انصرف عدد كبير من طلاب الجامعات المصرية عن المشاركة في المحاضرات الدراسية، واعتبروا سنوات الدراسة فرصة ذهبية لتحقيق المكاسب. وتحولت الجامعات سوقاً يلتقي فيها البائع والمشتري من كل الطبقات والفئات لتقديم أنواع من الخدمات، تبدأ من "بزنس" اقامة الحفلات وتكوين فرق موسيقية تغني في الفنادق والقرى السياحية، وتنظيم الرحلات الشبابية المتواضعة، أو الفاخرة، الى جانب التجارة في الهواتف النقالة والعظام البشرية لطلبة كليات الطب. أو عمل الطالبات في ترويج مستحضرات التجميل داخل قاعات المحاضرات نظير عمولات مقدمة من شركات التجميل التي تستعين حالياً بالجامعات لتسويق منتجاتها. ومن بين طلاب الجامعة من هجروا المحاضرات وتحولوا الى رجال اعمال يتخصص كل منهم في مجال محدد، ومن ابرز التخصصات تنظيم الرحلات الذي احتكرته مجموعة من الطلاب استغلت التراجع الكبير للاتحادات الطالبية ونظام "الأسر الجامعية"، إذ تضم كليات الآداب والحقوق والتجارة ما يترواح بين 60 و70 الف طالب وطالبة يعجز اتحاد الطلبة عن توفير النشاطات الترفيهية لهم. لذا اتجه الطلاب الى الرحلات الخاصة التي ينظمها زملاؤهم ومنهم وليد ألبير طالب في تجارة القاهرة الذي يقول: "إن منظم الرحلات في حاجة الى قدر كبير من اللباقة والاقناع بأهمية الرحلة وسعرها، وعند الوصول بالعدد المحدد للرحلة يتعاقد المنظم مع شركة نقل سياحي تمنحه تخفيضاً كبيراً في سعر تأجير الباصات". وهناك نوعان من الرحلات: عادية وتشمل الأماكن التقليدية مثل زيارة الاسكندرية والملاهي أو أحد الشواطئ العامة في مدينة الاسماعيلية وفايد، أو رحلة نيلية تبلغ كلفتها نحو 12 جنيهاً مصرياً. ويقبل على تلك الرحلات غالبية الطلاب متوسطي الحال الاجتماعية. ولا تصل كلفة الرحلة الى اكثر من 5 جنيهات ويحصل المنظم على المتبقي كمكسب. وقد يصل عدد المشاركين في الرحلة الى أكثر من 200 طالب أي ان الربح يتراوح بين 700 و1000 بحسب السعر الذي يحدده منظم الرحلة لمنافسة الآخرين. وهناك انواع مختلفة من الرحلات يقبل عليها اصحاب الدخول المرتفعة الذين يفضلون رحلات اكثر "روشنة" بعيداً من رحلات اتحادات الطلاب والاسر التي يعتبرونها رحلات بيئة متدنية لأنها تجلب طلاب الطبقة المتوسطة. ويرى هؤلاء الطلاب ذوو المستوى الاجتماعي المرتفع انه لا بد من أن تكون رحلاتهم متميزة الى القرى السياحية ذات النجوم الخمس والشواطئ الخاصة. وتتراوح كلفة الفرد في الرحلة ما بين 150 و250 جنيهاً. ويلتقي جمهور هذين النوعين من الرحلات في رغبته في زيارة مدن الملاهي والترفيه، حتى أن هذه المدن لا تعمل خلال العام الدراسي الا على رحلات الجامعات ونجحت ادارة التسويق فيها بفتح باب التعاون مع مجموعة من الطلاب الذين اعتادوا تنظيم تلك الرحلات ومنحهم حسومات تصل الى نسبة 50 في المئة على اسعار التذاكر. فرق غنائية وتشهد الجامعات حالياً ايضاً تكوين الفرق الموسيقية التي تغني