قرر المغرب واسبانيا وضع خلافاتهما السياسية جانباً والتركيز على الجوانب الاقتصادية والتجارية في هذه المرحلة من علاقات البلدين التي تشهد محاولة لتطبيع تدريجي وعودة السفيرين سيتم الاعلان عنها بعد اجتماع وزيري خارجية البلدين الخميس في الرباط. قال رئيس مجلس اتحادات رجال الأعمال الاسبان والمغاربة، خوسيه ميغيل زالدو، ل"الحياة"، أمس، إن مدريدوالرباط تتجهان نحو تعزيز علاقاتهما التجارية والاقتصادية والافادة من حماسة رجال الأعمال، لتقريب وجهات نظر السياسيين. وأشار في تصريحات على هامش اجتماع رجال الأعمال في البلدين، برعاية رئيس الحكومة، ادريس جطو، الى ان المغرب "مؤهل أكثر من أي وقت مضى" ليلعب دور حلقة الوصل الاقتصادية والتجارية بين الاتحاد الاوروبي و"منطقة إعلان أغادير" العربية والمنطقة التجارية الحرة المرتقبة مع الولاياتالمتحدة. وقال: "ان هذا شيء جيد للمستثمرين الاسبان الذين يمكنهم هكذا الرهان على كل تلك الأسواق انطلاقاً من المغرب، عبر تفعيل مختلف الاتفاقات الثنائية ومتعددة الاطراف". وكشف ان الطرفين قررا إنشاء شركات مختلطة في قطاعات السياحة والاتصالات والطاقة والصيد البحري والصناعة والخدمات استعداداً لتحرير أسواق تلك المناطق. وأضاف ان السياسيين في البلدين باتوا يدركون ان الاقتصاد والاستثمار يوجهان مصير العالم، و"ان الاقتصادي بامكانه معالجة الأزمات السياسية وليس العكس، بدليل ان العلاقات الاقتصادية بين الرباطومدريد بقيت متواصلة على رغم الخلافات السياسية القائمة، لا بل انها تضاعفت في ثلاث سنوات". من جهته، قال رئيس الحكومة المغربية، ادريس جطو، ان المبادلات التجارية زادت الى 2.5 بليون يورو العام الماضي، لتكون اسبانيا الزبون التجاري الثاني للمغرب بعد فرنسا، بنسبة 12 في المئة من المبادلات، في حين احتلت الرباط المرتبة العاشرة في قائمة زبائن اسبانيا التي استثمرت 238 مليون يورو. واعتبر جطو ان "منطقة إعلان اغادير" التي سترى النور قريباً وتضم المغرب ومصر وتونس والاردن، تمثل سوقاً تضم 110 ملايين نسمة ستشكل فرصاً سانحة للمستثمرين الاسبان الذين سيكون بامكانهم الافادة أيضاً من منطقة التجارة الحرة مع الولاياتالمتحدة التي سيتم التوقيع عليها قبل نهاية السنة الجارية بعد جولة مرتقبة في نهاية آذار مارس المقبل في الرباط. وقال جطو ان "الروابط الاقتصادية هي الركيزة التي يجب ان تقوم عليها العلاقات الاسبانية - المغربية كي تكون قوية ودائمة ومتينة تستند الى معرفة متبادلة والى آفاق رحبة يفتحها اقتصادا البلدين والى شبكة قوية من الفاعلين الاقتصاديين". ووفقاً لتصريحات رجال أعمال من البلدين ل"الحياة"، فإن اللقاء المرتقب الخميس بين وزيري الخارجية محمد بنعيسى وآنا بلاسيو، سيتم في "ظروف مساعدة للتوصل الى إعادة الدفأ للعلاقات"، الذي سيسفر عن الاعلان عن عودة السفيرين، كل الى مركز عمله في العاصمتين، و"تجنب كل ما من شأنه إثارة حفيظة الطرف الثاني في علاقات يتداخل فيها التاريخ والجغرافيا مع المال والأعمال". واعتبر رجال الأعمال الاسبان ان السماح لنحو 64 باخرة صيد من إقليم غالسيا التي تضررت سواحله من غرق سفينة النفط "برستيج" أخيراً، باستئناف الصيد في المغرب، فتح شهية شركات باتت تراهن على تحسن العلاقات السياسية للاستثمار في المغرب. وترغب اسبانيا حالياً في الحصول على عقود عمل في قطاعات البنى التحتية، مثل ميناء طنجة المتوسطي وشبكة الطرق السريعة ومشاريع تثنية خطوط السكك الحديد، وفي قطاعات العقار والطاقة ومياه الشرب، وهي مشاريع تزيد قيمتها على عشرة بلايين دولار. كما طلب رجال أعمال اسبان من الحكومة المغربية المساعدة في الدخول في برامج التخصيص، خصوصاً شراء حصص في شركة "ريجي دو تابا" للتبغ، التي سيتم الاعلان عن تخصيصها في الربع الثاني من السنة الجارية. وعلّل الاسبان رغبتهم بالقول انه بعد الحصول على الرخصة الثانية للهاتف الثابث الذي فازت به "تيليفونكا" قبل 4 أعوام، وفّرت الشركة 10 آلاف فرصة عمل واستثمرت نحو بليون يورو في المغرب. ولم تخفِ مصادر رجال الأعمال الاسبان في تصريحات ل"الحياة"، ان الصعوبات التي تواجهها شركات اسبانية في اميركا اللاتينية ومناطق اخرى في العالم، تدفعها إلى الرهان على السوق المغربية القريبة، التي قد تمتد لاحقاً الى خليج العقبة شرقاً والى خليج سان فرانسيسكو غرباً، وهو المعطى الجديد الذي سيحول الخلاف حول جزيرة ليلى ومناطق حدودية أخرى الى ورقة رابحة للمغرب، على رغم إصرار الحكومة الاسبانية على فصل الشأن السياسي عن الشأن الاقتصادي.