هل تتّجه فرنسا نحو "أمركة" عقيدتها النووية التي اعتمدت حتى الآن على مبدأ الردع؟ الإجابة هي نعم وفقاً لصحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، وكلا وفقاً لقصر الإليزيه. اذ أكدت الصحيفة ان فرنسا تنوي تعديل عقيدتها النووية التي تستند منذ عهد الرئيس الراحل شارل ديغول على مبدأ "الردع النووي" بحيث تأخذ في الاعتبار المخاطر المترتبة عن "الدول المارقة". وقالت ان الرئيس جاك شيراك ينوي الكشف عن هذه العقيدة الجديدة خلال الأسابيع المقبلة وربما خلال زيارة يقوم بها الى شمال فرنسا. ونقلت عن مسؤول عسكري رفيع لم تسمّه قوله ان التعديلات النهائية ستقرّ مطلع سنة 2004، بحيث يتم تكييف القدرة النووية الفرنسية مع متطلبات التعامل مع "الدول المارقة". وتمثل هذه المراجعة في حال ثبوتها نوعاً من "الأمركة" للعقيدة النووية الفرنسية التي كانت تستهدف حتى الآن الدول النووية. ويفترض، وفقاً للصحيفة، ان تصبح قادرة على استهداف "قوى تهدد فرنسا بأسلحة كيماوية أو بيولوجية". وفي معرض التعليق على ما أوردته "ليبراسيون" ذكر قصر الأليزيه ان العقيدة النووية التي تعتمدها فرنسا لم تشهد أي تعديل منذ الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفرنسي أمام معهد الدراسات العليا للدفاع في حزيران يونيو 2001، الذي عبر فيه عن تمسكه بعقيدة "الردع النووي" واعتباره انها "تشكل ضمانة في مواجهة أسلحة الدمار الشامل" لكنه حذر الدول التي تمتلك "قدرات باليستية تخولها يوماً ما تهديد الأراضي الأوروبية بأسلحة نووية أو بيولوجية أو كيماوية" من أنها قد "تعرض أنفسها لأضرار" إذا ما أبدت "نيات عدائية حيالنا". وأوضحت "ليبراسيون" ان عقيدة "الردع النووي" التي اتبعتها فرنسا حتى الآن واستهدفت صيانة استقلالها حيال الترسانة الأميركية ومواجهتها مع التهديد السوفياتي فقدت وجودها مع انتهاء الحرب الباردة. وأشارت الى ان تعديلها في اتجاه الأخذ بمستجدات الوضع الدولي، يعني ان فرنسا قد تلجأ الى انتاج أسلحة نووية مصغرة وقادرة على استهداف مواقع محددة بدلاً من أن تستهدف مدينة بأكملها. لكنها أكدت انه تعذر الحصول على تأكيد لمثل هذا التوجه لدى وزارة الدفاع الفرنسية، كون الموضوع محاطاً بالسرية الدفاعية.