خفض صندوق النقد الدولي تقديراته في شأن امكانات نمو الناتج المحلي في الشرق الأوسط وتركيا السنة الجارية وعزا السبب الى انخفاض أسعار النفط الخام بحدة بعد أحداث 11 أيلول سبتمبر وتأزم الأوضاع في المنطقة، لكنه أكد أن تحسن أسعار النفط في الآونة الأخيرة سيُخفف من الضغوط التي تتعرض لها الاقتصادات الشرق الأوسطية، في حال احتفظ بزخمه في الفترة المقبلة. ذكر صندوق النقد في تحديث لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي نشره بمناسبة اجتماعاته المشتركة مع مجموعة البنك الدولي التي تبدأ في واشنطن اليوم، أن أسعار النفط التي انخفضت بنسبة تزيد على 20 في المئة في الفترة من أيلول الى نهاية شباط فبراير الماضي ستقتطع من متوسط نمو النواتج المحلية في الشرق الأوسط ما يقترب من واحد في المئة السنة الجارية. وكان الصندوق توقع في تقرير أصدره في كانون الأول ديسمبر الماضي أن ينمو الناتج المحلي في الشرق الأوسط بنسبة 4 في المئة السنة الجارية لكنه يعتقد الآن أن هذه النسبة قد لاتزيد على 3.3 في المئة، ملمحا الى أن الخسارة المحتملة التي تصل الى 0.7 في المئة ستنجم عن أسعار النفط علاوة على تأثر الاقتصادين الاسرائيلي والتركي بتدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة. اسعار النفط وأوضح الصندوق أن توقعاته تفترض أن أسعار النفط متوسط الصفقات الفورية وبرنت ودبي وتكساس الوسيط التي انخفضت بنسبة 14 في المئة عام 2001 وبلغت في المتوسط 24.28 دولار للبرميل، ستنخفض من جديد بنسبة 5.3 في المئة الى 23 دولاراً للبرميل السنة الجارية وثانية بنسبة 4.4 في المئة الى 22 دولاراً للبرميل السنة المقبلة. وأجرى الصندوق تعديلاً طفيفاً على أداء النواتج المحلية لمنطقة الشرق الأوسط العام الماضي اذ خفض نسبة النمو المحققة فعلياً من 2.2 في المئة في تقريره الأولي الى 2.1 في المئة في تقريره الجديد، بينما أشار الى أن نسبة النمو سترتفع الى 4.5 في المئة السنة المقبلة مقتربة من النتيجة القوية التي سجلتها سنة ألفين وبلغت 5.8 في المئة. لكن المدير العام للصندوق هورست كوهلر أوضح في مؤتمر صحافي أن التقديرات ليست نهائية في ما أكد خبراء المؤسسة الدولية أن المنطقة ستستفيد من تحسن أداء الاقتصاد الدولي الذي يتوقع حسب التقديرات الجديدة أن ينمو بنسبة 2.8 في المئة السنة الجارية وليس 2.4 في المئة كما جاء في تقرير كانون الأول، وكذلك بنسبة 4 في المئة السنة المقبلة. وطاولت التعديلات التصاعدية مجموعة الاقتصادات المتقدمة صناعياً التي يتوقع الصندوق الآن أن تنمو نواتجها المحلية بنسبة 1.7 في المئة السنة الجارية، مضيفا الى توقعاته السابقة ثمانية أعشار النقطة، وبنسبة 3 في المئة السنة المقبلة. وفي حال الاقتصادات الصناعية السبعة الكبرى رفع الصندوق توقعاته تسعة أعشار النقطة لتصل الى 1.5 في المئة السنة الجارية في ما بلغت النسبة المتوقعة للسنة المقبلة 2.8 في المئة. وانفردت أميركا وكندا بأكبر قدر من التعديلات التصاعدية في ما يتعلق بالسنة الجارية اذ رفع الصندوق توقعاته لنمو الناتج المحلي الأميركي بمقدار 1.6 في المئة الى 2.3 في المئة بينما رفع نسبة النمو المتوقعة للناتج المحلي الكندي بمقدار 1.7 في المئة الى 2.5 في المئة. وبالنسبة للسنة المقبلة يتوقع أن ينمو الناتج المحلي الأميركي بنسبة 3.4 في المئة والكندي بنسبة 3.6 في المئة. وباستثناء اليابان التي لا يزال يتوقع أن ينكمش ناتجها المحلي بنسبة 0.1 في المئة أجرى الصندوق على تقديراته في شأن باقي الاقتصادات الصناعية الكبرى تعديلات ايجابية راوحت من عشر واحد الى عشرين من النقطة، ويتوقع الآن أن ينمو الناتج المحلي