تعود نضال الأشقر إلى دائرة الضوء، من خلال العرض الذي تقدّمه مساء غد الجمعة في "مهرجانات بعلبك الدولية". والعرض ينتمي إلى شكل احتفالي اشتغلت عليه الفنّانة اللبنانيّة في السنوات الماضية تحت عنوان "كلمات تعشق النغم" ويرتكز الى الشعر والغناء والإنشاد والارتجال الموسيقي. وقد جالت بهذه العروض على العالم العربي وأوروبا... قبل أن تحصد نجاحاً واسعاً منذ أسابيع في احتفالات افتتاح مكتبة الاسكندريّة، ثم في قلعة صلاح الدين في القاهرة، حيث قدّمت عرضاً خاصاً بالمناسبة. عرض "كلمات تعشق النغم - 2" يعتمد المفردات الجماليّة نفسها، وهو بمثابة تحيّة إلى مصر في اليوبيل الذهبي لثورة يوليو تموز، على لسان شعراء مثل خليل مطران، صلاح عبد الصبور، احمد شوقي، أحمد عبدالمعطي حجازي، فاروق شوشة، أمل دنقل وأحمد رامي... وتبدأ الصيغة الجديدة من "كلمات تعشق النغم" على شكل تحيّة إلى بعلبك وإلى لبنان، مع شعراء النهضة، وتنتهي بالمحدثين. القصائد مأخوذة من: الاخطل الصغير، إيليا أبو ماضي، إلياس أبو شبكة، خليل حاوي، محمد مهدي الجواهري، فؤاد سليمان، خليل مطران، مخائيل نعيمه، بولس سلامة، أمين نخلة، أدونيس، الفيتوري، سعيد عقل، ناديا التويني، بلند الحيدري، ايتيل عدنان، جورج شحادة، أنسي الحاج، بدر شاكر السياب، نزار قباني، محمود درويش، سميح القاسم وفدوى طوقان... إضافة إلى تكريس حيّز خاص بالحبّ الصوفي من خلال قصائد ابن الفارض، ابن عربي، الحلاج ورابعة العدوية... وتعمل الاشقر على "اعادة الاعتبار إلى الانشاد والمسرحة واللغة الطقوسيّة، كعناصر تنتمي إلى الفرجة الشعبيّة، وتكون في خدمة الشعر". وهي إذ تقوم بمسرحة قصائد من التراث العربي بقديمه وحديثه، تبني رؤيتها المشهديّة حول علاقة الشعر بالغناء، بل وتقوم بعمليّة "حياكة" شعريّة - غنائيّة - تمثيليّة. لقد قامت بانتقاء القصائد بعناية، مقترحة على جمهور بعلبك في "كلمات تعشق النغم - 3"، رحلة بانوراميّة، تبدأ من أواخر القرن ال19 وتطلّ على مشارف القرن الجديد... وهي تنظر إلى احتفالها بصفته "مسرحية غنائية شعرية"، و"عرض متكامل بصري - سمعي - روحي يقوم فيه الشعر مقام النص المسرحي". وقد صممت السيناريو، وقامت بتوليف المقتطفات الشعريّة و"حياكتها" فتتداخل الأصوات، وتنصهر في نصّ واحد، متعدد المستويات والأغراض. ويستمرّ العرض الذي صمم خصيصاً لمعبد باخوس، ساعة ونصفاً من دون استراحة، ليقول "لبنان الآخر الذي ما زال جيلنا يحلم به". ويشارك في عمل نضال الأشقر الجديد فنانون سبق أن خاضوا معها المغامرة السابقة، وبينهم رندة الأسمر وجهاد الأندري وخالد العبد الله وجاهدة وهبي ومحمد عقيل. ستة فنانين في العراء، في ليل بعلبك، تخت شرقي متقشف جداً، أشبه بالكورس الاغريقي الذي يتناسب مع طقوسيّة المكان. والجدير ذكره أن مهرجانات بعلبك، تغامر من خلال دعوة نضال الأشقر وممثليها وموسيقييها ومنشديها، في تقديم شكل تعبيري جديد، يخرج عن السياق المعهود، من موسيقى واستعراض ومسرح وغناء. من هنا الخطوة الجريئة في مواجهة الجمهور بعمل فنّي قائم على الحميميّة، مهما علت نبرته الوطنيّة والخطابيّة أحياناً، ومديرة "مسرح المدينة" البيروتي لا تخلو جعبتها من وسائل التأثير واجتذاب اهتمام المشاهدين.