أثار المرسوم الذي أصدره الرئيس ياسر عرفات بتعيين النائب العام لأمن الدولة المستشار خالد القدرة نائبا عاما مدنيا في السلطة الفلسطينية ودمج نيابة أمن الدولة في النيابة العامة، زوبعة وردود فعل غاضبة في الأوساط الحقوقية الفلسطينية. وانتقدت نقابة محامي فلسطين ومنظمات حقوقية المرسوم بشدة، خصوصاً تعيين القدرة نائباً عاماً للمرة الثانية في السلطة منذ قيامها عام 1994. وقررت نقابة المحامين في مدينة غزة أمس التوجه إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في ثلاث قضايا، الأولى الطعن في قانونية وشرعية المرسوم الرئاسي الصادر يوم الخميس الماضي بتعيين القدرة ودمج النيابتين، والثانية الطعن في دستورية محكمة أمن الدولة العليا المشكلة بمرسوم رئاسي في شباط فبراير 1995، والثالثة الطعن في دستورية مجلس القضاء الأعلى الفلسطيني. يشار إلى انه لم تشكل إلى الآن محكمة دستورية فلسطينية عليا على رغم النص عليها في القانون الأساسي الدستور الموقت ويقوم مقامها ويفصل في قضاياها محكمة العدل العليا. واعتبرت النقابة في بيان أصدرته مساء أول من أمس وحصلت "الحياة" على نسخة منه أن تعيين القدرة قرار "غير دستوري ومخالف لنص القانون الأساسي في المادة 98 التي تنص على أن تعيين النائب العام يتم بتنسيب من مجلس القضاء"، ذلك المجلس الذي ترى النقابة في تشكيله خللاً كبيراً لأنه "لم يتم وفقاً للأسس والمعايير التي نص عليها القانون الأساسي وقانون استقلال القضاء لذا فإنه يعتبر غير قانوني بتشكيله الحالي". وقالت النقابة في بيانها: "لا يمكن ممارسة مؤامرة الصمت على هذه الأوضاع التي يتهاوى فيها الجهاز القضائي"، معتبرة أن "كل الإجراءات التي يتخذها مجلس القضاء الأعلى أو أي ترتيبات أو تشكيلات تمت في ظل هذه الأوضاع غير قانونية". ودعت المجلس التشريعي إلى "تحمل مسؤولياته والقيام بمهماته ومراقبة تطبيق واحترام القوانين التي قام بسنها"، مشددة على أن "هذه القرارات تأتي في مرحلة الإصلاح والحديث المطول عن استقلال القضاء، ما يفرض احترام قانون استقلال القضاء والقانون الأساسي". واعتبر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في بيان أمس تعيين القدرة "ضربة أخرى لجهود الإصلاح ولكل المساعي الرامية إلى بناء سلطة قضائية مستقلة". وكان القدرة شغل منصب النائب العام في السلطة منذ قيامها وحتى عام 1996 عندما أقاله الرئيس عرفات وعين مكانه محاميا آخر، قبل أن يعود ويعينه عام 1999 نائباً عاماً لمحكمة أمن الدولة العليا التي شكلت عام 1995، وتواجه انتقادات واسعة ومطالبة بإلغائها. واعتبر المركز أن تعيين نائب عام جديد "غير دستوري ويضرب عرض الحائط القانون الأساسي الذي صدر في السابع من تموز يوليو الماضي، وقانون السلطة القضائية الذي صدر في الرابع عشر من أيار مايو الماضي، وبالتالي يمس في شكل خطير بهيبة واستقلال القضاء المدني"، مطالباً ب"إعادة النظر في المرسوم الرئاسي الجديد وتعيين نائب عام بتنسيب من مجلس القضاء الأعلى بعد تشكيله ... وفقاً لنص وروح قانون السلطة القضائية". وطالب ب"حل محاكم أمن الدولة وتحويل اختصاصاتها إلى القضاء المدني، وإلغاء نيابة أمن الدولة، وليس مجرد دمجها في النيابة العامة".