حالة الشاعر - 1 لا تعرفه إلا بغموض. ما أوضحَهُ: شمس المعنى يحدث أن يحجبَها ظلُّ جدارٍ. حالة الشاعر - 2 بعد الموت، يقول لذاكَ الحاكم: زِلْتَ، وزوالَ المُلْكُ، وكلُّ جيوشكَ زالَت. وبقيتُ أنا حتى لكأنّي أُولَدُ كل صباح. ويقول لذاك الحاكم: إنّهضْ واشْهَدْ سترى أنّك تقفو أثري، تقفو خطواتي سترى شِعري ملكاً للضوءِ، وأنتَ شُعاعٌ منّي، يتوهج في كلماتي. حالة المتمرِّد أتريدونني أن أكونْ أميراً عليكم، وأنتم عبيدٌ؟ أنْ يُقال: أنا صوتكم, وأنا مثلكم، لستُ حراً؟ افهموني إذاً، إن بدأتُ بقتل العدوّ الذي فيَّ من أول، وفيكم. العدو الذي يتوهم أني لا علمَ عندي بأوهامه. افهموني، إذاً، إن وضعتُ حديدي عليَّ، عليكم، على أرضنا. حالة البريء لو تركتُك يا نَفْسُ تَستسلمينَ، لروَّضتِ ما كانَ صَعْباً، ولأُعطيتِ مُلكاً. وصحيحٌ ضَعُفْتُ، ولكنني كنتُ أفحصُ أهواء عصري، أغزو دُخَيْلاءهُ، وأجادِلُ شكّي فيه، ويأسيَ منه، وأراهِنُ ما لا أُطيقُ، وما لا يُطيق الرهان. وصحيحٌ تأوَّلْتُ، أسرفت في الظنِّ، خيراً وشراً، ولكن كيف نعرف سرّ المكان، إذا لم نُلوَّثْ بطينِ المكان؟ حالة المفكّر دائماً كنتُ أُخطئُ، ما زلتُ أُخطئُ، آملُ أن يتواصل، من أجل ذاك اليقين المنوَّرِ، هذا الخطأ. لا أريدُ الكمال، وليس الحنينُ الذي يتفجّر في شهقاتي وفي زفراتي، حنيناً الى مُتّكأ. حالة الصعلوك ليس لي غيرُ هذا الزمان الذي يُحتَضَرْ ليس لي غيرُ ذاك الكتاب الذي يُحتَضَرْ ليس لي غيرُ هذي الطريق التي تُحتَضَرْ ليس لي غيرُ تلك البلاد التي تُحتضَرْ ليس لي غير هذا الفراغ الذي يتقدّمُ، يعلو، ويمتدّ في خطوات البشَرْ. حالة الكاتب يكتب الطفلُ: "صوت المدينة يَعلُو يردد آهاتها وأناشيدها". يكتب الشيخ: "آه، الينابيعُ حمراءُ في أرضنا". يكتب الفقراءُ: "الفراغُ بِذارٌ بين أقدامِنا". يكتب الشعراءُ: "الحبالُ تجرّ العصافيرَ مخنوقةً حول أعشاشِها". ما الذي تكتب الشمسُ، ماذا تقول لأبنائها؟ حالة السائل ما الذي يتحركُ فيه؟ جُزَيْئاتُ حُبٍّ وخوفٍ؟ قوافِلُ حلْمٍ؟ خيولٌ؟ براكينُ من أرَقٍ غيهبيّ؟ يَتَقصّى، يُجيَّشُ هذا الهديرَ، ويُزْجيهِ صفاً فصفّاً في عراكٍ مع الكونِ. حِبْرٌ وهذي يَدٌ تتدلَّى، ومَن يكتبُ، أيّهذا الهديرُ الصديقُ العدوُّ الأبُ؟ حالة الخَلاَّق رفعتْه رياحُ الجُموحِ الى فَلَكِ المعصيهْ، فاغفروا ما تقدَّم، يا أيُّها الغافرون، وما قد تأخَّر مِن ذنبهِ - لم يَجِدْ غيرَ حِبْر الضلال لكي يكتب الأُغنيهْ. حالة المنفيّ فرَّ من قومِه، عندما قالت الظُلماتُ: أنا أرضُه وأنا سِرُّها. كيف، ماذا يُسمّي بلاداً لم تعد تنتمي اليه، وليس له غيرُها؟ حالة الضالّ كم تنوَّر ليلَ الذِّئابْ، هرباً من سماءٍ، هرباً من بلادٍ، هرباً من كتابْ. حالة الفيلسوف "كلَّ يومٍ أفتشُ عن هاربٍ تحت جلدي"، يقولُ يكرّر: "جسمي حصارٌ، وأرضي حصارٌ". ويؤكِّدُ: "لا، لستُ أشكو". ويسألُ: ما ذلك النّواحُ؟ المدينةُ، هذا المساءْ ورقٌ طائرٌ. هل يقومُ الترابُ على قدميه؟ ... ... ... ... عاصِفٌ من هباءْ. حالة الأمة أمةٌ - غابةٌ ذبحتْ طيرَها لترى في دَم المذبَحهْ كيف يجتَرُّ جسمُ الطبيعةِ ذاكرةَ الأجنحهْ. حالة الحاكم عقلُهُ مُخطئٌ، ولكن كرسيَّهُ مُصيبٌ: البلادُ انحناءٌ له، ولدولابه. حالة الصديق أيُّهذا الصَّديق الذي كنتُ سمّيتُه بِاسْمِ أيامهِ وأهوالها، أنتَ في شهقةٍ، وأنا زفرةٌ. نتهجّى الخرابَ الذي يتفجَّرُ فينا ونقرأ آياتِه، كي تكونَ ضياءً لمراراتِنا. حالة اليقين لا أشكّ: الخيول التي أسْرَجَتْها الخرافاتُ، تقتلُ فرسانَها.