ما زالت الاهرام الفرعونية تتحدى العالم أن يكشف سرها المستغلق منذ آلاف السنين. ربما ذلك ما خلصت اليه آخر المحاولات للتوصل الى سبر غور الهرم الاكبر. فقد انشغلت وسائل الاعلام العالمية بالروبوت الذي صمم خصيصاً ليتمكن من الزحف وئيداً في باطن ذلك السر، ولم يزد طوله عن ثلاثين سنتيمتراً وحمل كاميرا على ظهره وكلف بناؤه ربع مليون دولار. ولم يسر سوى عشرين سنتيمتراً داخل الهرم، اي ان كل سنتيمتر كلف اثني عشر الف دولار، فهل كان ذلك كله من دون جدوى؟ يرفض معظم البحاثة الحديث عن ال"لاجدوى". ولعل العلم لا يتقدم الا عبر مثل هذه الجهود التي حفرت الصخر. وابتدأت "المغامرة" مع اكتشاف "فتحة" في غرفة الملك ظهر فيها طرفا عمودين رفيعين. وكان ذلك كفيلاً بإثارة الفضول العلمي الى اقصى حد. فالمعلوم ان الهرم الأكبر يحتوي على أربعة اعمدة رفيعة يعتقد انها تمتد لمسافات طويله في باطنه. ولم يستطع أحد معرفة سبب وجود هذه الاعمدة، ولا يعرف اذا كانت لها علاقة بهندسة الهرم وطريقة بنائه، وكل هذه الامور غير معروفة، بل هي موضع تكهنات شتى. ويعتقد عالم الآثار المصري البارز زاهي حواس أن الاعمدة تتقاطع في داخل الهرم، لتصنع رمز الشمس. والمعلوم ان الهرم الاكبر بناه الفرعون خوفو، الذي كان يعتقد انه من سلالة رمز الشمس. وهذا مجرد تكهن. وأياً كان السبب، فإن علماء الآثار العالميين وجدوا في الفتحة مدخلاً لم يكن متاحاً من قبل للدخول الى قلب احدى عجائب الدنيا السبع وعقدوا الآمال على امكان ان يدخل روبوت صغير ليزحف على العمود الذي يعتقد انه يصل بين غرفتي الملك والملكة. ويطلق البعض على هذا العمود اسم "ممر الهواء". ويرى آخرون انه بني بسبب اعتقاد الفراعنة بإمكان انتقال روح الفرعون الى غرفة زوجته! ولا يقل العمود الثاني اثارة عن الاول. ويشير الدارسون الى ان امتداده الهندسي في الفضاء يقود الى نجم الشعري اليمانية، اشد النجوم سطوعاً في مجموعة "اوريون". وهذا نموذج لعجائب الهرم الفاتنة. انظر الغرافيك المقابل. واكتشفت الاعمدة في العام 1872، على يد الانكليزي وايمن ديكسون. وفي العام 1993، سيَّر الالماني رودولف غاتنبرينغ روبوتاً، للمرة الاولى، على احد الاعمدة. وزوده كاميرا فيديو وسار ايضاً لمسافة عشرين سنتيمتراً. ووجد الروبوت نفسه في مواجهة منعطف حاد، فتوقف عن المسير. وثمة صلة "تقنية" بين الاكتشاف وأحداث ايلول سبتمبر 2001. فعلى مدار عام كامل، استخدم الاميركيون روبوتات صغيرة للبحث بين انقاض برجي مركز التجارة المتهدمين في نيويورك. واستفاد فريق آثار دولي من هذه الخبرة، وعمل بالتعاون مع فريق من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا على صنع روبوت يشبه دبابة اللعب. وفي السابع عشر من ايلول زحف الروبوت. ونقلت كاميرته صوراً عبر شاشة "ناشيونال جيوغرافيك". وحفر في اول حاجز واجهه، ليكتشف انه امام... حاجز جديد! وتناقلت وسائل الاعلام خبر هذا الاكتشاف. والارجح ان الفشل في حل اسرار الاهرام وبنائها سيدفع الى بذل المزيد من الجهد. ولن يكف البعض حتى يتوصل الى حل هذا اللغز التاريخي.