من يريد رؤية صورة شديدة التناغم والانسجام فليتجه الى "بيت العود العربي" في دار الاوبرا المصرية ليتعرف على عشرات الشباب والفتيات من دول شتى عربية واجنبية يتعلمون العزف على آلة العود. ويوفر البيت فرصة للشباب الذين يحلمون من خلال الموسيقى بتحقيق ذواتهم، ويضمن لهم جمهوراً راقياً يواكب عروضهم إضافة الى علم كافٍ يؤهلهم ليصبحوا عازفين ذوي مكانة مرموقة. "الحياة" عاشت يوماً في البيت واستطلعت آراء عدد من الدارسين العازفين: يقول نهاد السيد 27 عاماً، مصري ويعتبر أول خريج من بيت العود العام 2001، ويعمل حالياً استاذاً مساعداً مع نصير شمة، الى جانب أن له فصلاً دراسياً خاصاً بالطلبة الذين يريدون الوصول الى مرحلة السوليست: "لدي ارتباط بالموسيقى منذ صغري فكنت استمع الى ابتهالات المشايخ وصوت أم كلثوم وعبد الوهاب. وبعدما كبرت شعرت انني أحب هذا المجال واخترت العود لأنني وجدت أنه آلة لها خصوصية الى جانب سماتها العربية، وأنا موجود مع شمة منذ بداية مشروع البيت وكنت أشعر بعبء كبير اثناء حفلة تخرجي خشية أن يكون أول خريج ليس في المستوى الذي يأمله استاذي نصير، والحمد لله حصلت على لقب سوليست بتقدير امتياز من اللجنة التي تكونت من الدكتور رضا رجب وحسن شرارة والدكتورة ايزيس فتح الله، وحلمي لم يتوقف بحصولي على لقب سوليست متميز، ولكن أن تكون لي حفلات اقدم فيها آلة العود في شكل جيد وجديد، الى جانب ان أكون مؤلفاً موسيقياً ناجحاً وان أستخدم الاوركسترا وأوظفها في الموسيقى العربية وانا في مرحلة الدراسة حالياً". ويضيف السيد: "احب فكرة التدريس لانها تعتمد على العطاء ومنح كل ما لديك من دون ان تبخل بشيء، وارى ان جميع الدارسين لا بد من أن يسيروا على المنهاج نفسه، وكل يحقق حلمه". ويقول رائد انطوان 24 عاماً، فلسطيني: "أدرس في البيت منذ عامين وبدأت أضع قدمي الان على الطريق الصعب، في أول شهر من الدراسة اصابني الاحباط لأنني وجدت اناساً يحترمون العود أكثر من اللازم، وأن التكنيك عال جداً وان المسألة أكبر من أن تعزف كسوليست. وأعترف ان شخصيتي نفسها تتطور لأن في البيت تبنى شخصية العازف، ولا تزال الصعوبات تواجهني الى الان لأنني كلما فهمت أكثر أجد أنني ما زلت ضعيفاً"، ويضيف انطوان: "يؤثر فيّ كثيراً رياض السنباطي كملحن اولاً، ثم إنني أجد في اسلوبه اللون الذي أحبه، ومحمد القصبجي الذي أرى أن اسلوبه هو العود كما ينبغي. كما يعجبني فريد الاطرش وجميل بشير، الى جانب العملاق نصير شمة، واحلم أن اصبح سوليست وتكون لي مؤلفاتي وان انشر كل الذي تعلمته وأعلمه للاجيال التي تليني في فلسطين، واتمنى تقديم حفلات للبيت في فلسطين وأجد أنه لزاما عليّ ان أدرّس العود للآخرين الذين لديهم استعداد لتعلمه". أما فداء الشاعر 19 عاماً، سوري، فيقول: "امارس العزف على العود منذ عامين، لكنني التحقت بالبيت منذ شهرين، وكنت ومجموعة من الشباب الذين يحبون الموسيقى انشأنا مركزاً سميناه في الجولان "بيت الفن" واحضرنا إليه اساتذة من روسيا يعلموننا العزف على البيانو والكمنجة والاورغ، وعندما سمعت عن البيت حضرت الى القاهرة، وأحلم أن أصل الى أعلى مستوى في العزف على العود الى جانب أن أكون عازف اوركسترا كبيراً مثل منصور الرحباني، شريطة أن يكون العود هو الأساس في الاوركسترا"، ويشير الشاعر: "يعلمنا شمة في البيت الثقة بالنفس والتواضع وألا يكون العازف متكبراً وإن اصبح أحسن عازف في العالم. وهو متواضع ويمزح كثيراً معنا، وهو يؤكد لنا أن العازف القدير إن لم يكن متواضعاً فلا يكون عازفاً". ويقول أفان علي داود 24 عاماً، عراقي: "أدرس في البيت منذ عام وكنت اسمع دائماً أن آلة العود تعتبر صديقاً لمن يعزف عليها، وبالنسبة إلي فإنها تغنيني عن كل شيء في الدنيا، ولو مرّ عليّ يوم من دون عزف أعتبره يوما ناقصاً، ولا أخفي أنه كان يصيبني الاحباط عند بداية دراستي في البيت، ولكن، مع الارادة والتصميم وبعد مضي الشهور الثلاثة الاولى تغلبت على كل شيء، وأحلم بأن أكون سوليست، وأن أكون امتداداً للمدرسة العراقية. وأشكر بيت العود العربي الذي جعلنا خلال عامين عازفي سوليست وهذا يعتبر انجازاً عظيماً واختصاراً لفترة الدراسة التي كانت تصل الى ستة أعوام". ويقول ايمن حامد 30 عاماً، مصري: "كنت ادرس العود في معهد الموسيقى العربية ولكن المناهج كانت قليلة، وأول ما سمعت بالبيت قصدته من اجل الدراسات المتطورة على الآلة لان مجرد العزف يعطيك امكاناتٍ وتكتيكاً أكثر، وأصبحت الموسيقى كل حياتي، وأرى أن الموسيقى عبارة عن شقين متلازمين: العملي والنظري، والاثنان يكملان بعضهما البعض والتجارب السابقة تؤكد ذلك، وأحلم بأن يكون بيت العود افضل وأحسن وأكبر، وأن نُطور ونحدث أساليب الدراسة فيه". أما الفنان نصير شمة فيقول: "فكرة بيت العود كانت في رأسي منذ دراستي في بغداد، وعندما حققت نجاحاً كبيراً من خلال حفلاتي في مصر العام 1997 شعرت أن هذا يعد تمهيداً لبيت العود الذي أسسته في دار الاوبرا عام 1998، وسُجل كمشروع رسمي لدى الجهات المختصة".