بعد الحملة على العراق، هناك حملة أميركية على إيران. ما هي أسبابها؟ ربما كان هناك سبب واحد هو اسرائيل، غير أنني اليوم أتجاوز رأيي في النازيين الجدد في اسرائيل لأختار من "واشنطن بوست"، فهي تحدثت عن قناعة الاستخبارات الأميركية حتى 1998 بأن لا بلد أجنبياً يستطيع ان يشكل خطراً على الولاياتالمتحدة، باستثناء روسيا والصين، ثم عن تغيّر هذه القناعة جذرياً بعد ذلك التاريخ، ليصبح الحديث عن خطر دول مثل كوريا الشماليةوإيران. وعرضت الجريدة بعض أسباب هذا التحول في التفكير ثم زادت حرفياً: "هناك أيضاً أدلّة على ان التكهنات الجديدة للاستخبارات كانت نتيجة أمر آخر هو حملة منسّقة من الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون واسرائيل للتركيز على تسرّب تكنولوجيا الصواريخ من روسيا الى إيران. وكانت حكومة بنيامين نتانياهو، رئيس الوزراء في حينه، تخشى ان تصبح اسرائيل هدفاً للصواريخ الإيرانية، في حين أراد الجمهوريون في الكونغرس بناء تأييد شعبي لنظام شبكة الصواريخ الدفاعية". مرة أخرى أتجاوز رأيي، وهو أنني ادعو ان تمتلك إيران صواريخ بعيدة المدى وأسلحة دمار شامل من كل نوع، وأكتفي برأي جريدة غير محسوبة علينا مثل "واشنطن بوست"، ثم أكمل بجريدة "التايمز" اللندنية حيث كتبت برونوين مادوكس، رئيسة قسم الشؤون الخارجية، مقالاً مماثلاً وحذّرت من أن إيران تستطيع إثارة عدم الاستقرار في أفغانستان، وتعطيل العملية السلمية في الشرق الأوسط، رداً على الحملات عليها. وإذا لم تكن الحملات على إيران، فهي على العراق. والحاملون، أو المتحاملون، هم أنفسهم من باحثي مركز مارتن أنديك لتأييد اسرائىل، وكتّاب أميركيون صهيونيون معروفون، وغيرهم. وكنت في الأسابيع الأخيرة سجلت أسماء وآراء، فلا أكررها هنا، وإنما أزيد عليها بربارة امييل التي تكتب في جريدة زوجها الرابع كونراد بلاك "الدايلي تلغراف"، فهي كتبت مقالاً حقيراً في مطلع الأسبوع كررت فيه التحريض على العرب والمسلمين الذي كنت سجلته من كتابات صحافيين ومعلّقين أميركيين، فكلهم يلغ من الإناء الاسرائيلي نفسه. الفكرة هي ان العرب والمسلمين لا يفهمون سوى منطق القوة، وهو ما قال الليكودي تشارلز كراوتهامر في "واشنطن بوست" في الرابع من هذا الشهر عندما تحدث عن استخدام القنابل الهائلة "قاطعة الزهر" لقهر المسلمين، وما كررت امييل في 14 من الشهر، وهكذا فضرب "طالبان" و"القاعدة" في افغانستان من دون ردود فعل كبرى يثبت ان الضرب هو الوسيلة الأنجح في التعامل معنا. العرب والمسلمون لم يثوروا دفاعاً عن "طالبان" و"القاعدة" لأن الحملة ضدهما مبررة تماماً، وكنت أرجو لو أن الدول العربية تقودها. غير ان ضربة ضد إيران أو العراق تختلف تماماً، ولا أريد أن أتكهّن بما سيحدث في الشارع أو غيره، ولكن أنتظر لأرى. في غضون ذلك رأيي في اسرائيل من رأي السفير الفرنسي في لندن، دانيال برنار، الذي لم تسمّه امييل، بل الواقع ان رأيي أسوأ كثيراً، مع أنني لا أستطيع أن أسجّل هنا كلمات السفير حرفياً، لأنها لا تصلح للنشر في جريدة عربية. ما أقول هنا بأوضح عبارة ممكنة ان اسرائيل فقدت حقها في الوجود بسبب ما تمارس من ارهاب يومي ضد الفلسطينيين، ويجب ان تسعى الدول العربية لإنهاء الوجود الاسرائيلي، فهي قبلت السلام، ولكن لم تقبله اسرائيل، ولا تزال تحتل أراضي الفلسطينيين وتهدد الدول العربية والمسلمة، حتى إيران وباكستان، ما يؤكد استحالة التعايش مع القتلة الذين يسيطرون على الحكم فيها. وشارون هو الذي قتل اليهود في حفلة قبل يومين بإصراره على مواصلة الاغتيالات. وإذا كان لي أن أصحح الفقرة السابقة، فهو ان اسرائيل لم يكن لها الحق في الوجود أصلاً في ارض فلسطين، غير ان العرب قبلوا بها رغماً عنهم، فلم تقبل هي، ولا تزال تحتل وتقتل وتدمر، بشكل يجعل مقاومتها فرض عين. ما ليس فرض عين او كفاية هو الارهاب ضد الولاياتالمتحدة، فتأييدها اسرائيل ليس عذراً البتة. والواقع ان ليس للعرب والمسلمين اي اعتراض على مجمل السياسية الأميركية، فهي إيجابية من أيام "النقطة الرابعة" الى البوسنة وكوسوفو وغيرهما، ولا تخلو من جوانب إنسانية. والاعتراض الوحيد هو على تأييد الولاياتالمتحدة الارهاب الاسرائيلي، وتهديد دول مثل إيران، تحاول ان تحمي نفسها من دولة توسعية تملك أسلحة دمار شامل ووسائل ايصالها الى أهدافها. ولعل الأشرار الحقيقيين في الوضع الحالي، اضافة الى السفاح شارون والقتلة في الجيش الاسرائيلي، هم الاعتذاريون لاسرائيل في الصحف ومراكز البحث الاميركية وغيرها، الذين يثيرون الكراهية للولايات المتحدة في العالم كله هم يكرهون الولاياتالمتحدة في كوريا الجنوبية ايضاً، كما كتب نيكولاس كريستوف في "نيويورك تايمز" هذا الاسبوع. وأخيراً، فقد كانت هناك قديماً ملصقة هاذرة تقول: "هل الولاياتالمتحدة مستعدة للحكم الذاتي؟". وسؤالنا متى تسترد الولاياتالمتحدة حرية القرار من اسرائيل وعملائها في الداخل والخارج؟ لا أعرف من الجواب سوى انه لن يحدث قريباً، لذلك أنصح الدول العربية والاسلامية باستمرار السعي للحصول على أسلحة دمار شامل كما عند اسرائيل، والعمل للحد من نزعاتها العسكرية التوسعية، قبل ان يصبح من بقي من العرب والمسلمين ضحيتها بعد الفلسطينيين. وإذا قادت إيران الحملة على اسرائيل فأنا مع إيران.