هناك جدل في مصر بين الجامعات ووزارة الصحة بسبب طرح الأخيرة برنامج "الزمالة" المصري الذي يهدف الى تدريب الاطباء الشبان ورفع كفاياتهم المهنية، الامر الذي أثار حفيظة الجامعات التي اعتبرت أن منح الشهادات من صميم اختصاصاتها وليس من شأن وزارة الصحة. ورفعت المشكلة لرئيس الحكومة المصرية للفصل فيها، وفي ضوء ذلك استطلعت "الحياة" آراء الجانبين. وقال أمين اللجنة العليا للتخصصات الطبية في وزارة الصحة الدكتور أحمد الخولي: إن شهادة "الزمالة" ليست امراً مستحدثاً، فهي تمنح في الدول الاوروبية والولايات المتحدة الاميركية وأيضاً دول عربية، غير أن مصر هي الدولة الوحيدة التي لم تعرف بعد شهادة "الزمالة"، وتلك الشهادة لا تمنحها الجامعات وانما مسؤولة عنها هيئات خاصة تشرف عليها سواء تمثلت في وزارة الصحة أو غيرها، والموضوع لا صلة له بالجامعات التي يقتصر دورها على منح الشهادات الاكاديمية، البكالوريوس والديبلوم والماجستير والدكتوراه. لذا ليست شهادة الزمالة اكاديمية وانما مهنية يحتاج الحصول عليها الى التدرّب على مهارات خاصة في جميع الفروع الطبية. ويهدف برنامج الزمالة الى رفع مستوى الاطباء البالغ عددهم نحو 150 ألف طبيب معظهم في وزارة الصحة، من خلال تدريبهم اكلينيكياً وعلمياً، وأيضاً الجمع بين الخبرة والتعليم لأساتذة الجامعات واستشاريي المستشفيات. ونبه الخولي الى ان زيادة عدد الاطباء خلال السنوات الاخيرة وعدم وجود أماكن كافية لتدريبهم ادى الى افتقاد معظمهم التدريب الملائم بصورة تدعو للقلق، وأضاف: "ان نسبة اجتياز اختبارات الزمالة من الخارج من الاطباء الحاصلين على بكالوريوس الطب بتقديرات ممتاز وجيد من واحد الى ثلاثة في المئة، وأجر الطبيب المصري الحاصل على الدكتوراه في بعض دول الخليج لا يتجاوز راتب الحاصل على ديبلوم في الطب من دولة كالهند، لذا تبنت وزارة الصحة برنامج الزمالة ورصدت له كل عوامل النجاح ومقدرتها على التدريب لامتلاكها اعداداً كبيرة من المستشفيات التابعة بالشروط التي تجعلها صالحة. ويخضع قبول المتدربين لشروط. وأولوية القبول لصغار السن والمتقدمين علمياً، ويشترط في المتدربين حصولهم على الدكتوراه أو ما يعادلها. أما مشرفو التدريب فهم من اساتذة الجامعات اعضاء المجالس العلمية ويشارك أكثر من 320 من كبار اساتذة الجامعات المصرية في عضوية المجالس العلمية البالغ عددها نحو 18 مجلساً موزعة على تخصصات الزمالة، ويضم كل مجلس في عضويته نحو 15 استاذاً ويختص كل عضو من اعضاء المجلس بالاشراف على التدريب في احد المستشفيات المنضمة الى الزمالة في التخصص التابع. وأضاف الخولي أن وزارة الصحة تجري اتصالات للاعتراف المتبادل مع البورد العربي وايضاً اتصالات للاعتراف المتبادل مع الزمالة البريطانية في طب الاسرة والنساء والتوليد. ويذكر أن نسبة النجاح في امتحان الجزء الاول للزمالة المصرية في شباط فبراير العام 2001 بلغ نحو 47 في المئة فقط وبلغ عدد اطباء الزمالة في العام المنصرم نحو 2419 طبيباً منهم 60 طبيباً من غير العاملين في وزارة الصحة. وقال عميد كلية طب القصر العيني الدكتور صالح بدير ان فكرة انشاء مجلس مصري للتخصصات الطبية ليست جديدة على التعليم الطبي، فقد كانت الجامعة هي أول من نادى بتلك الفكرة في العام 1983. وأصدر وزير التعليم العالي في ذلك الوقت قراراً بتشكيل مجلس أعلى للتخصصات الطبية، لكن الفكرة تعثرت أمام الصعوبات المادية. ويرى بدير ان المشكلة الحالية تكمن في انفراد وزارة الصحة بتنظيم هذه الدراسات وهو أمر قد يفتح المجال لتداخل الاختصاصات وضياع المسؤوليات وازدواج المعايير، فلا يمكن لجهة واحدة مهما امتلكت من إمكانات ووسائل ان تدعي أنها يمكنها بمفردها تصميم وإعداد وإدارة وتنفيذ ومتابعة وتطوير برامج متكاملة للدراسات العليا في الطب في حوالى أكثر من 30 تخصصاً الى جانب عدد آخر من التخصصات الطبية الشديدة الدقة. ويتساءل عميد طب القصر العيني: "كيف يمكن لوزارة الصحة ان تنجح في منح تلك الشهادة وحدها لعدد محدود من اساتذة الطب في مصر لا يزيد على 300 طبيب، فلا توجد أسس موضوعية للتعامل معهم سواء عند الاتفاق او الاختلاف؟". وقال بدير: نحن لا نهاجم برنامج الزمالة المقترح ولا نلجأ ايضاً للتعاريف والتصميمات المهمة مثل القول إن البرنامج يمنح شهادة مهنية وليست أكاديمية وان الغرض منه هو التدريب وليس التعليم، وحذر من تخريج اطباء شباب بهذا الأسلوب. ويرى الدكتور سمير عبدالعظيم استشاري أمراض النساء والتوليد ان فكرة تدريب الاطباء ورفع كفايتهم تعد فكرة صائبة، فلا توجد تحفظات عن قيام كل وزارة برفع مستوى العاملين فيها، غير أنه يجب ان يبقى معروفاً ان دور الوزارة هو التدريب فقط بمعنى أنه لا يمتد هذا الدور الى تحويل الوزارات سلطة تمنح أي شهادات لان ذلك من اختصاصات الجامعات المعترف بها رسمياً. وأضاف عبدالعظيم: إن استخدام كلمة الزمالة في الحديث حول التدريب الذي تقوم به وزارة الصحة لاطبائها هو استخدام في غير محله، لأنه قد يؤدي الى انصراف المستمع للكلمة الى اعتبار هذا التدريب مماثلاً أو له علاقة بالزمالة البريطانية وهو أمر غير صحيح لذا يجب عدم الخلط. واتفق الدكتور لبيب رزق استشاري الاطفال في الرأي مع فريد وقال يجب الفصل بين الشهادات والدرجات العلمية التي تمنحها الجامعات، وبين الشهادات التي تفيد حصول المتدرب على تدريب ما في تخصص معين، فحصول المتدرب على الزمالة في النهاية هي شهادة خبرة ويمكن ان يكون الحاصلون عليها متمتعين بكفاية عالية في عملهم هذا لا جدال فيه ولكنها لا تعادل درجة الديبلوم والماجستير. وحول تلك القضية أشار الدكتور سمير حكيم ان شهادة الزمالة هي شهادة حرفية مهنية ترفع مستوى الكادر الطبي للاطباء الشباب وليست شهادة أكاديمية، فهي لا تعارض شهادات الجامعة ابدا وتقترب منها ولا وجه للمنافسة، لأن الشهادات الاكاديمية لها وضعها الذي لا يمكن منافسته.