رأى سكوت ريتر الرئيس السابق لأحد فرق التفتيش التي كانت مكلفة التحقق من ازالة أسلحة الدمار الشامل في العراق، ان قضية التخلص من نظام الرئيس صدام حسين اصبحت "قضية داخلية لأميركا ليست على صلة بمقتضيات الأمن القومي" للولايات المتحدة، نتيجة الحملة المستمرة منذ نحو عشر سنين والتي نجحت في إضفاء "طابع شيطاني" عليه، مما يجعل من المتعذر "ايجاد أي مخرج آخر سوى السعي الى اطاحته". وتابع ريتر خلال مؤتمر صحافي عقده في باريس أمس ان العراق لم يعد يمثل تهديداً يستحق أن تُشن حرب من أجله، وأن من الأفضل للرئيس جورج بوش عدم خوض مثل هذه الحرب "استناداً الى موقف مبني على أكاذيب وليس على براهين". واعتبر ان أفضل سبيل للحصول على هذه البراهين يتمثل في عودة المفتشين، على رغم اقتناعه بأن غيابهم عن العراق لا يعني بالضرورة أنه أعاد بناء ترسانة أسلحة الدمار الشامل. وزاد ان العراق كان يمتلك لدى بدء المفتشين عملهم قدرات هائلة في مجال الأسلحة الكيماوية والصواريخ البالستية، وكان لديه "برنامج أسلحة نووية وشكل آنذاك تهديداً بالغاً للسلام والأمن في المنطقة". واستدرك أن فرق المفتشين تمكنت بحلول عام 1996 من اكتشاف البرنامج النووي وتدميره، مثلما دمرت الصواريخ البالستية والأسلحة الجرثومية والكيماوية، بنسبة تتراوح بين 90 و95 في المئة. وأضاف: "اليوم وبعد مضي ثلاث سنوات على مغادرة المفتشين، يصعب التكهن بأن العراق أعاد بناء ترسانته، أولاً لأن هذا النوع من برامج التسلح يتطلب منشآت وتقنيات ضخمة، لا يمكن الجانب العراقي اخفاؤها خصوصاً ان أنظار العالم مركزة عليه، والقدرات المتبقية لديه منذ مغادرة المفتشين والتي تتراوح بين 5 و10 في المئة هي كناية عن وثائق ومعدات منفصلة، لا يمكن أن تؤدي الى شيء ولو تم تجميعها". ونفى ريتر أن تكون اسرائيل من بين العناصر التي يستند اليها الموقف الأميركي حيال العراق، وقال انه بين عامي 1994 و1998 كان يتولى مهمة ضابط الاتصال بين فريق التفتيش والدولة العبرية وانه عندما زار اسرائيل عام 1994 كان العراق يمثل التهديد الأول بالنسبة اليها، اما في 1998 فتحول الى سادس مصدر للتهديد، اذ أن السلطات الاسرائيلية "عرفت كيف تقدر العمل الذي انجزه المفتشون في مجال تدمير الأسلحة العراقية". وعبر عن اعتقاده بأن السياسة الأميركية حيال العراق تتسم بالتماسك منذ 1991 و"محورها الأساسي هو السعي الى اسقاط صدام حسين من دون تعريض الأمن في المنطقة الى التهديد، واستبداله بجنرال من طائفة السنة مثله". وذكر ان الرئيس جورج بوش الأب وقع عام 1991 وثيقة يطلب فيها اطاحة صدام، وأن الرئيس بيل كلينتون وقع الوثيقة ذاتها عام 1993، وانشئت لهذا الغرض مجموعات خاصة في اطار وكالة الاستخبارات المركزية سي. آي. اي، والآن "تثير ادارة جورج بوش الابن الرعب في العالم من أسلحة الدمار الشامل وتدعو الى الحرب". وتساءل "لماذا لم يبلغ العالم منذ 1996 ان كل أسلحة العراق دمرت بعد عملية تعد سابقة في تاريخ نزع السلاح"، مؤكداً ان "الجواب لدى واشنطن التي طالما كان هدفها القضاء على صدام وليس تجريده من أسلحته". وأشار الى أن الإدارة الأميركية ساندت عمل المفتشين خدمة لهذا الهدف و"حورت هذا العمل فتحول الى مبرر لإبقاء العقوبات على العراق وإبقاء صدام معزولاً". ولاحظ انه "من هذا المنطلق عارضت واشنطن عام 1996 تقديم المفتشين تقريرهم عن تدمير الأسلحة العراقية الى مجلس الأمن، للحؤول دون رفع العقوبات، وتلاعبت بالتالي بالقرارات والقوانين الدولية". وعن دوافع معارضته سياسة بلاده إزاء العراق، قال ريتر ان هذه الدوافع "بسيطة"، مردها الى كونه مواطناً أميركياً وواحداً من عناص الاستخبارات، اقسم على العمل "بشرف ونزاهة". وأوضح انه استقال من فرق التفتيش "بدافع الشرف والنزاهة" اللذين يحملانه على انتقاد السياسة الأميركية.