شنغهاي - رويترز - حذر محللون الشركات الاجنبية الكبرى التي تستثمر بلايين الدولارات في صناعة البتروكيماويات المزدهرة في الصين من ان المنافسة الضارية التي تشهدها السوق ستزداد ضراوة في المستقبل. وتبدو المعادلة سهلة جداً، اذ تقيم الشركة خط انتاج محلي لخفض التكاليف وتختار شريكاً محلياً لاجتذاب العملاء والوسطاء وتبيع انتاجها في سوق تستورد نصف حاجاتها من الكيماويات ويتوقع ان تنمو سريعاً خلال السنوات القليلة المقبلة. وهذا ما يدعو "اكسون موبيل" و"رويال داتش شل" و"بي بي" و"باسف اي جي" للاستثمار من اجل انتاج 2.9 مليون طن من البتروكيماويات في الصين بحلول سنة 2005. وتبني هذه الشركات مجموعة من مصانع البتروكيماويات الضخمة معظمها مع شركة "سينوبك كورب" الحكومية العملاقة في المنطقة الساحلية المزدهرة في الصين في رهان مضمون على واحد من اسرع اسواق البتروكيماويات نمواً في العالم. وقال محللون ان المنافسة قد تصبح اكثر ضراوة، اذ يسعى مصدرون من الشرق الاوسط لدخول السوق الصينية نظراً لضعف الاسواق الاخرى. وأضاف المحللون ان التوقيت قد لا يكون مناسباً للشركات الجديدة التي تسعى لدخول السوق، اذ ان الصناعة التي بدأت مرحلة الانتعاش من اسوأ موجات الركود في تاريخها قد تواجه مرة اخرى اتجاهاً نزولياً اذا ما بدأ الانتاج في عدد من احدث مصانع البتروكيماويات في اماكن اخرى في العالم في سنة 2005. وقال شنغ كو المحلل الاقليمي في"يو بي اس واربورغ" لشؤون النفط والكيماويات في هونغ كونغ: "ستبدأ الدورة الاقتصادية الاتجاه النزولي من جديد عندما يبدأون جميعاً الانتاج في سنة 2005". وتابع: "سيستفيد الذي يبدأ الانتاج اولاً نظراً لشح امدادات المعروض في ذلك الوقت. يتوقع الناس ان يبدأ التراجع من جديد في سنة 2005". الا ان الامل لايزال قائماً، اذ يقول محللون ان بعض المصانع الضخمة لن يمكنها التزام المواعيد المحددة لبدء التشغيل. وقال محلل في بنك استثماري كبير: "يتوقع الناس ان تبدأ الدورة في التراجع عن نقطة الذروة في سنة 2005 لاحتمال طرح انتاج كل هذه المشاريع في السوق لتفسد الحفلة. ستثور مشاكل هائلة في السوق اذا بدأوا جميعاً الانتاج في الوقت نفسه، ولكن لا اعتقد ذلك". ويجمع الخبراء على توقعات متفائلة في شان السوق الصينية على المدى الطويل، اذ يتوقعون ان يعزز النمو الاقتصادي الطلب على الكيماويات التي تستخدم في جميع الصناعات من صناعة السيارات الى الغسالات والمنسوجات. ويتوقع ان ينمو اجمالي الناتج المحلي للصين بنسبة سبعة في المئة سنوياً على الاقل على المدى القصير، ما يساعد على نمو الطلب على البتروكيماويات بنسبة عشرة في المئة خلال السنتين او السنوات الثلاث المقبلة. وقال كو: "دخول السوق في الصين افضل من اي مكان آخر". وقال رئيس "سينوبك" لي يتشونع ان المصانع لن تتنافس تنافساً مباشراً، اذ تنتج "باسف" وبي بي" الايثيليين والبولي ايثيلين الا ان الاولى تركز على الاحماض والعطريات بينما تنتج "بي بي" البوليمرات مثل البوليبروبيلين والبوليستيرين. وقال في شنغهاي في الاسبوع الماضي: "سيكون لكل شركة تخصصها. هذا ما قررناه بعد ابحاث موسعة في السوق". وقالت شركات اجنبية ان السوق الصينية وهي من اكبر الدول المستوردة للبتروكيماويات فرصة جيدة يجب الا تفوتها. وقال اريك بادن رئيس "ديغوسا الصين" امام مؤتمر للصناعة عقد في شنغهاي هذا الشهر: "انها مهمة للعديد من الشركات متعددة الجنسيات لان صناعة الكيماويات العالمية دخلت مرحلة تباطؤ بينما تتوقع الصين فرص نمو مثيرة للاهتمام". وتفيد بيانات رسمية ان الصين تستهلك 10.5 مليون طن سنوياً من الايثيلين. ويستخدم الايثيلين كمادة خام لتصنيع اللدائن والالياف وكيماويات اخرى. وتتوقع "سينوبك" ان يرتفع الطلب على الايثيلين الى 13 مليون طن سنوياً في سنة 2005 . ويقدر خبراء الصناعة ان طاقة الانتاج سترتفع الى 8.35 مليون طن سنوياً من 4.81 مليون طن حالياً. وتعتقد "بي بي" ان تغطية العجز يحتاج لانشاء سبعة مصانع عالمية المستوى. وقال اندي لي المحلل من "شينين وانغو" للابحاث والاستشارات: "الفجوة بين العرض والطلب تتسع. لذا فان مستقبل مصانع البتروكيماويات التي تقام في المناطق الساحلية مشرق". الا ان الطلب شيء وتحقيق ارباح شيء اخر. ومني قطاع الكيماويات في "سينوبك" بخسائر تشغيل قدرها 476 مليون يوان 57.5 مليون دولار في النصف الاول من السنة الجارية بعد ان بقيت الاسعار قرب ادنى مستويات لها نتيجة موجة الركود في الأعوام الاخيرة. وقال محللون ان المنتجين سيواصلون تدافعهم على اغراق الصين بمنتجات رخيصة مع بقاء الطلب مستقراً في الاسواق التقليدية. وانخفضت التعرفات الجمركية على واردات الكيماويات بنسبة 3.7 في المئة منذ انضمام الصين لمنظمة التجارة الدولية في العام الماضي. وقال خبراء انها ستنخفض اكثر، ما يشجع على الشراء من الخارج. ويبدأ عدد من المصانع العالمية الضخمة في الشرق الاوسط الانتاج في الوقت نفسه، ما يؤدي لحدوث وفرة في امدادات المعروض مثلما حدث العام الماضي. وقال بادن: "ستشتد المنافسة للفوز بقطعة من الكعكة في السوق الصينية فيما تسعى كل شركة لاستغلال انخفاض التعرفات الجمركية ونظام تجاري اكثر ملائمة. الفوز في الصين لن يكون سهلاً. فالمنافسة الضارية لا تقتصر على الشركات الاجنبية بل تشمل ايضا الشركات المحلية الرائدة".