كيف سيتعامل القادة العرب مع بعض التحسن الذي طرأ على موقعهم على الساحة الدولية خلال الاسابيع القليلة الماضية؟ فمن الواضح ان الولاياتالمتحدة الاميركية اخذت "تستمع" اليهم اكثر من السابق، وان الغرب اخذ يتفاعل اكثر مع ما يطرحون ويقترحون. وثمة من يرى انهم استطاعوا ان يحققوا نوعاً من الاختراق الاعلامي لهذا الجدار من المفاهيم المعادية لهم التي استطاعت اسرائيل اقناع الغرب بها، والتي ساهمت الادارة الاميركية الجمهورية في تعميمها، بسبب تبنيها المنطق الاسرائيلي، بعد 11 ايلول سبتمبر فصنفت اي تمسك بالثوابت العربية ارهاباً. قد يكون الاختراق اكثر من اعلامي، لهذا الجدار. وقد يتحوّل الى اختراق سياسي للجمود الذي أصاب العملية السلمية بعد مجيء ارييل شارون إلى السلطة في اسرائيل قبل سنة، اذا استطاعت القمة العربية المقررة بعد شهر في بيروت ان تحدد سقفاً يستفيد من التحسن في الموقع العربي بعد المبادرة السعودية، وبعد هبوط شعبية شارون وتفاقم الازمة الاقتصادية داخل اسرائيل واصرار اوروبا على وقف سياسة اعطاء الضوء الاخضر لاسرائيل لتفعل ما تشاء في فلسطين. والواقع ان ثمة عوامل عدة أدت الى هذا التحسن في الموقع العربي، ابرزها: - الصمود الفلسطيني على رغم كل الضغوط، وهو صمود متعدد الأوجه، لا يقف عند حدود تمسك القيادة الفلسطينية الحالية بالانتفاضة واستمرارها في اتباع سياسة الدفاع عن النفس واقلاق الجانب الاسرائيلي، بل هو يتعداه الى التماسك بين الفصائل المختلفة. فقد أُريد للفلسطينيين ان يقتتلوا ويتذابحوا. بل ان الخلافات بينهم على كيفية مواجهة النجاح الاسرائيلي في تأليب الضغط الدولي عليهم تحت شعار امتحان السلطة في محاربتها للارهاب، كادت أن تتسبب بمواجهات بين فصائلهم، لم تحصل وبقيت عند حدود التناقضات السياسية الثانوية. وعليه فإن عامل الصمود الفلسطيني يتطلب المزيد من التحصين والحماية، ما دام ساهم في تغيير التعاطي الدولي مع العرب عموماً. وامام القمة ان تدعم هذا الصمود كي تحافظ على ما طرأ من تحسن في صورة العرب، وكي تستثمر هذا التحسن من اجل تغيير حقيقي في الموقف الدولي من الصراع العربي - الاسرائيلي ينتشل السلطة الفلسطينية وسائر الجسم الفلسطيني من خانة الاتهام بالارهاب الى خانة الحل السياسي للقضية. - ان تجرؤ اوروبا على معاكسة الغلو الاميركي في الانحياز الى اسرائيل ساعد بقوة في تحقيق الاختراق الحاصل دولياً، للجمود على صعيد القضية الفلسطينية وفي نقل النقاش في شأن المواجهات الفلسطينية - الاسرائيلية وسياسة التصفيات والتهجير والاجراءات الاسرائيلية الدموية، من سجال على الالتزام الفلسطيني في مكافحة الارهاب الى بحث سبل العودة الى خيار الحل السياسي للقضية الفلسطينية. ومن دون الغرق في اي اوهام حول امكان التوصل الى حلول عبر عودة مفاوضات السلام، بالاعتماد على اوروبا، ومن دون المراهنة على ان الموقف الاوروبي يمكنه السعي الى هذه الحلول بمعزل عن الولاياتالمتحدة الاميركية، فإن أمام القمة العربية تحديات كثيرة ابرزها ابتداع صيغة مشروع سياسي يبقي على الاوروبيين الى جانب العرب. والطموح بسيط هو ان يكون هؤلاء حلفاء العرب في مهمة تعديل الموقف الاميركي والاستفادة من تحسن الموقع العربي دولياً، ومن اجل ضمان ترشيد الادارة الاميركية الحالية، ووضع حد لتهورها. فلا شيء يمنع من ان تواصل سياستها السابقة. قد لا ينتج أي اختراق عربي اعلامي، او سياسي، للجمود في مفاوضات السلام، اختراقاً ديبلوماسياً يذهب الى حد تحقيق نتائج عملية، لأن الأرجح ان تكون اسرائيل غير جاهزة لتقبل مثل هذا الاختراق. وهذا ما قد يعيد واشنطن مرة اخرى الى سياسة الانحياز الكامل لاسرائيل. الا ان هذين الاختراقين حافز للقمة كي تعزز تحالفات العرب الدولية، تحسباً لعودة الامور الى نقطة الصفر. ألم يواصل شارون سياسة القمع والقتل والتشريد على رغم التحسن الطفيف لمصلحة العرب دولياً؟ ان تحصين الصمود الفلسطيني، وتحصين التحالف العربي - الاوروبي هما الضمان لنجاح القمة المقبلة.