أنقره - "الحياة" - بدأ في أنقره أمس أول اجتماع لمجلس الأمن القومي، ضم العسكر وحكومة "العدالة والتنمية". واكتسب الاجتماع الذي لا تعلن نتائجه على الفور، أهمية غير مسبوقة كونه تناول قضايا مصيرية مثل الموقف من خطة الحل الدولية في قبرص وتطبيع الوضع في مناطق الأكراد، والإصلاحات الداخلية الهادفة إلى إرضاء أوروبا، وهي مواضيع يختلف حولها الجانبان. اصطفت قيادات العسكر والحكومة وجهًا لوجه، يفصل بينها الرئيس التركي أحمد نجدت سيزر، وذلك حول طاولة في أول اجتماع لمجلس الأمن القومي تحضره حكومة حزب العدالة والتنمية منذ توليها السلطة في تركيا. واعتبر هذا الاجتماع الأهم بالنسبة إلى تركيا كونه يسبق عقد قمة كوبنهاغن الأوروبية التي تتوقع من أنقره أن تتخذ خطوات مهمة على طريق تفعيل الاصلاحات السياسية المطلوبة، وفي مقدمها توسيع دائرة حرية الرأي والتعبير ومنع التعذيب في السجون، إضافة إلى الموافقة على الخطة الدولية لحل المسألة القبرصية، وهي مسائل يختلف حولها العسكر والحكومة في وجهات النظر. قبرص وناقش مجلس الأمن القومي رفع حال الطوارئ عن آخر محافظتين تعيشان تلك الحال، إضافة إلى مناقشة ما قدمه الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان من مسودة لحل المسألة القبرصية والتي قدم الجيش التركي ملاحظاته عليها، خصوصًا في ما يتعلق بالحفاظ على الأمن في شمال الجزيرة والانسحاب من بعض الأراضي. وتقع غالبية الخرائط التي قدمها أنان والتي تطلب من تركيا الانسحاب من بعض الأراضي أو ما يعادل 8 في المئة من مساحة الجزيرة، في مناطق حيث يقيم الجيش التركي قواعده في الجزيرة. وأكد الجيش التركي على ضرورة بقاء عشرة آلاف جندي تركي في الجزيرة على الأقل، ونبّه إلى اختلال الخريطة الديموغرافية للسكان مع الزمن، في حال سمح للقبارصة اليونانيين بالانتقال إلى الشمال واعتبارهم مواطنين في قبرص التركية وطرد آلاف من الأتراك الذين وفدوا إلى قبرص من تركيا خلال الأعوام العشرين الماضية. وفي المقابل، سعت الحكومة إلى اعتماد خطوات سريعة على طريق حل المسألة القبرصية والاصلاحات السياسية من أجل إنجاح جولة رئيس الحزب رجب طيب أردوغان في العواصم الأوروبية، محاولاً إقناع الأخيرة بإعطاء تركيا موعدًا للتفاوض على العضوية خلال قمة كوبنهاغن، وذلك من أجل تقوية يد الحكومة ضد التحديات الداخلية ومنح أردوغان دعمًا سياسيًا دوليًا قبل أن يتولى رئاسة وزراء تركيا العام المقبل بدلاً من مساعده عبدالله غل رئيس الوزراء الحالي. مناطق الأكراد وأفادت تقارير أن حال الطوارئ المفروضة منذ 15 عامًا في المحافظات التي يشكل فيها الأكراد غالبية السكان في جنوب شرقي البلاد، سترفع اليوم، عن آخر منطقتين ما زالت مطبقة فيهما وهما دياربكر وسيرناك، بعد قرار بذلك اتخذه البرلمان في حزيران يونيو الماضي. ويشكل رفع حال الطوارئ التي فرضت في 1987 في مواجهة حركة التمرد الكردية المسلحة، أحد الشروط التي وضعها الاتحاد الاوروبي لبدء مفاوضات حول انضمام تركيا إليه. وكانت تركيا رفعت تدريجًا القيود المفروضة على المناطق الكردية في البلاد بدءًا من 1999، بعد قرار حزب