يتفق الجمهور العربي وأصحاب الخبرة على أصالة موهبة المطرب المصري علي الحجار وعلى قوة صوته ومساحات الشجن التي تغلفه وتعطيه مذاقاً روحياً نادراً. وعلى رغم هذا الاتفاق جعلت التحولات التي مرت بها ظروف الأغنية العربية في العشر سنوات الأخيرة علي الحجار في مساحة رمادية ليست حال النجاح التي تلائم موهبته كما أنها ليست حال الفشل التي ترغمه على إعلان الانسحاب النهائي من ازدحام سوق الأغنية الذي لم تعد الكلمة الأولى فيه لأصحاب المواهب الحقيقية. ومثل هؤلاء كان عليهم انتظار فرصة كتلك التي أتيحت للحجار أخيراً بعد أن اختاره مطرب الأوبرا الإسباني العالمي بلاسيدو دومينغو ليؤدي معه وللمرة الأولى في مشواره الفني أغنية عربية في حفلة أوبرا له في دبي هذا المساء. "الحياة" التقت الحجار في القاهرة قبل سفره وكان هذا الحديث: كيف جاءت فكرة الغناء مع تينور الأوبرا العالمي دومينغو؟ - قبل نحو شهرين كنت أشارك في افتتاح مهرجان يقام سنوياً في دبي تحت عنوان "شهر العطاء" ترعاه منظمات خيرية دولية وعربية تهدف الى تقديم تبرعات للاجئين في بعض مناطق العالم. وبعد مشاركتي تلقيت دعوة للقاء سمو الشيخ فيصل القاسمي وأخبرني بنيته تنظيم حفلة تجمع دومينغو مع مطرب عربي وقال لي تم اختيارك لمصاحبة هذا التينور من بين مئات الأصوات العربية التي استمع إليها ثم بدأنا الحديث مباشرة في التفاصيل التنظيمية المرتبطة بالحفلة. نفهم من ذلك انك وافقت على الفور؟ - لم أتردد لحظة واحدة لأنني اعتبرت اختياري شرفاً كبيراً وتتويجاً لمسيرتي مع الغناء. وشعرت بالخوف للحظات قليلة، وما أسعدني اكثر أن دومينغو مشهور كمطرب اوبرالي في الأوساط العالمية أولاً بقيمته الفنية كما أن له جمهوراً قوياً في أوساط الشباب. وكما علمت من موقعه على الإنترنت فهو من مطربي الأوبرا القلائل الذين تمكنوا من استقطاب صغار السن إلى مسارح الأوبرا التي عرفت بأنها واحدة من الفنون الراقية التي تجتذب الكبار فقط. كما انه سجل أكثر من 100 أسطوانة منها 97 أغنية أوبرالية كاملة، وحصد تسع جوائز "غرامي" للإبداع الموسيقي وجائزتي "غرامي" البلاتينية وسجل أكثر من 50 شريط فيديو وثلاثة أفلام مسرحية وكان أول مطرب كلاسيكي يحيي حفلة غنائية في حديقة نيويورك المركزية استقطبت نحو 400 ألف مشاهد. كما سجل عام 1999 رقماً قياسياً في الغناء بحفلات الأوبرا عندما غنى في 18 ليلة متتالية في مركز نيويورك متروبوليتان للأوبرا، وتقدم بذلك على الرقم السابق المسجل باسم إنريكو كاريسو الذي غنى 17 ليلة. أبرز خطواتك بعد حفلة دبي؟ - سأبدأ بعد عودتي من دبي اتخاذ الخطوات لتنفيذ مشروع "مئة عام من الغناء". وهو مشروع اعتبره مشروع العمر انوي فيه تقديم ملامح الغناء العربي في مئة عام في نحو 14 ألبوماً غنائياً. ويقوم المشروع على اختيار مجموعة من الألحان والأغاني الخالدة منذ عصر محمد عثمان وحتى بليغ حمدي في الثمانينات وإعادة توزيعها بأسلوب اقرب الى تجاربي السابقة في توزيع ألحان مثل "جفنه علم الغزل"، و"داري العيون"، و"عيد ميلادك" التي أعيد توزيعها ولاقت نجاحاً كبيراً، وسأعتمد في اختيار هذه الألحان أولاً على ذائقتي الخاصة وذائقة مجموعة من أصدقائي العارفين بفنون الغناء المصري وأبرزهم فنان الخط العربي حامد العويضي الذي كان من أوائل من لفتوا نظري الى أهميتها بل قدم لي دراسة جدوى وموازنة تقديرية لتنفيذ المشروع. ما هي مصادر تمويل المشروع؟ - وافق وزير الثقافة المصري فاروق حسني مشكوراً على أن يتحمل صندوق التنمية الثقافية في مصر عملية تدبير التمويل كما ستتولى فرق الأوبرا وفنانيها تنفيذ هذه الألحان على نحو يقلل من التكلفة الى جانب انه يضمن خروجها بمستوى فني متميز. واتفقت مع المسؤولين على أن تتولى شركة خاصة عملية تسويق هذه الالبومات وتوزيعها في العواصم العربية والعالمية. وهل يعني هذا انك ستتفرغ لهذا المشروع؟ - الى حد ما سيكون هو شاغلي الرئيس من دون أن يمنعني من تنفيذ ألبوماتي الخاصة بمعدل واحد كل عامين بينما انوي تقديم نحو ألبومين سنوياً من مشروع "مئة عام من الغناء" الذي أحاول من خلاله الكشف عن كنوز تراثنا الموسيقي وتقريبها الى الشباب وهو مشروع له أهدافه الثقافية والتربوية، لكن تنفيذه لن يكون وفق منطق تعليمي وانما أحاول في كل ألبوم تقديم وجبة غنائية منوعة لتتجاور في الألبوم الواحد اعمال محمد القصبجي مع بليغ حمدي ومحمد فوزي وربما مع لحن لملحن شاب مثل أمير عبدالمجيد لأن معيار الاختيار هو الانحياز للقيمة وليس للشخص. وهل ستواصل العمل في المسرح أم ستكتفي بما قدمت من تجارب؟ - علاقتي بالمسرح الغنائي "علاقة عشق"، ومنذ سنوات كرست صوتي لإنعاش المسرح الغنائي وقدمت تجارب ناجحة في هذا المجال لعل اشهرها "منين أجيب ناس" وأوبريت "ألف ليلة ورصاصة في القلب" مع المطربة أنغام التي عرضت في عواصم عربية عدة وأقدم حالياً مسرحية تحمل عنوان "خايف أقول اللي في قلبي" وستستأنف عروضها للموسم الشتوي قريباً. يتردد انك بصدد إعادة تقديم مسرحية "منين أجيب ناس" للشاعر نجيب سرور مجدداً؟ - بالفعل تم الاتفاق مع الدكتورة هدى وصفي مديرة مركز الهناجر على تقديم المسرحية برؤية إخراجية جديدة لمخرجها مراد منير الذي قدمها العام 1985 وسنبدأ العمل فيها مع بداية العام المقبل. ماذا عن جديدك في سوق الكاسيت؟ - انتهيت من إعداد ألبومي الجديد بعد توقف دام نحو أربعة سنوات تأملت فيها أوضاع السوق جيداً وقررت استئناف جنوني القديم وتقديم ألبوم يعبر عن روحي وتاريخي واختياراتي ويوائم بين ذلك وإيقاع العصر. واخترت مجموعة من الأغاني التي اعتقد أنها جميلة منها أغنية للشاعر الرائد فؤاد حداد وأغان للشاعرين الشابين ناصر رشوان وابراهيم عبدالفتاح والألحان لأحمد الحجار وأمير عبدالمجيد ومحمد عزت وللمرة الأولى أتعاون مع الشاعر الكبير عبدالرحمن الابنودي بعيداً من الأعمال الدرامية.