حذّرت المانياالولاياتالمتحدة امس من "أي مغامرة" عسكرية في العراق، بعد رفض واشنطن تأكيد الرئيس صدام حسين عدم سعي بلاده الى امتلاك اسلحة دمار شامل. وجدّدت بغداد اتهامها الادارة الاميركية بالسعي الى افتعال مشكلات تمهيداً ل"شن عدوان جدد على العراق"، من خلال الاصرار على "عودة المفتشين لإيجاد منافذ للتجسس" على هذا البلد. بغداد، القاهرة، برلين، واشنطن - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - اعتبرت صحيفة "الثورة" العراقية امس ان الولاياتالمتحدة تصر على عودة مفتشي الاسلحة الدوليين الى العراق بهدف ايجاد منافذ "للتجسس على امنه" و"ذرائع لشن عدوان" عليه. وكتبت الصحيفة الناطقة باسم حزب البعث الحاكم في بغداد ان واشنطن "لا تريد عودة المفتشين من أجل التأكد من خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل التي هو خال منها بل لايجاد منافذ للتجسس على أمنه من داخله واختلاق ذرائع لعدوان جديد عليه". ورأت ان استئناف عمليات التفتيش "لا ضرورة له من الناحية الموضوعية، وليس له ما يسوغه سوى الشكوك المصطنعة، ولم يعد هناك ما يستوجبه بعد كل ما قامت به اللجنة الخاصة اونسكوم ووكالة الطاقة الذرية والفرق التابعة لهما من حملات تفتيشية ومتابعات رقابية". وأضافت ان الولاياتالمتحدة "هي اكثر من يعرف خلو العراق من هذه الاسلحة"، لكنها "تريد افتعال مشكلات جديدة مع العراق تستخدمها ذرائع للعدوان عليه تحت اغطية الاممالمتحدة". واتهمت لجنة "انموفيك" المكلّفة الرقابة والتحقّق من ازالة اسلحة الدمار الشامل بأنها "ليست جهازاً محايداً ونزيهاً يؤدي وظيفة دولية خاصة بل جهاز ملغوم بالجواسيس". وكتبت صحيفة "بابل" التي يديرها عدي نجل الرئيس صدام حسين ان التصريحات الاميركية التي تتهم العراق بالسعي الى امتلاك أسلحة دمار شامل تهدف الى "اسكات الاصوات التي تتزايد مطالبة برفع الحصار بعدما أوفى العراق كل التزاماته". ورأت ان "كل هذه الجعجعة تهدف الى اطالة الحصار وجعله في عداد المسائل المنسية ليبقى الكيان الصهيوني في وضع آمن لتصفية الشعب الفلسطيني". وكان وزير الخارجية الاميركي كولن باول رفض مساء اول من امس تأكيد صدام ان العراق لا يسعى الى امتلاك اسلحة دمار شامل، وسعى الى طمأنة الدول الاوروبية ازاء احتمالات ان تتحرك الولاياتالمتحدة بمفردها ضد بغداد. وقال باول في حديث الى شبكة "سي ان ان" التلفزيونية: "هناك بعض الخوف في اوروبا لكنني اعتقد بأننا سنتمكن من احتوائه خلال المشاورات واتصالات على غرار تلك التي اجريها كل يوم تقريباً مع زملائي في اوروبا". وزاد ان الرئيس الاميركي جورج بوش كان يتحدث بطريقة "مباشرة وعملية" الشهر الماضي عندما وصف العراق وايران وكوريا الشمالية بأنها "محور للشر"، مشيراً الى ان اسلوبه كان يميل الى "اثارة اعصاب الناس". وتابع باول: "ما ان يهدأوا ويفهموا انه سيتحرك في هذه القضية بطريقة حكيمة ومنظّمة وحازمة سيدركون السبب في انه كان الأكثر صواباً لهم الانضمام إلى أي جهد قد نكون بصدد الاستعداد له، وسنجد طريقة للمضي قدماً ونحظى بما نحتاجه من تأييد". يذكر ان صدام اعتبر السبت الماضي ان العراق كان ضحية لسوء فهم، وقال: "نريد امتلاك مزيد من العلم لخدمة المواطن العادي والبشرية، ولسنا مهتمين بامتلاك اسلحة دمار شامل". وذكر باول في تصريحات الى شبكة "ان بي سي" انه لا يصدّق الرئيس العراقي، واضاف: "نسمع ذلك منذ عشر سنين ولو كان صحيحاً هناك وسيلة بسيطة لاثباته، فليسمح صدام بدخول المفتشين" للتحقق. وشدّد على ان بوش "اوضح انه يحتفظ بكل الخيارات السياسية والديبلوماسية والعسكرية اذا تطلّب الامر". واستدرك: "الى حين تغيير النظام في بغداد يبقى لدى جيرانه خوف كبير، ويجب ان نكون خائفين لأن من الممكن جداً ان تصل الاسلحة التي يطوّرها الى أيدي الارهابيين". "الاولوية للتحالف" وفي تحذير جديد من تداعيات أي عملية عسكرية ضد العراق، نبّهت الحكومة الالمانية مجدداً الى عواقب أي "مغامرة" في هذا البلد، مشدّدة على اولوية تماسك التحالف الدولي ضد الارهاب. وقال الناطق باسم الحكومة أوي - كارستن هيي للصحافيين ان برلين "لا تستطيع تصوّر ان الولاياتالمتحدة قد ترغب في مغامرة". ولفت الى ان الحفاظ على التحالف "من مصلحة المانيا"، في اشارة الى تأكيد المستشار غيرهارد شرودر ان "المانيا مستعدة لتحمّل الاخطار ولو كانت عسكرية، لكنها ليست مستعدة لمغامرات". وذكّر الناطق باسم الحكومة أمس بأن شرودر حصل على تأكيد من بوش بعدم وجود "أي خطة ملموسة ضد العراق". وتابع هيي ان موافقة العراق على استقبال مفتشين تنتدبهم الأممالمتحدة ستكون أمراً "رشيداً"، مضيفاً: "اننا ننطلق من مبدأ أن الضغط على العراق سيستمر على هذا النحو". واعتبر ان احتمال تورط العراق مع تنظيم "القاعدة" هو "نقاش نظري لن تشارك فيه الحكومة الألمانية". في القاهرة أكد وزير الخارجية المصري أحمد ماهر أنه آن الأوان لإعادة النظر في العقوبات المفروضة على العراق، كما ترى "ضرورة التزام العراق الشرعية الدولية، واتخاذه الإجراءات التي تطمئن جيرانه الى عدم تكرار عدوان 1990"، مشيراً إلى الجهود العربية المبذولة لإيجاد مناخ ثقة بين العراق وجيرانه وتنفيذ قرارات الأممالمتحدة. وشدد خلال لقائه ليل الاحد اعضاء جمعية رجال الاعمال المصريين على رفض المسّ بوحدة العراق، مشيراً الى اهمية دوره وعودته الى الصف العربي. وعن احتمال ضرب العراق قال ماهر: "هناك اتصالات تجرىها مصر ودول اخرى لتوضيح خطورة الاقدام على مثل هذه الخطوة، خصوصاً ان العراق ابدى استعداده للتجاوب مع قرارات الاممالمتحدة".