بغداد، واشنطن، لندن، أبوظبي - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - أعلن البيت الأبيض أمس أن تقرير العراق عن برامجه العسكرية الذي سلمه في 7 كانون الأول ديسمبر إلى الأممالمتحدة كان "فرصته الأخيرة" للتقيد بالتزاماته. وشكك المسؤولون الأميركيون والبريطانيون في صحة التقرير العراقي المؤلف من 12 ألف صفحة عن الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية المحظور عليه حيازتها. وقال الناطق باسم البيت الأبيض آري فلايشر: "كان من الواضح تماماً، وفقاً لرغبة الأممالمتحدة أن التقرير كان فرصة العراق الأخيرة لإطلاع العالم بالطريقة الأكثر شمولاً ممكناً على أسلحة الدماء الشامل التي يملكها". وقال فلايشر رداً على سؤال عما إذا كان العراق سيمنح فرصة لتعديل الوثائق وإضافة ما أغفله: "اعتقد انه كان واضحاً للغاية من خلال رغبة الأممالمتحدة أنها الفرصة الأخيرة للعراق لابلاغ العالم على نحو دقيق ووافٍ بما يملكه من أسلحة الدمار الشامل". وسُئل ان كان يقصد أنه لا توجد فرصة ثانية أمام العراق، فأشار إلى سلسلة من قرارات الأممالمتحدة التي اتهم العراق بانتهاكها وقال إنها تصل إلى 16 قراراً". واعتبر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أن الحرب ضد العراق "ليست حتمية، لكن ما هو حتمي هو عدم السماح لبغداد بتهديد جيرانها وتحدي الأممالمتحدة". وكتب في مقال نشر في صحيفة "فايننشال تايمز" أن على بريطانيا مواصلة استعداداتها للقيام بتحرك عسكري محتمل ضد العراق كي يدرك الرئيس العراقي صدام حسين أن التهديد الموجه إليه حقيقي. ونُشر مقال رئيس الوزراء البريطاني قبل لقائه في لندن أمس مع الرئيس السوري بشار الأسد. وأوضح بلير في مقاله: "في أحيان تكون الطريقة الوحيدة لتجنب الحرب هي أن تكون واضحاً في استعدادك لاستخدام القوة. لقد ذهب العراق إلى هذا الحد القبول بالتفتيش، لأن الديبلوماسية كانت مدعومة بتهديد حقيقي باللجوء إلى القوة. ما هو حتمي هو أن العراق لن يسمح له بمواصلة تهديد جيرانه وتحدي الأممالمتحدة". وقال بلير في مقاله إنه سيثير خلال اجتماعه مع الأسد قلق بريطانيا من التجارة السورية مع العراق ووجود منظمات في سورية يصفها بأنها "إرهابية". وتابع قائلاً: "على رغم الخلافات الحقيقية الموجودة بيننا، من الأفضل مناقشتها على التراجع إلى مواقع راسخة لا نتزحزح عنها". وتابع انه هو والرئيس الأسد يؤيدان عمل مفتشي الأممالمتحدة على الأسلحة في العراق. وكتب: "انهم السوريون كانوا دوماً مؤيدين لجهود المجتمع الدولي لضمان ازالة العراق برامج أسلحة الدمار الشامل". وزاد: "نظراً إلى سجل صدام حسين في الأكاذيب والتخفي والعدوان، يجب أن نتشكك في مجرد رغبته في التخلي عن أسلحة الدمار الشامل، ناهيك عن إقدامه على ذلك فعلاً". وصرح بأن لقاءه مع الأسد سيتضمن "محادثات صعبة" عن عملية السلام في الشرق الأوسط، وزاد: "بريطانيا لا تقبل أي تبرير لأعمال الإرهاب المروعة ضد المواطنين الإسرائيليين الأبرياء". وأضاف: "نعرف أيضاً أن الفلسطينيين يعانون كثيراً". وأعلن أن بريطانيا وسورية ملتزمتان بشكل مشترك بعملية السلام في الشرق الأوسط على أساس توفير الأمن لإسرائيل وقيام دولة فلسطينية ذات مقومات. وقال: "أعرف أن الفشل في تحقيق تقدم في عملية السلام هو السبب وراء غضب واحباط العالم العربي وهو أيضاً سبب المحن الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة". لندن: الإعلان العراقي مخيب جداً للآمال وذكرت "فايننشال تايمز" في موضوع منفصل، أن الخبراء البريطانيين يعتبرون أن الإعلان عن برامج العراق في المجال النووي والبيولوجي والكيماوي "مخيب جداً للآمال". ونقلت الصحيفة عن مسؤول بريطاني رفيع المستوى، طلب عدم الكشف عن هويته، قوله إن الوثيقة الواقعة في 12 ألف صفحة تتضمن اغفالات كثيرة، موضحاً أنها لا تعطي اجابات على كثير من الأسئلة الواردة في ملف عرضته لندن قبل ثلاثة أشهر عن برامج التسلح العراقية. وصرح مايك أوبراين، وزير الدولة في وزارة الخارجية البريطانية، في حديث مع هيئة الإذاعة البريطانية، بأن بلاده تدرس الإعلان العراقي "بجدية وبدقة وبعين ناقدة"، وانه من السابق لأوانه اصدار حكم في شأنه. وأضاف أوبراين: "نظراً لتاريخ صدام حسين الطويل في الكذب، اعتقد أننا نشك في أن ذلك الملف هو تقرير كامل وعلني عن أسلحة الدمار الشامل، لكن هذا ليس الوقت الذي يعلن فيه أن العراق انتهك قرارات الأممالمتحدة، أو اذعن لها". عمليات التفتيش وفي بغداد، طلب فريق من خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية برئاسة روبرت كيلي، أثناء تفقدهم منشآت شركة صناعة الزجاج والسيراميك التابعة لوزارة الصناعة الواقعة في ضواحي مدينة الرمادي 130 كيلومتراً غرب بغداد، تزويدهم بأسماء العاملين في الشركة المذكورة من خبراء وعلماء وباحثين من حملة الشهادات المتخصصة، وما إذا كان منهم من عمل سابقاً في البرنامج النووي العراقي السابق. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية إن طلب المعلومات شمل أسماء المواقع التابعة للشركة المذكورة، وقسم البحوث والتطوير فيها، والموردين الرئيسيين من الخارج وعلاقة الشركة في جامعة "الأنبار" التي تقع قربها. وأجرى المفتشون مسوحات اشعاعية داخل الشركة. وتفقد فريق آخر من خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية برئاسة فيليب كولفيد مباني شركة "أم المعارك" للصناعات العسكرية التقليدية، واطلع على مراحل انتاج صاروخ 81 ملم. كما زار فريق من خبراء لجنة الأممالمتحدة للرصد والتحقق والتفتيش انموفيك مصنع "المعتصم" التابعة لهيئة التصنيع العسكري للاستفسار عن نشاط المصنع والتزاماته تجاه صواريخ "أبابيل" و"النداء" و"الفتح" و"الرعد" الخاضعة للرقابة والتي لا يزيد مداها على 150 كيلومتراً. وقام الفريق بتصوير صاروخ "الرعد" الجاهز للفحص على المحطة الأرضية.