العمال الكردستاني الانفصالي إنهاء تمرده على السلطات. ومنذ ذلك الحين توقفت في شكل شبه كامل المواجهات بين ناشطي حزب العمال الكردستاني وقوات الأمن. وتؤكد السلطات التركية أن هذا النزاع أسفر عن مقتل نحو 36 ألف شخص. وكانت حال الطوارئ تمنح السلطات المدنية والعسكرية صلاحيات أكبر تسمح لها بالحد من حرية الصحافة والحقوق المدنية بينما أدت الاشتباكات إلى اتهامات عدة وجهت إلى السلطات بانتهاك حقوق الإنسان. إصلاحات وأفادت وكالة "فرانس برس" أن الحكومة التركية اقترحت مشروع إصلاحات ديموقراطية جديدة لتعزيز فرصها في الحصول على موعد في القمة الأوروبية لبدء مفاوضات اعتبارًا من العام المقبل من أجل ضمها إلى الاتحاد الاوروبي. ويتضمن المشروع 36 تعديلاً تشريعيًا، تهدف بصورة خاصة إلى تعزيز الاجراءات ضد التعذيب والدفاع عن حقوق الإنسان. ويتعلق أحد إجراءات مشروع التعديل بقضية النائبة السابقة الكردية ليلى زانا وثلاثة نواب سابقين آخرين حوكموا سابقًا. وسيقود المشروع في حال إقراره إلى إعادة محاكمة زانا وثلاثة نواب سابقين حكم عليهم بالسجن 15 عامًا في 1994 بتهمة قيامهم بنشاطات انفصالية مرتبطة بحزب العمال الكردستاني. واعتبرت المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان محاكمتهم آنذاك غير عادلة. وطلب المجلس الاوروبي من أنقره إعادة النظر في محاكمتهم. وأوضح نائب رئيس الوزراء أرطغرول يالتشينباير المكلف الملف الاوروبي أن مشروع الاصلاحات سيعرض بصيغته النهائية على مجلس النواب بحلول الثلثاء المقبل. وينص بند آخر مهم من المشروع على إجراءات أكثر تشددًا في مكافحة التعذيب، وهو موضوع غالبًا ما توجه أصابع الاتهام إلى تركيا بشأنه. وسيخول المدعون العامون ملاحقة الموظفين المتهمين بممارسة التعذيب، لا سيما عناصر قوات الامن، من دون الحصول على إذن مسبق من رؤساء الشخص المعني. كما ينص مشروع القانون على إلغاء مهلة التقادم للنظر في هذه القضايا. كما يشدد المشروع شروط حظر الاحزاب السياسية في تركيا، بعدما حظرت في الماضي نشاطات العديد من التشكيلات الاسلامية والكردية. كما تهدف تعديلات أخرى إلى تعزيز حرية التعبير وحقوق المشتبه بهم. قضية الحجاب إلى ذلك، دافعت المحكمة العليا في تركيا أمس، عن قرار حظر ارتداء الحجاب في الادارات العامة والجامعات، مشيرة إلى أن الحجاب كان يستخدم "رمزًا للتمرد" على الطابع العلماني للدولة، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء الاناضول. ووردت هذه النتائج في الحكم الذي رفض قرارًا قضائيًا سابقًا برأ رئيس تحرير صحيفة "آكيت" الاسلامية الذي كان وصف أنصار حظر ارتداء الحجاب ب"الاعداء"، في مقال نشر عام 2000. واعتبرت المحكمة العليا أن "المقال المعني وصف بالاعداء أولئك الذين يعارضون، وفقًا للقانون، ارتداء الحجاب في الاماكن العامة والذي كانت بعض شرائح المجتمع تستخدمه أحيانًا رمزًا للتمرد على العلمنة، أحد المبادئ الرئيسية للجمهورية". وبنشرها هذا المقال، "حرضت الصحيفة الشعب على الحقد على أساس الفوارق الدينية بطريقة يمكن أن تكون خطيرة على النظام العام"، بحسب رأي المحكمة.