أصعب شيء يواجه الكاتب هو ان يصبح مثل الباحث عن الألغام، أو كالواقف أمام كلب تفتيش بوليسي. وكم يشعر الكاتب "العربي" بالسعادة إذا أتيح لقلمه ان ينطلق في سهل رحب مملوء بالأعشاب والأزهار! وكم أصابني بالإحباط بقدر ما أسعدني فتح الباب لاستقبال رسائل القراء! أصابني بالاحباط ذلك المربع الصغير المكتوب في أعلى "صفحة" بريد وكأنه بيان أمني: قوانين النشر " تنقيح الرسائل واختصارها. غير انني أشعر بالحاجة الى الكتابة كشعوري بالحاجة الى شرب الماء وتناول الطعام. ولذا سأترك لقلمي أن يسير وفق ما أردتم! بعد سقوط الرايات الحمر وانهيار الاتحاد السوفياتي، بدأت الولاياتالمتحدة البحث عن عدو جديد يحقق من خلاله زعماء البيت الأبيض أمنياتهم في ممارسة الحكم وإدارته وفق نظرية الرمز وأسطورة الفريسة والصياد، والسعي لتحقيق سنّة التدافع وإيجادها على سطح الأرض لضمان مستوى معقول من التوازن. قال تعالى: "ولولا دفع الله الناس... الآية". وليس هذا السعي استجابة لأحد أوامر الله من قبلهم، بقدر ما هو سير اجباري في هذا الاتجاه. وفي السنوات التي تلت سقوط السوفيات، وخلال حكم كلينتون وادارته... لم تتبلور صورة العدو القادم، ولم تحدد مقاساته بدقة على رغم الرسم التصوري الأول لتلك المقاسات. غير ان فترة حكم بوش الأب كانت تعتبر الصفحة الأولى من "سيناريو" القرن المقبل. وعلى رغم المحاولات السياسية والإعلامية لتغطية الوجه الحقيقي لهذا التوجه فإنه لا يخفى على المتابع بهدوء وتحيّز لمجريات الأحداث خلال العقد المنصرم. ذلك التوجه الذي لا يعدو انغماساً روحياً وعقلياً في عقدة المواجهة مع الشرق الإسلام. وما ان اتيح لبوش الابن، وفريق عمله، الفوز المشبوه بنتائج الانتخابات، حتى بدأ التنفيذ العملي والسير الجاد في هذا الطريق المظلم، والإعداد الخفي لطعام لم تكتمل - ربما - مقادير اعداده بعد. ان هذه الوجبة التي تلقى الابن - بوش - طريقة اعدادها من أبيه، أو هذه اللعبة الخطرة، تفترض معركة مقبلة وقريبة مع الإسلام ورعاياه. وتوقع حدوث هذه المواجهة قائم لدى أهل الإسلام، مع اختلاف النتائج المتوقعة، والسعي الحثيث الى عدم استجلاب هذا الأمر! وكم من صائد وضع قفصاً لفريسة، وطردها عبر طرق هيأها مسبقاً، واستخدم لذلك أبرع الأجهزة وأدق الأساليب، ولم يمنع ذلك من أن يكون هو ضيف القفص ورهين المحبسين، محبس الجهل ومحبس الاستعجال والغرور. حوطة بني تميم السعودية - عبدالله بن علي الخريف أستاذ اللغة والأدب العربي