منذ ان تأسست مؤسسة السينما في سورية وحتى الآن، وعلى رغم انتاجها الكثيف في بداية السبعينات من القرن الماضي، كان لافتاً للانتباه غياب اي تجربة اخراج سينمائية للمرأة. وبعد مرور كل هذه العقود، يتاح الآن لمخرجة سورية ان تقدم فيلمها الأول الذي انتجته المؤسسة العامة للسينما هي الفنانة واحة الراهب التي عرفت ممثلة أدت الكثير من الأدوار المهمة في مسلسلات عدة منها "القلاع" لزوجها المخرج مأمون البني. وكان أول أدوارها في مسلسل "غضب الصحراء" مع المخرج هيثم حقي. ثم عرفناها بعد ذلك مخرجة في مسلسل "بيت العيلة" وفي سهرة "حقيبة لرأس السنة". وأخيراً أنجزت واحة فيلمها الأول الذي كتبته بنفسها وانضمت الى مجموعة المخرجين السوريين الذين يكتبون أفلامهم ويخرجونها. ويحمل الفيلم عنوان "رؤى حالمة". تدور أحداث الفيلم حول فتاة حالمة، تنتمي الى أسرة متوسطة الدخل تحمل تناقضاتها المختلفة ويهيمن عليها أب مزدوج الشخصية. تقيم تلك الأسرة في حي شعبي يضم فئات مختلفة من المجتمع، ويحمل بدوره تناقضاته، كما في أنماط بنائه التي تتباين بين القديم والحميم بدفئه الداخلي المنغلق وبين البناء الحديث الشامخ والأصم، ضمن تركيبة مجتمع يعاني افراده أشكالاً متنوعة من القهر والكبت والحرمان والضغوط التي تولد ردود فعل مختلفة ومتناقضة، بين نزوعها الى التمرد على القيم الاجتماعية وبين الاستكانة لها، والتي تعكس نفسها سلباً على مختلف أوضاعهم، وتكشف هشاشة اعماقهم الناتجة من كونهم غير أحرار داخلياً. كل ذلك من خلال ردود فعل متناقضة للحي وللعائلة على اختفاء ابنتهم البطلة، مروراً بمراحل عدة في حياتها وانتهاء بيوم الاختفاء وذلك في زمن الاجتياح الاسرائيلي للبنان. هذه التناقضات تعكس نفسها على الفتاة بانكفائها أكثر وتقوقعها السلبي على ذاتها أمام الخوف من مواجهة الحياة وخوض التجربة والتعويض عن ذلك بالانجراف أكثر الى أحلام يقظة واهمة، ومنامات كابوسية، تنافس فيها الواقع وتتماهى معه، لكن هذه المنامات ستسعفها احياناً في تشكيل رؤى جديدة لحياتها، وبلورة موقع لها في الحياة. الفيلم لم يعرض حتى الآن، فالمخرجة ما زالت في نهاية عمليات مونتاجه، والسؤال يبقى عما ستقدمه اول بصمة نسائية في تاريخ السينما السورية؟ الممثلون في الفيلم هم سليم صبري، باسل الخياط، نادين سلامة، رجاء قوطرش، سامر المصري، حلا عمران، أمل عمران، نضال سيجري، عابد فهد، سحر فوزي، ليلى سمور، ريم علي وآخرون.