بمنح جائزة نوبل للسلام للمحامية الإيرانية شيرين عبادي، أثبتت لجنة جوائز نوبل حفاظها على تقليدها بتكريم رموز العدل والحق والمساواة والديموقراطية في العالم. وحمل منح هذه الجائزة دوماً مضموناً سياسياً، لذلك لا يخفى المضمون السياسي الجلي لاختيار عبادي. إذ إن اللجنة المكونة من خمسة أعضاء وتضم ثلاث نساء ربما اختارت الناشطة الإيرانية وسيلة للدعوة إلى التغيير في دولة وصفها الرئيس جورج بوش بأنها جزء من "محور الشر" إلى جانب العراق قبل الحرب وكوريا الشمالية بدلاً من منحها لبابا روما المريض أو للرئيس التشيخي السابق فاتسلاف هافل نظير العمل طوال حياته من أجل السلام. ويعتقد مراقبون أن اللجنة تسعى للترويج للمعتدلين في العالم الاسلامي منذ هجمات 11 أيلول سبتمبر عام 2001 على الولاياتالمتحدة لتجنب الصراعات بين الأديان بعد الحروب التي قادتها الولاياتالمتحدة ضد أفغانستانوالعراق. وحملت الجائزة من دون شك مضموناً سياسياً منذ منحها أول مرة إلى السويسري جان هنري دونان مؤسس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الذي حصل عليها مناصفة مع الفرنسي فريدريك باسي مؤسس أول جمعية فرنسية للسلام الرابطة الدولية الدائمة للسلام. إذ استخدمت الجائزة لتكريم كفاح في منطقة معينة من أجل حقوق الإنسان وكذلك لتمثل التزاماً عاماً بالسلام في أنحاء العالم. كما منحت الجائزة في بعض الأحيان لمنظمات إنسانية مثل لجنة الصليب الأحمر ومنظمة العفو الدولية ومنظمة "الحملة الدولية لحظر الألغام" ومنظمة "أطباء بلا حدود". وجاءت الجائزة لتكريم جهود تلك المنظمات وقدرتها على التعامل مع كافة الدول التي جعلت من عمل تلك المنظمات ضرورياً خصوصاً في وقت الحرب. وتبين نظرة سريعة على أسماء الفائزين بالجائزة في الفترة الأخيرة التركيز القوي على الأشخاص الذين التزموا العمل من أجل حقوق الإنسان وتخفيف معاناة البشر. وينطبق ذلك على الفائز بالجائزة العام الماضي الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر الذي كانت حقوق الإنسان في أنحاء العالم بالنسبة إليه المبدأ الأساسي خلال فترة رئاسته للولايات المتحدة، وكذلك الأساس الذي قام عليه "مركز كارتر" الذي أسسه قبل 20 عاماً لتحقيق رؤيته المتعلقة بالديبلوماسية في العالم. وفي العام الذي سبق منحت الجائزة لمنظمة الأممالمتحدة وأمينها العام كوفي أنان، كما منحت عام 1988 لقوات حفظ السلام الدولية، وذلك في مؤشر على الاعتراف بالعمل المتواصل للمنظمة الدولية في حل النزاعات في كافة أنحاء العالم. وحصل على الجائزة أشخاص بادروا إلى التوصل إلى حلول لخلافات تتسبب في نزاعات بين الشعوب والدول الجارة. فمنحت عام 2000 لرئيس كوريا الجنوبية كيم داي جونغ لجهوده من أجل تحقيق التقارب مع الشمال وفي عام 1998 لجون هيوم وديفيد تريمبل للتقدم الذي أحرزاه في النزاع المرير في إيرلندا الشمالية بين الكاثوليك والبروتستانت. وربما تكون أبرز جوائز سلام مشتركة هي تلك التي منحت لزعماء في الشرق الأوسط وجنوب أفريقيا. ففي عام 1994 منحت الجائزة للزعيمين الإسرائيليين إسحق رابين وشمعون بيريز والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بعد المصافحة التاريخية بينهم في حديقة البيت الأبيض التي أشاعت الأمل بتحقيق السلام في المنطقة. إلا أن عملية السلام في الشرق الأوسط تدهورت في أعقاب اغتيال رابين والحصار الذي فرضته إسرائيل على مقر عرفات في الضفة الغربية. ومنحت الجائزة للزعماء الثلاثة بعد 16 عاماً من منحها لكل من الرئيس المصري السابق أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن لجهودهما لتحقيق السلام في المنطقة. ومن بين أبرز الحاصلين على الجائزة نلسون مانديلا مناصفة مع رئيس جنوب أفريقيا السابق فريدريك دي كلارك عام 1993 اعترافاً بجهود الرجلين في إزالة نظام الفصل العنصري.