حذر أكاديميون يمنيون من أن الزيادة المرتفعة في السكان وهي بمعدل 3.5 في المئة سنوياً تنذر بكارثة خطيرة مستقبلاً إذا لم تتخذ خطوات حاسمة. وافادت دراسة أعدها أستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء عبدالكريم عامر وآخرون "أن التحديات المستقبلية ومنها العولمة وشحة المياه وتدهور الأمن الغذائي ومصاعب البيئة والصحة العامة والهجرة والنمو الحضري ستضاعف معاناة اليمنيين إذا لم تتخذ السلطات المعنية حلولاً وخيارات عاجلة". وشددت الدراسة على أن اليمن يُعد واحداً من أكثر الدول فقراً في موارده المائية التي تتجه الى التناقص والنضوب. وقدرت أن يرتفع العجز المائي من 400 مليون متر مكعب عام 1990 الى 1280 مليون متر مكعب سنة 2005 فيما يتراجع نصيب الفرد من المياه من 162.8 متر مكعب عام 1995 الى 116 متراً مكعباً سنة 2005. وتبدو الصورة قاتمة اذا ما قورن نصيب الفرد مع دول الشرق الاوسط البالغ 1250 متراً مكعباً أو بالمتوسط العالمي 7500 متر مكعب. وأظهرت الدراسة أن تأمين الغذاء يمثل تحدياً حيوياً نظراً للتزايد المتسارع في حجم السكان والتغير المضطرد في أذواق المستهلكين وأنماط الاستهلاك الغذائي باتجاه القمح المستورد. وقالت ان الاكتفاء الذاتي من القمح والدقيق عام 95 بلغ 11.64 في المئة بينما بلغ عام 2000 8.67 في المئة في الوقت الذي بلغ الاكتفاء الذاتي من لحوم الدواجن 52 في المئة ومن اللحوم الحمراء 92 في المئة ومن البيض 97 في المئة. تحديات البيئة وتحدثت الدراسة عن تحديات البيئة وقالت ان إمدادات المياه النقية جداً محدودة وتكاد لا تتعدى 14 في المئة من السكان، وبالتالي فإن قرابة 86 في المئة من السكان عرضة للأمراض والاوبئة التي تتسبب فيها المياه الملوثة خصوصاً أمراض الكوليرا والتيفود والملاريا والاسهالات مشيرة إلى أن 70 في المئة من وفيات الاطفال الرضع تنسب الى أمراض تنقلها المياه الملوثة. وذكرت الدراسة ان الزيوت العادمة والمخلفات الصناعية ومعامل التكرير تتصدر النفايات الخطرة في اليمن وبكمية تصل الى 38 الف طن سنوياً وبنسبة 98 في المئة من المخلفات، يضاف الى ذلك التلوث بمياه المجاري نتيجة محدودية شبكات الصرف الصحي التي تغطي فقط 52 في المئة من الحضر وتنعدم في الريف بحيث لا تزيد على 12 في المئة. واستعرضت الدراسة سيناريوهات بديلة لمواجهة التحديات المستقبلية من خلال ما اعتمدته السياسة الوطنية للسكان التي تهدف إلى خفض نسبة وفيات الامهات الى 75 حالة وفاة لكل 100 الف ولادة حية سنة 2015 والى أقل من 65 حالة وفاة سنة 2025 وخفض معدل وفيات الرضع الى 35 حالة وفاة لكل الف ولادة حية بحلول سنة 2015 ورفع متوسط توقع الحياة عند الميلاد ليصل الى 70 سنة بحلول سنة 2015. وتهدف السياسة الوطنية للسكان إلى العمل على خفض معدل الخصوبة الى 4 ولادات حية لكل امرأة بحلول سنة 2015 ورفع معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة الى 56 في المئة بحلول سنة 2025 فضلاً عن خفض نسبة الامية الى 20 في المئة في المتوسط سنة 2025 وخفض معدل النمو السكاني الى 2.35 في المئة في الفترة نفسها. وطرحت الدراسة خطة طموحة تعتمد على تعظيم الجهد الإنمائي وزيادة فعالية السياسات السكانية والتعليمية والصحية والبيئية بما من شأنه إحداث تغيير جوهري في التركيب السكاني والمؤشرات الديموغرافية. وفي محور السيناريوهات البديلة للتنمية الصحية ركزت الدراسة على اختزال المدى الزمني لتحقيق الاهداف الصحية عن طريق مضاعفة مخصصات الانفاق الصحي من الموازنة العامة لتصل الى 10 في المئة، وحفز القطاع الخاص لمضاعفة استثماراته الصحية وزيادتها سنوياً ومضاعفة الدعم المالي والفني الخارجي ورفع معدل النمو السنوي من مختلف مصادره الدولية. ويهدف السيناريو الأعلى حسب الدراسة في مجال التعليم الى رفع نسبة مخصصات التعليم من الموازنة العامة الى 22 في المئة كحد ادنى و25 في المئة كحد أقصى. وقالت الدراسة ان الخيارات البديلة للتنمية الحضرية والهجرة تعتمد على تحقيق اللامركزية المالية والادارية واقامة المدن الجديدة على الشريط الساحلي وتحقيق التكامل الامثل للتنمية الريفية الشاملة. وأوضحت في مجال السيناريوهات البديلة لترشيد استهلاك المياه وتنمية الموارد المائية أن السياسة السكانية تستهدف تثبيت العجز المائي عند مستويات عام 2000 المقدر بنحو 900 مليون متر مكعب بحلول سنة 2005 وتقليص العجز المائي بنسبة 60 في المئة. وطالبت الدراسة باستثمار القيم الدينية والمثل الأخلاقية لترشيد استهلاك المياه وإحياء الاساليب والتقنيات المتوارثة في الحصاد المائي وادخال وتطبيق أساليب الري الحديثة كالتنقيط والرش وغيرها بدلاً من الري بالغمر، والتفكير جدياً في تحلية مياه البحر مستقبلاً وفق دراسات جدوى فنية واقتصادية.