"معركة تسوشيما". 27 ايار مايو 1905. انطلق الاسطول الروسي البلطيقي المؤلف من 45 سفينة في تشرين الأول اكتوبر 1904 مُبحراً حول الأرض من الشواطئ الروسية الشمالية المتجمّدة في اتجاه شواطئ اليابان عابراً محيطات وبحاراً عدة، لكي يُلقّن اليابانيين "درساً". التقى الاسطولان في مضيق تسوشيما بين كوريا واليابان. لكن اسطول الامبراطور الياباني الأسرع من اسطول القيصر الروسي وأحدث تسلحاً، الحق هزيمة نكراء بالقوات المهاجمة: أُبيد الاسطول الروسي قُتل من أفراده اربعة آلاف وأُسر 7300، في حين لم يفقد اليابانيون سوى 116 قتيلاً. "الدرس": "الإبداع يمكن ان يرفع آخرين الى مرتبة أرفع منا". مهمة "مركز القتال المشترك" في نورفولك فيرجينيا التابع ل"قيادة القوات المشتركة" للجيوش الأميركية، ان يستخلص العبر من مثل هذا "الدرس" بين معركة الاسطولين، وان يعمل على "توقع المستقبل" وكيف يمكن ان تخرج أميركا منتصرة منه. ولهذه الغاية يعكف الضابط العاملون في هذا المركز على رسم "سيناريوات" قد تواجهها بلادهم في المستقبل. واحد من تلك السيناريوات أُعد في ايار مايو 2001، كما قال أحد المشرفين على المركز الكابتن مارك ستيرنز لمجموعة من الصحافيين. قال ان أحد الباحثين قدّم تصوّراً مستقبلياً اعتبر ان الولاياتالمتحدة يمكن ان تواجهه. ويقوم هذا التصوّر، كما قال ستيرنز، على "سيناريو" لجوء جماعة معينة الى خطف طائرة مدنية وتفجيرها في قاعدة عسكرية بحرية. لم يُحدد ستيرنز مكان القاعدة، لكن الأرجح ان "السيناريو" كان يشير الى نورفولك نفسها حيث تقع قاعدة بحرية ضخمة تحوي عشرات آلاف العسكريين وآلاف السفن الحربية بينها حاملات طائرات ضخمة وغواصات نووية. أضاف ستيرنز ان مسؤولي المركز رفضوا هذا "السيناريو" على اعتبار انه "غير ممكن الحدوث". بعد أربعة أشهر فقط حصل "غير الممكن" لكن في واشنطنونيويورك وليس فيرجينيا. خطف أفراد في تنظيم "القاعدة"، في 11 أيلول سبتمبر 2001، أربع طائرات مدنية وحطّموها في برجي مركز التجارة في نيويورك ومقر "البنتاغون" قرب واشنطن الرابعة سقطت في نورث كارولاينا قبل وصولها الى هدفها. الأميركيون، كما يقولون الآن، "تعلّموا الدرس" هذه المرة. لم يعد عندهم أي سيناريو "غير ممكن الحصول"، بما في ذلك استخدام اسلحة كيماوية أو بيولوجية في هجمات انتحارية ضد أهداف مدنية. لكن "الحرب ضد الإرهاب" ليست كل ما في الأمر. فالمركز يسعى أيضاً الى "تحويل" طريقة عمل القوات المسلحة الأميركية الأميركية. ويقول ستيرنز: "لماذا التحوّل؟ لأن الأوضاع تتغير من سلام الى نزاع الى حرب ... ولأن التهديد يتغيّر. فاعداؤنا سيقاتلوننا بأي وسيلة ممكنة، سيسعون الى خداعنا، سيستغلون أي فرصة تُتاح لهم. لذلك فإن قدراتنا يجب ان تتغير بحسب تغيّر الأوضاع". ويشرح أيضاً ان القوات المسلحة الأميركية تتألف من مليون ومئة الف جندي موزعين على القوات البحرية والجوية والبرية ووحدات "المارينز": 107 آلاف عديد البحرية يُضاف اليهم 15 الفاً احتياط، 41 الفاً عديد "المارينز" 37 الفاً في الاحتياط، 84 الفاً عديد القوات الجوية 62 الفاً احتياط، و193 الفاً عديد الجيش 619 الفاً احتياط. ويقول ان "تحويل" طريقة عمل القوات المسلحة تتضمن تكوين وحدات من الفروع المختلفة الجوية والبحرية والأرضية قادرة على العمل في المشترك في أي بقعة من العالم.