قال مصرفيون اجانب ان تحويل دبي الى مركز مالي دولي عبر تأسيس مشروع "مركز دبيالمالي العالمي" الذي اطلقته حكومة الامارة اخيراً سيستغرق وقتاً ليس بالقصير، وسيكلف مئات ملايين الدولارات لاقامة البنية الاساسية المخصصة لاستيعاب شركات المال والاستثمار والتأمين والوساطة والاستشارات. ولفت المصرفيون الى ان الاستثمارات المطلوبة لاطلاق المشروع المالي العملاق سيتم توظيفها في بناء حي مالي على غرار "سيتي اوف لندن"، لتجمع العاملين في الشركات الراغبة في اتخاذ دبي مقراً جديداً لعملياتها المالية في الشرق الاوسط وسط تقديرات ان يكلف بناء الحي الجديد، الذي سيُقام وسط مدينة دبي الجديدة بمحاذاة شارع الشيخ زايد الشهير بالابراج الشاهقة قرابة بليون دولار. وتهدف دبي من وراء المركز الجديد الى دعم أسواق رؤوس الاموال الاقليمية عبر انشاء بورصة مالية اقليمية مع التركيز على اصدار سندات الدين والتمويل الشامل وتوفير احتياجات كل من منتجي الاصدارات والمستثمرين بطرق فعالة عبر مؤسسات مالية عالمية، والاستفادة بشكل اساسي من الفارق الزمني بين مراكز المال العالمية في الشرق والغرب. وقال مراقبون ل"الحياة" ان المشروع الضخم "يمثل رهاناً جديداً لدبي التي نجحت في العقود الثلاثة الماضية في التحول الى مدينة الاعمال في الشرق الاوسط، من خلال تركيزها على تجارة اعادة التصدير والطيران والشحن البحري والجوي والتقنية والاعلام، ،ونجاحها في التحول الى مركز مفضل للشركات العالمية لاتخاذها مقراً لعملياتها الاقليمية في المنطقة". وقالت مصادر مصرفية قريبة من المشروع ل"الحياة" انه في الوقت الذي ستقتصر استثمارات حكومة دبي على توفير البنية التحتية لحي المال الجديد بشكل أساسي فان القطاع الخاص الاماراتي سيكون اكبر المستثمرين في بناء المقار الجديدة والتسهيلات المكونة للحي، بعد النجاح الذي حققه مشروع بناء مدينتي الانترنت والاعلام في دبي، التي اعتبرها القطاع الخاص المحلي بأنها بمثابة فرصة ضائعة لم يُحسن استغلالها بسبب مخاوفه في البداية من ان المشروع المذكور لن يلقى نجاحاً كبيراً. واشارت المصادر الى ان تواجد ما يزيد على 800 شركة اقليمية وعالمية في مشروع مدينتي "دبي للانترنت والاعلام" خلال اقل من ثلاث سنوات افقد القطاع الخاص الاماراتي فرصة تاريخية، حيث اخذت الحكومة على عاتقها توفير الاستثمار في البنيتين التحتية والفوقية للمشروع من دون ان تغلق الباب امام مستثمري القطاع الخاص للاستثمار في البنية الفوقية. ورأت المصادر ان القطاع الخاص الاماراتي سيكون اكبر المستثمرين في البنية الفوقية في مشروع "حي المال"، كما سيكون القطاع الخاص الاجنبي من بين المستثمرين الكبار ايضاً خصوصاً ان الحي سيُقام في منطقة حرة تمنح المستثمرين عقود تأجير لمدة 50 عاماً قابلة للتجديد، مشيرة الى ان شركات المال والاستثمار الكبرى ستفضل في كثير من الاحيان الاستثمار المباشر في المشروع لاقامة مقارها الرئيسية على غرار ما قامت به شركات عالمية كبرى في مجال مدينة الانترنت. ويُطلب من المؤسسات المالية المتأهلة للعمل في "مركز دبيالمالي العالمي" أن يكون لها سجل سابق من الممارسة المهنية. وسيكون لمركز دبيالمالي العالمي سلطة تنظيمية واحدة مستقلة تتبنى هيكلا تنظيمياً مكوناً من المجلس التنظيمي واللجنة الرقابية لتحقيق الشفافية بالفصل بين وظيفتي التنفيذ والرقابة، في حين تعتمد السلطة نموذجاً يتبنى التشريعات والقوانين بصورة واضحة وشفافة. ويقول القائمون على المشروع الجديد ان المركز سيمثل خياراً نوعياً جديدا للمؤسسات المالية يقدم مستوى متميزاً من العمليات المالية والخدمات الاستثمارية المتنوعة ذات المعايير العالمية لتغطية اسواق يتجاوز حجمها 1.5 بليون نسمة وتُقدر تعاملاتها بأكثر من تريليون دولار سنوياً، وتشمل دول مجلس التعاون الخليجي وشبه القارة الهندية وشمال الخليج وآسيا الوسطى وبلاد الشام وتركيا وقبرص وشرق وشمال إفريقيا.