بدأ العد العكسي لعودة المغرب الى اسواق المال الدولية في مسعى لاجتذاب مستثمرين خارجيين الى مشاريع التخصيص التي تعتزم الحكومة اطلاقها الشهر المقبل وتقليص الضغط على مصادر التمويل المحلية لدفع اسعار الفائدة الى الانخفاض اضافة الى تجديد التعاقد على ديون قديمة لتقليص الديون الخارجية المقدرة حالياً بنحو 14 بليون دولار. ذكرت مصادر في وزارة المال امس ان المغرب كلف المصرفين الدوليين "بنك ناسيونال دي باري" بي.ان. بي. و"ميريل لينش" اطلاق قرض سيادي في اسواق المال الدولية بقيمة 500 مليون دولار سيُحدد تاريخه في وقت قريب. وقالت المصادر ل"الحياة" ان المسألة مرتبطة بتحين الفرص السانحة لاعلان اقتراض تنجزه الخزانة العامة مع مصارف دولية يُقدر حجمه بنصف بليون دولار كان تأجل اكثر من مرة بسبب الاوضاع الدولية غير المساعدة التي كانت اعقبت أحداث 11 ايلول سبتمبر في الولاياتالمتحدة. وتعتقد مصادر وزارة المال ان اسعار الفائدة في السوق الدولية متدنية وتسمح باجراء عمليات الاقتراض التي يسعى المغرب من خلالها الى شد الانتباه الى فرص الاستثمار المتاحة لديه وجذب مستثمرين الى برنامج التخصيص والى سوق المال المحلية في بورصة الدار البيضاء. وكان وزير المال فتح الله ولعلو اكد ان الامر لا يتعلق بحاجة مغربية الى الاقتراض من اجل تمويل العجز المالي 3 في المئة او الاستثمار المحلي "لان المغرب يرفض فكرة زيادة حجم الديون الخارجية التي يعمل جاهداً على تقليصها الى اقل من 30 في المئة من الناتج القومي". واشار الوزير الى ان العودة الى اسواق المال الدولية تمليها الرغبة في التعريف بفرص الاستثمار واستخدام جزء من القرض في تغيير معدلات فائدة كانت الرباط تعاقدت عليها في وقت سابق بمعدلات مرتفعة خصوصاً بالنسبة الى الديون التجارية المصنفة ضمن نادي لندن التي على رغم انها لا تمثل سوى 20 في المئة من اجمالي القروض الخارجية تمتص الجزء الاكبر من عمليات السداد السنوية التي بلغت السنة الجارية نحو 1,4 بليون دولار. وكان المغرب قلص ديونه الخارجية بنحو سبعة بلايين دولار في العقد الماضي شملت بصورة خاصة ديون نادي باريس الحكومية من خلال تحويل جزء منها الى استثمارات محلية تطبيقاً لاتفاق سابق مع صندوق النقد الدولي يسمح برفع سقفها الى 30 في المئة وهو ما نفذته الرباط مع كل من فرنسا واسبانيا وايطاليا والنمسا. في المقابل ادى استخدام السوق المحلية لتمويل عجز الخزانة الى زيادة الديون الداخلية الى نحو 17 بليون دولار بعدما كانت اقل من 10 بلايين دولار قبل عقد واحد. واعتبر المصرف المركزي، الذي خفض الفائدة المرجعية نصف نقطة مئوية الاسبوع الماضي، ان استمرار اللجوء الى مصادر التمويل المحلية يحد من خفض معدلات الفائدة المدينة ويرفع كلفة الحصول على الاموال لاغراض الاستثمار والاستهلاك ويقلص اعتماد اصحاب المشاريع الخاصة على تمويلات المصارف التي بلغت العام الماضي نحو 20 بليون دولار. وتحتاج الموازنة المغربية السنة الجارية الى تمويلات لا تقل عن بليوني دولار نصفها متوقع تحصيله من عمليات بيع اسهم الدولة في شركات التبغ وتركيب السيارات صوماكا وطباعة الصحف وبعض حصص المصرف الشعبي 1,2 بليون دولار ونصفها الاخر بليون دولار متوقع تحصيله من قروض داخلية وخارجية واستثمارات اجنبية تتحاشى وزارة المال في الوقت الراهن الكشف عنها تجنباً للتأثير في اسعار الفائدة بسبب طلبات قروض محلية نفذها المكتب الوطني للسكة الحديد بنحو نصف بليون دولار واخرى تعتزم اطلاقها مؤسسات تابعة للقطاع العام. وينصح المصرف المركزي اللجوء الى السوق المالية الدولية بسبب ضعف اسعار الفائدة وترك الجزء الاكبر من قدرات الاقتراض الى شركات القطاع الخاص والافراد لتشجيع المشاريع وزيادة اداء الاقتصاد عبر توسيع وتيرة الاستهلاك المحلي. يُذكر انها المرة الثانية التي يعود فيها المغرب الى اسواق المال الدولية خلال اربعة اعوام. وكانت الرباط تفضل ان تقوم بهذه العملية مجموعات اقتصادية وشركات كبرى، على غرار مجموعة "اونا" و"المكتب الشريف للفوسفات" وشركة "الخطوط الملكية الجوية" من دون ضمانة الدولة.