واشنطن - ا ف ب - تبحث واشنطن وصندوق النقد الدولي اللذان يعتبرهما المحللون مسؤولين اساسيين عن افلاس بوينس ايرس، عن مخرج للأزمة في الارجنتين، وباتا يشؤكدان استعدادهما لمنحها المساعدة المالية التي كانا لا يزالان يرفضان تقديمها قبل اشهر. وأشاد وزير الخزانة الاميركي بول اونيل ب"التدابير المهمة" التي اعلنتها بوينس ايرس الاحد الماضي، واكد ان الولاياتالمتحدة "ما زالت مستعدة" لدعم "خطة دائمة للنهوض الاقتصادي" عبر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات المالية الدولية الاخرى. وبدا واضحاً التغيير في لهجة اونيل الذي كان يعلن قبل اشهر ان "اموال النجارين والسباكين الاميركيين" لن تستخدم لمساعدة بوينس ايرس. وبعد تحرير سعر صرف البيزو ، بات ملحاً العمل على درء انهيار تام للعملة والاقتصاد الارجنتيني. وأعلن البنك المركزي الارجنتيني اول من امس ان عمليات الصرف التي كانت متوقفة خلال الساعات ال48 الاخيرة في الارجنتين ستبقى مجمدة الى اليوم، في انتظار اعتماد نظام الصرف الموحد. وكانت المصارف ومكاتب الصيرفة اقفلت ابوابها مطلع الاسبوع بغية السماح بتطبيق خطة لمكافحة الأزمة اعلنها وزير الاقتصاد خورخي ريميس لينيكوف مساء الاحد. وأكد مارك فالكوف الخبير الاقتصادي المتخصص في اقتصاديات اميركا اللاتينية لدى معهد المؤسسات الاميركية ان "الازمة الحالية تطرح على بساط البحث مستقبل الارجنتين نفسه. وشعبها يعبر عن رأيه عبر سعيه الى الاستقرار في مكان آخر". وأوضح آلان ملتزر الخبير الاقتصادي الاميركي، كبير منتقدي الخطط المالية لصندوق النقد الدولي، ان تحرير سعر صرف البيزو الذي يحل محل نظام التسعير المزدوج للصرف الذي طرح مطلع السنة قد يؤدي الى "تدافع" الارجنتينيين الى تبديل مدخراتهم بالبيزو الى دولار. وقال ان الاسواق تتوقع ان يصل سعر الدولار الى .83 او 4 بيزو خلال سنة، في مقابل اثنين بيزو للدولار حالياً، وبيزو واحد للدولار في نهاية السنة الماضية عندما كان البيزو والدولار مرتبطين بنظام تحويل ثابت. ويعتبر إلغاء نظام سعر الصرف المزدوج تنازلاً قدمته الحكومة الارجنتينية الى صندوق النقد الدولي الذي كان اعلن صراحة معارضته لهذا النظام. وكان صندوق النقد علق مطلع كانون الاول ديسمبر الماضي الارصدة المخصصة للارجنتين، متذرعاً بعجز الحكومة الارجنتينية في تلك الفترة عن تحقيق اهداف برنامج التقشف في الموازنة. ويفاوض خبراؤه الاقتصاديون في الوقت الراهن مع بوينس ايرس على خطة جديدة من شأنها ان تتيح استئناف المساعدة. وأكد بيتر حكيم رئيس هيئة الحوار الاميركي ان "صندوق النقد الدولي لن يتخذ قراراً حول مساعدة جديدة طالما لم يتأكد من ان المال سيسدد، وهذا يعني ان على الارجنتينيين تقديم خطة اقتصادية صارمة نسبياً لاعادة انعاش الاقتصاد" الذي يعاني الركود منذ اربع سنوات. وأضاف ان الرفض الذي عبرت عنه الولاياتالمتحدة اخيراً لمساعدة الارجنتين خلف آثاراً. وقال: "كان امراً قاسياً الا تدعم بلداً كان قريباً منها". ولتصحيح هذا الانطباع، ذكر بول اونيل أن "الارجنتين بلد صديق وحليف مهم للولايات المتحدة". وأضاف: "نحن قلقون جداً من الظروف الصعبة التي يتعين على الارجنتينيين مواجهتها اليوم". ويبدو ان هذه اللهجة مخصصة لتركيا التي حصلت لتوها على مساعدة قيمتها 16 بليون دولار من صندوق النقد الدولي وهي مدرجة في المرتبة الاولى للحلفاء الذين تعتمد عليهم الولاياتالمتحدة لمكافحة الارهاب. لكن آلان ملتزر قال ان موقف واشنطن وصندوق النقد الدولي يؤكد في شكل خاص حصول تغيير في تعاطيهما مع الازمات في الدول الناشئة. وأضاف ان "تأكد المستثمرين من ان اموال صندوق النقد الدولي لن تنقذهم تسبب في تسريع حدوث الازمة الارجنتينية". وأضاف هذا الخبير الاقتصادي الذي يعتبر من المقربين جداً من بول اونيل، والمسؤولة الثانية في صندوق النقد الدولي الاميركية آن كروغر: "اذا لم تقم الدول بنفسها بإعادة تنظيم شؤونها فعليها الا تنتظر الحصول على المال من دول مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى". وطبقت الحكومات الارجنتينية السابقة حرفياً طوال سنوات تعليمات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي ادت الى الأزمة الراهنة.