في القرى السياحية والفنادق. وأسس ممدوح ماجد طالب الألسن احدى هذه الفرق مع عدد من اصدقائه. وتغني الفرقة احدث الاغاني العربية والاجنبية من خلال مكبرات ضخمة في الحفلات والرحلات الجامعية. ويقول هاني عياد طالب في المعهد التجاري في جامعة حلوان انها مهنة مربحة لعدم تطلبها رأس مال، لأن البداية تحتاج لصرف مبلغ بسيط من المال للدعاية لدى منظمي الرحلات والحفلات، وعند البدء في العمل يتم استئجار المكبرات والاسطوانات المختلفة من الاغاني الشهيرة من شركات الأجهزة الصوتية بقيمة لا تتجاوز ال100 جنيه لليوم الواحد، وتحصل الفرقة على مبلغ اكبر من منظمي الرحلات يتراوح بين 200 و500 جنيه، لان اي رحلة ناجحة ينبغي ان تكون بالD.J. بحسب طلب المشتركين فيها. واللافت هو اقبال عدد من الطلاب على اقتناء الاجهزة الصوتية الخاصة بهم، ومجموعة من الاسطوانات الحديثة للاغاني، سعياً وراء الربح الكبير وقد تصل كلفتها الى نحو 15 الف جنيه مصري، ومعظم هذه الفرق خرج عن نطاق الجامعات الى الافراح والحفلات الكبرى بخاصة بعد ان دخل الكومبيوتر الى عالم الD.J باعتباره مكتبة كبيرة السعة صغيرة الحجم للمواد الغنائية. تجارة العظام البشرية ولم يقف طلبة الكليات العملية مكتوفي الايدي في سوق الحرم الجامعي بل انفردوا بالعمل في سوق العظام البشرية التعليمية ذات الجمهور الكبير من طلاب الصيدلة والطب والاسنان والعلاج الطبيعي والعلوم. وتقول عبير عادل طالبة الطب في جامعة القاهرة ان كثيراً ما تتصل بها صديقاتها من الجامعات الاخرى بحثاً عن جمجمة او عظام بشرية للدراسة والتطبيق عملياً، وهذه الأعضاء تكون لدى طلاب السنوات النهائية ويصل سعر الجمجمة الى نحو 200 جنيه، وهي سلعة مطلوبة بشدة لدى طلبة طب الاسنان. اما بقية العظام فيبدأ سعرها من 175 الى 500 جنيه بحسب جودة العظمة وعمرها، وكلها عظام مجهزة للدراسة وليست مسروقة ومطلية بمواد حافظة من التآكل. ويقوم طلاب السنوات النهائية بترويج هذه البضاعة الثمينة لديهم مع محاولة الخروج بأكبر مكسب. وتلقى الطالبات في عالم "البيزنس" الجامعي حظاً وافراً ايضاً لتجهيز انفسهن للزواج من طريق الارباح الشرعية لأنشطة الاسرة الجامعية، وتروج الطالبات ايضاً ادوات التجميل، إذ لجأت بعض الشركات للاستعانة بالجامعيات لتسويق منتجاتها داخل الحرم الجامعي الذي يعد سوقاً رائجة ومتميزة لهذه البضائع نظير عمولات مغرية تصل الى 15 في المئة من قيمة البضاعة الإجمالية المباعة. وتؤمن هذه التجارة ربحاً للفتاة يبلغ نحو 300 جنيه شهرياً. ومن الظواهر أيضاً داخل الحرم الجامعي "بيزنس" الهاتف النقال واكسسواراته، فهناك تتم عمليات شراء الهواتف وبيعها من طريق الاتفاق مع عدد من المحال التجارية وشركات متخصصة في ترويج الهواتف الجديدة والمستعملة وبيعها بين الزملاء في الجامعات. ولم يكتف الطلبة بكل هذا بل يطالبون باقامة معارض دائمة لشركات المحمول في الجامعات.