تتجه اليوم أنظار الجماهير الإماراتية خصوصاً والعربية عموماً، إلى ملعب "راج مونجاد" في بانكوك حيث يخوض ممثل كرة القدم العربية، فريق نادي العين نهائي بطولة الأندية الآسيوية أبطال السوبر في نسختها الأولى أمام مضيفه تيرو ساسانا التايلاندي... ولم يسبق لأي فريق إماراتي أن أحرز لقب أي بطولة آسيوية للأندية، فيما أحرزت تايلاند لقبين في كأس الأبطال سابقاً عبر تاي فارمز عامي 1993 و1994. "موقعة السبت"... كما يطلق الجميع عليها في الإمارات، هي العشاء الأخير قبل الفوز باللقب الآسيوي الكبير ومعه نصف مليون دولار عداً ونقداً... فضلاً عن التربع على عرش زعامة الأندية الآسيوية. "موقعة السبت" صارت هدفاً جميلاً وحّد كل الإماراتيين باختلاف أهوائهم وألوانهم، يأملون بتحقيقه أن يُشفي ظمأهم للألقاب القارية ويعزز صورتهم الكروية عشية احتضان نهائيات كأس العالم الشباب في أعقاب عيد الفطر مباشرة في أواخر الشهر المقبل. الأكيد أن العين تحوّل إلى بانكوك مطمئناً بعد أن فاز على أرضه على ملعب طعنون بن محمد في المباراة الأولى 2-صفر... وهي أسبقية مهمة وجيدة، خصوصاً بعدما اكتسب العين خبرة متنامية في الإطاحة بأبطال القارة من الأندية السعودية والقطرية بفضل ذلك التجانس ما بين مواهبه المحلية ونجومه الأجانب والإضافة النوعية لمدربه الفرنسي برونو ميتسو... من دون أن ننسى أن كرة القدم لا تعبأ كثيراً بالتاريخ والحقائق المسبقة وتنسج حقيقتها الوحيدة على مدار الدقائق التسعين الأخيرة في عمر هذه المسابقة الطويلة، وهو ما يجب أن يضعه لاعبو الإمارات في اعتبارهم. الجماهير الإماراتية لم تتخل عن واجبها تجاه هذه المهمة الوطنية، وشدت الرحال إلى بانكوك على متن طائرة خاصة ورحلة مجانية بعدما قامت السفارة الإماراتية بمجهود محمود لتشجيع الجالية العربية لحضور النهائي الآسيوي. وحطم الإعلام المحلي رقماً قياسياً في الانتقال إلى موقع الحدث بابتعاث 35 إعلامياً لمتابعة الزعيم العيناوي... وأصبح يوم السبت 11 تشرين الأول أكتوبر 2003 حدثاً مهماً ومنعرجاً حاسماً في تاريخ كرة القدم الإماراتية... استبشر لاعبو العين بالأمطار التي استقبلتهم في تايلاند، ولم يخف البعض الآخر تفاؤله بتعيين الكويتي سعد كميل حكماً للنهائي. لكن الرطوبة العالية التي تعرفها بانكوك هذه الأيام، وتحوف كميل من أن يتهم بالانحياز لانتمائه العربي، ربما مثّلا خط الضغوطات الأقوى في مشوار العين الأخير. فرح الإماراتيون بالأجواء الإيجابية التي استقبلوا بها في تايلاند، وهي كانت مخالفة تماماً لعدائية جماهير داليان الصيني، وسعدوا بتواضع مدرب ساسانا أتوبال الذي اعترف بصعوبة المهمة وقطع العين ل60 في المئة من مشواره للقبض على الكأس... اندهشوا من المتابعة الإعلامية التايلاندية المتواضعة للنهائي الآسيوي، ومجهودات تيرو ساسانا لاستقطاب الجماهير عبر فتح أبواب الملعب مجاناً أمام الجميع... لكن مع كل هذا يبقى معلقاً في ذاكرة التاريخ أن تيرو ساسانا، ذلك النادي الذي أسس حديثاً وتحديداً في عام 1992 وترعاه مجموعات اقتصادية ضخمة، لم يسبق له قط أن خسر على أرضه في مسيرته الآسيوية... فهو أطاح بفرق عريقة من بين أبرزها داليان الصيني وفورنكان الأوزبكستاني، وعلى رغم افتقاده أحد أعمدة دفاعه وهو ويتايا الذي يغيب بسبب بطاقة حمراء... يبقى أن وراء هذا الهدوء والتواضع التايلاندي تفوح رائحة الخديعة. تبدو مباراة اليوم تحدياً تكتيكياً ما بين ميتسو وأتوبال، وسيسعى الأول إلى تحقيق حلمه بإحراز لقب أفضل مدرب لنصف العالم، بعد أن توّج بالتاج الأفريقي في موسمين، في حين يحلم منافسه بقلب المعادلة عبر دفع الجميع إلى ركلات الترجيح وضربات الحظ... وهو سيحاول حتماً الإفادة من "الدهشة" التي تصيب لاعبي العين في الشوط الأول والتي أصبحت علامة مميزة له، وسيعمل على إحراز التقدم منذ الربع ساعة الأول. ولا شك في أن لاعبيه يخضعون لضغوطات هائلة بسبب فارق هدفي الذهاب، وربما تركوا منطقتهم غير محصنة في سعيهم الهجومي وطريقتهم التقليدية بالضغط على حامل الكرة وهاجسهم في محاصرة "ثعلب العين" البرازيلي رودريغو... لكن، وفي مقابل هذا كله، وعلى رغم اعتراف ميتسو بالإمكانات الجيدة لمنافسه التايلاندي وتخوفه من عامل المفاجأة على أرضه، فإنه أقسم على استغلال الفرصة السانحة... وهو استعاد اللاعبين المصابين القائد سالم جوهر والإيراني فرهاد مجيدي، وعمل جاهداً قبل المباراة أن يلغي طموح التعادل من أذهان لاعبيه وحثهم على تحقيق الانتصار ليكون التتويج العيناوي عن جدارة واستحقاق... دعا اللاعبين للضغط منذ بداية المباراة لامتصاص الغضب التايلاندي، وهمس في أذن الحارس وليد سالم مشجعاً ومؤكداً على دوره الحيوي في هذه "الموقعة"، واختار عبدالله علي ونهد علي والفرنسي أبين أنانو وحميد فاخر لخط الدفاع، ورودريغو وسبيت خاصر وسالم جوهر وغريب لخط الوسط، والثنائي فيصل علي ومحمد عمر للهجوم... مع الاحتفاظ بورقة الإيراني فرهاد مجيدي لمتغيرات اللعبة. لا أحد يعلم ما يحمله هذا النهائي الآسيوي، لكن العين أصبح على مرمى 90 دقيقة من الزعامة القارية التي يتمناها له كل عربي مخلص.