ساد الحزن الأوساط الرسمية والشعبية المصرية لمقتل نحو 400 من ركاب "قطار الموت" بين القاهرة والصعيد اول من امس. واحتشد مئات من المصريين من أهالي الضحايا أمام مشرحة زينهم في القاهرة أمس لمحاولة التعرف على جثث ذوويهم وتسلمها. وكان الارتباك سيد الموقف، اذ عجز كثيرون منهم من التعرف على القتلى الذين تحولوا أشلاء متفحمة. وزاد من غضب المواطنين تلاشي الأمل رويداً رويداً في اعلان السبب الحقيقي للكارثة، بعدما التزمت السلطات الرسمية موقفاً يقوم على ضرورة انتظار انتهاء التحقيقات التي قد تستمر أياماً وربما اسابيع. وستسهم العطلة الرسمية لمناسبة عيد الأضحى المبارك في امتصاص غضب الغاضبين واستنزاف الوقت ليكون الإعلان في النهاية أن الحادث وقع قداءً وقدراً أو بسبب إهمال الركاب وليس المسؤولين عن مرفق السكك الحديد، فيما خرجت الصحف المصرية الحزبية والقومية أمس متشحة بالسواد وركزت التعليقات فيها على ضرورة محاسبة المسؤولين عن الكارثة مهما كانت مواقعهم. وأمام مشرحة زينهم سألت "الحياة" واحداً من أهالي القتلى كان انتهى من وضع جثة قريبه في سيارة إسعاف عن مدى تأكده من أن الجثة للشخص الذي يعرفه فرفض الإجابة وانطلق مسرعاً. ولاحظ المراقبون أنه في عصر الاتصالات، لم تكن ثمة وسيلة حضارية مقررة لأن يتصل مسؤول في القطار لإخطار السائق بنشوب الحريق في عرباته، عله ي44وقف بدل الاستمرار في سيره المسرع، مما ساهم في ازدياد اشتعال الحريق وانتشاره، وعدم اتاحة أي فرصة للركاب للنجاة. واشار بعضهم الى أن القوانين واللوائح والاصول الفنية تقضي بوجود وسائل للأمان ومقاومة الحريق في كل العربات. ومع ذلك،ه لم يكن في القطار أي وسيلة من وسائل إطفاء الحرائق ومكافحتها، فضلاً عن اشخاص مدربين على ذلك ومكلفين بهذه المهمة. وأجمعت أقوال الناجين على أن نوافذ العربات كانت مغلقة بصورة تعذر معها فتحها من الداخل، بعدما وضعت هيئة السكك الحديد عليها قضباناً لمنع الركاب من القفز منها الأمر الذي حول الضحايا الى سجناء داخل عربات القطار، فحشروا داخل أنابيب مغلقة فخنقهم الدخان حتى قبل أن تصل إليهم لهب النار. وافتى شيخ الأزهر الدكتور سيد طنطاوي أمس بأن ضحايا الكارثة "من الشهداء الذين لا يجب أن يغلسوا قبل دفنهم". وقال ان "الغسل في هذه الحالة إثم"، مشيراً إلى أنه يمكن ألا يصلى عليهم صلاة الجنازة وإذا تمت الصلاة عليهم فلا إثم في ذلك. وكان طنطاوي اصدر الفتوى رداً على استفسار من المستشار فاروق عوض مساعد وزير العدل والذي كان يباشر عمليات تسليم جثث ضحايا الحادث لذوويهم في مشرحة زينهم حيث قام الأخير بإبلاغ هذه الفتوى لأسر الضحايا الذين احتشدوا أمام مقر المشرحة، بعدما تم تجميع الجثث فيها على مدى الساعات الماضية من خمس مستشفيات كان قد تم نقلهم اليها عقب الحادث مباشرة لقربها من موقع الحادث. وتمكن الأهالي حتى مساء أمس من التعرف على مئة جثة فقط تم تسليمها على الفور لذويها بعد اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. ووفرت وزارة الصحة أعدادا كبيرة من سيارات الاسعاف ليستخدمها أسر الضحايا في نقل ذويهم بينما ظلت اكثر من مئتي جثة لم يتم التعرف الى أصحابها وسمحت إدارة المشرحة لشخص أو شخصين من اقرباء كل متوفي الدخول إلى المشرحة لتفقد الجثث الضحايا. التحقيق وعلى مستوى التحقيقات أمرت نيابة جنوبالجيزة، تحت إشراف النائب العام المستشار ماهر عبد الواحد والمحامي العام لنيابات جنوبالجيزة المستشار مجدي الديب، بتشكيل لجنة من اساتذة كلية الهندسة وهيئة السكك الحديد واساتذة المركز القومي للبحوث لفحص القطار المحترق ومعرفة سبب الحريق، وبيان مدى سلامة القطار وتحديد ما إذا كان هناك إهمال. كما انتهت النيابة من سماع أقوال 55 مصاباً في مستشفيات العياط والحوامدية والبدرشين وأم المصريين جنوبالجيزة وقصر العيني في القاهرة والواسطى في بني سويف شمال الصعيد الذين أكدوا أنهم فوجئوا باندلاع النيران في القطار، ونفوا أن يكون سبب الحريق انفجار أنبوبة بوتاغاز أو أي مواقد كيروسين واشاروا إلى أنه من المحتمل أن يكون سبب الحريق "مس كهربائي" التهم العربات السبع في وقت واحد. واضاف المصابون أن سائق القطار ظل يسير لمسافة 10 كيلومترات من دون علم بالحريق في الوقت الذي القى معظم المصابين أنفسهم من الأبواب والشبابيك فتناثرت الجثث على جانبي الطريق على طول هذه المسافة، قبل ان يتوقف القطار قرب قرية الرقة جنوب العياط وفصل العربات المحترقة ومتابعة سيره. وعثرت النيابة اثناء المعاينة على أربعة "مواقد كيروسين وتم تسليمها إلى المعمل الجنائي لفحصها ومعرفة ما إذا كان لها دخل في الحادث، وأمرت بالتحفظ على جميع المنقولات التي تم العثور عليها في مكان الحادث لتسليمها لاصحابها بعد التعرف عليها. وعلم أن التقرير الذي رفعته هيئة السكك الحديد الى جهات التحقيق تضمن أن القطار 832 تحرك من محطة مصر في القاهرة في الساعة الحادية عشرة ونصف ليلاً متوجها الى أسوان ويتكون من 13 عربة درجة ثانية وثالثة. وأضاف التقرير أن النيران اندلعت في القطار عند مدينة العياط وساعدت شدة الرياح على انتشار النيران ومقتل عدد كبير من الركاب، وأشار الى أنه أثناء قدوم أحد قطارات البضائع من محافظات الوجه القبلي شاهد قائده اندلاع اللهب من نوافذ القطار فأبلغ مراقبة الجيزة الذي ابلغ بدوره سائق القطار الذي توقف عند بلدة كفر عمار والرقة جنوب العياط ب 10 كيلومترات وقام بفصل العربات السبع الاخيرة وسار بالقطار حتى توقف في الواسطى في بني سويف. وأكد التقرير أن عربة البوفيه بريئة من أي حوادث. ورجح المصدر أن يكون سبب الحريق مساً كهربائياً.