الألماني بنسبة 0.9 في المئة 2.7 في المئة السنة المقبلة والفرنسي بنسبة 1.4 في المئة 3 في المئة والايطالي بنسبة 1.4 في المئة 2.9 في المئة والبريطاني بنسبة 2 في المئة 2.8 في المئة. الدول النامية الا أن الصندوق جدد تأكيده على أن الدول النامية ستستمر في قيادة النمو العالمي على رغم اجراء تعديل سلبي طفيف على تقديراته السابقة، اذ ستحقق النواتج المحلية للاقتصادات النامية نموا بنسبة 4.3 في المئة السنة الجارية وبنسبة 5.5 في المئة السنة المقبلة بعدما نمت بنسبة 4 في المئة العام الماضي. وتوقع الخبراء أن تحقق الصين والهند أداء أفضل مما كان متوقعا في السابق حيث سينمو الناتح المحلي الصيني بنسبة 7 في المئة السنة الجارية و7.4 في المئة السنة المقبلة والهندي بنسبتي 5.5 و 5.8 في المئة على التوالي. وسيعتمد تحسن أداء الاقتصادات النامية على انتعاش صادراتها من السلع والخدمات التي يتوقع الصندوق أن تنمو من حيث الحجم بنسبة أكبر قليلا مما كان متوقعا في السابق وقد تصل الى 4.8 في المئة السنة الجارية و7 في المئة السنة المقبلة. وبالمقارنة يتوقع أن تتحسن صادرات الدول المتقدمة صناعيا قليلا لتصل نسبة نموها الى 0.9 في المئة السنة الجارية و6.3 في المئة السنة المقبلة. وقال كوهلر ان آفاق الاقتصاد العالمي تدعو للتفاؤل، مشيرا الى أن الاقتصاد الأميركي الذي دخل مرحلة تباطؤ منتصف سنة ألفين بلغ القاع ويمر في الوقت الراهن بمرحلة انتعاش بدأت في التأثير ايجابيا في اقتصادات المناطق الأخرى من العالم، لكنه أكد أن هناك علامة استفهام حول قوة هذا الانتعاش الأميركي وديمومته. وشدد المدير العام للمؤسسة الدولية على أن الاقتصاد الأميركي يواجه مخاطر عدة تتعلق بمستويات الأرباح التي ستحققها الشركات الأميركية في الفترة المقبلة وما يعنيه ذلك من غموض في الامكانات التي ستتوافر لهذه الشركات في مجال الاستثمار والتوسع علاوة على تقلبات أسعار النفط والغموض السياسي الذي يواجهه العالم، سيما الوضع في الشرق الأوسط. وتطابقت تصريحات كوهلر مع تحذيرات رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي آلان غرينسبان الذي كشف أمام لجنة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس الأربعاء الماضي أن انتعاش الاقتصاد الأميركي سيكون قصير الأمد ما لم يتعزز الطلب المحلي الذي يشكل ثلثي الناتج المحلي، معترفا في الوقت نفسه أن هذا الاحتمال يبدو غير مؤكد لأسباب عدة أهمها ارتفاع مديونية المستهلك. وأشار كوهلر في كلمة أمام نادي الصحافة سبقت المؤتمر الصحافي الى مخاطر الاختلالات المالية التي يواجهها الاقتصاد الاميركي مؤكدا أن واشنطن تحتاج للعمل على تفادي العودة الى العجز التوأم في الموازنة والميزان التجاري. وعلاوة على العجز التجاري المزمن تتوقع واشنطن أن تحمل موازنتها للسنة المالية 2003 التي تبدأ في تشرين الأول أكتوبر المقبل عجزاً بقيمة 80 بليون دولار. ومن المقرر أن تخضع آفاق الاقتصاد العالمي وكذلك المخاطر والاجراءات المطلوبة لمواجهتها للنقاش في الاجتماعات المشتركة لصندوق النقد والبنك الدوليين الى جانب مواضيع رئيسية تشمل تعزيز دور الصندوق في مجالي الرقابة ومنع حدوث الأزمات المالية وتطوير سبل أفضل لحل النزاعات المالية علاوة على مكافحة عمليات تبيض الأموال وتمويل الارهاب. اجتماعات الربيع وتعقد اجتماعات الربيع التي يحضرها نحو 3500 مندوب عن الدول الأعضاء لمناقشة سير تطبيق القرارات التي تتخذها المؤسستان الدوليتان في اجتماعاتهما السنوية المشتركة التي تعقد في الخريف مرتين كل ثلاثة أعوام، والمقرر أن تستضيف الامارات العربية المتحدة دورتها الجديدة السنة المقبلة.