الأسماء العربية في مونديال عام 1998 في فرنسا كانت كثيرة جداً، لكن أبرزها كان للحكم المغربي سعيد بلقولة لأنه صار أول عربي يدير المباراة النهائية في كأس العالم... من دون أن ننسى طبعاً زملاءه الإماراتي علي بوجسيم الذي أدار مباراة تحديد المركز الثالث، والمصري جمال الغندور، والسعودي عبدالرحمن الزيد، إلى جانب المساعدين العماني محمد الموسوي، والكويتي حسين غضنفري، والتونسي محمد منصري... وجميعهم أدى واجبه على خير ما يرام. وبعيداً من التحكيم، لم يكن التمثيل العربي مشرّفاً في هذه الدورة، إذ اكتفت منتخبات السعودية وتونس والمغرب بلعب أدوار الكومبارس... وخرجت كلها من الدور الأول، على رغم أن الأخيرة كانت قاب قوسين أو ادنى من تجاوزه بفضل فوزها على اسكتلندا 3-صفر! أما من لعب الأدوار الأولى فكانوا الفرنسيين، وفي مقدمهم الجزائري الأصل زين الدين زيدان الذي قادهم إلى الظفر بالكأس الذهبية الغالية للمرة الأولى. وفي وقت انتظر عشاق الكرة البرازيلية أن يشهدوا "العجائب" من جانب طفرة الكرة العالمية آنذاك رونالدو، خيّب الأخير آمالهم وظهر بمستوى عادي جداً، خصوصاً في المباراة النهائية. كم هو تعيس ذلك المدرب الذي يدير منتخباً ينقصه بعض اللاعبين المميزين في بعض المراكز الحساسة، لكن من أتعس منه هو ذلك المدرب الذي يملك اكثر من لاعب رائع في مركز واحد! الفرنسي روجيه لومير خير مثال للنوع الثاني من المدربين، فمن لديه تييري هنري وديفيد تريزيغيه ونيكولاس انيلكا وسليفان ويلتورد لا بد من أن يكون حزيناً لأنه لن يتمكن من استخدام اكثر من اثنين منهما في خط هجوم منتخب بلاده الذي سيدافع عن لقبه بطلاً للعالم في المونديال المقبل المقرر من 31 أيار مايو إلى 30 حزيران يونيو المقبلين في كوريا الجنوبية واليابان معاً. اربعة مهاجمين كل منهم له مميزاته الخاصة وقدرته على تغيير نتيجة أي مباراة في أي لحظة... وهل ينسى أحد ما فعله تريزيغيه وويلتورد في المنتخب الإيطالي في نهائي كأس الأمم الأوروبية عام 2000 في هولندا عندما قلبا الطاولة على الإيطاليين، وقادا منتخبهما الى الفوز بالكأس بعدما كان متأخراً بهدف قبل 30 ثانية من نهاية اللقاء؟ وفي الوقت الذي لا يعرف المدرب الفرنسي حتى الآن كيف يخرج من ورطة "الثراء" الذي ينعم به، أطل المهاجم السابق جان بيار بابان برأسه وأدلى بدلوه في هذه المعضلة: "اعتقد ان انسب مكان لهنري هو أن يلعب خلف المهاجمين الأصليين، وبالتالي تتاح الفرصة للمدرب لاستخدام ثلاثة من هؤلاء الأربعة اللامعين. قد يتطلب ذلك جهداً إضافياً من لاعبي خط الوسط المدافعين لتغطية انطلاقات هنري المتكررة، التي ستنجم طبعاً نتيجة ميله الى الأداء الهجومي، قد يقلل ذلك من فرص التهديف بالنسبة اليه لكنه سيمنح حرية أكثر للمهاجمين الآخرين للوجود في حلق المرمى حين ينطلق هو بالكرات من الخلف إلى الأمام. وما سيزيد من فاعلية الهجوم الفرنسي هو وجود قائد الأوركسترا الموهوب زين الدين زيدان". ورأى بابان الذي سجل لبلاده 30 هدفاً في 54 مباراة دولية خاضها في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات أنه "من الصعب أن يلعب هنري وتريزيغيه معاً على رغم انهما اعتادا ذلك من قبل في فريق موناكو"، ما يعني ان هذا اللاعب الدولي السابق يفضل ان يتكون خط الهجوم الفرنسي من ويلتورد وانيلكا في حال مشاركة هنري في مركز لاعب خط الوسط المهاجم. وإذا ما استأنس لومير فعلاً برأي بابان، فإن تريزيغيه سيمضي غالبية اوقات مباريات منتخبه في المونديال على مقاعد البدلاء. لكن نجم الكرة الفرنسي السابق جان ميشال لارك الذي لعب في خط وسط سانت اتيان ويعمل معلقاً للتلفزيون الفرنسي حالياً، رأى انه من الصعب ان يبقى لاعب يوفنتوس الإيطالي خارج المستطيل الأخضر في هذه المناسبة العالمية المهمة "لماذا يضطر المنتخب الفرنسي للعب من دون احدهما، كلاهما مهم وهما أجادا عندما لعبا معاً في موناكو حيث كان تريزيغيه يلعب في الوسط وهنري على جانبي الملعب. لا أريد أن أقول انه إذا غاب أحدهما فإن فرنسا ستتأثر كثيراً، لكنني اترك هذا الاستنتاج للمدرب ذاته". لكن، ماذا يقول تريزيغيه نفسه؟ "لا بد من أن يمنح انيلكا مكاناً ثابتاً في التشكيلة التي ستخوض المونديال، ولو كنت مكان لومير، ولأسباب فنية ومهنية وشخصية، لكان انيلكا هو خياري الأول دائماً. اعرفه منذ كان عمره 17 عاماً، والجميع يعرف كم كافح هذا الموسم ليستعيد مستواه الذي يؤهله لخوض كل مباريات المونديال". لومير الذي مدد عقده حتى عام 2006 في حيرة من أمره، من يختار من بين الأربعة الكبار لتكون قوته الضاربة... ضاربة فعلاً. فهل يعرف احد كيف يخرجه من حيرته، شريطة الا يفقد منتخبه الكأس الذهبية؟