول محل طائرات أقدم. وتُقدّم "بوينغ" للبحرية مجموعة من الصواريخ الدقيقة التوجيه بينها صاروخ "أس.أي.أم-إي.آر" و"هاربوون بلوك-2". أما للقوات البرية فتقدم "بوينغ" من خلال برنامج "الأنظمة الدفاعية المتكاملة" الطائرة المروحية الهجومية "أي.أتش-64أد آباتشي لونغ بو" والمروحية الهجومية "أر.أي.أتش-66 كومانشي" وطائرة النقل الضخمة "سي.أتش-74/أم/أتش-74 تشينوك". كذلك تساهم "بوينغ" في مشروع "الدفاع الصارخي" الذي تبناه الرئيس جورج بوش والهادف الى تشكيل "مظلة" تحمي الولاياتالمتحدة وحلفاءها من هجمات صاروخية تشنها ضدها "دول مارقة" أو جماعات إرهابية.