شدد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل امس اللهجة العربية إزاء اسرائيل والمطالبة للولايات المتحدة بممارسة مسؤولياتها إزاء وقف الاعتداءات الاسرائيلية على الفلسطينيين، في وقت ألقى وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز الشك حول انعقاد قريب لاجتماع بينه وبين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وترافق ذلك مع خطوة اسرائيلية ميدانية خطيرة تمثلت في مباشرة عزل القدس من خلال احاطتها بالخنادق أو الأسلاك أو من خلال توسيع المناطق العسكرية والضغط على المقدسيين. وتابع الأمير سعود الجولة التي بدأها أول من أمس في القاهرة ودمشق، فالتقى في بيروت الرئيس اميل لحود وانتقل الى عمان حيث اجتمع بالعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني. ومن عمان أطلق الوزير السعودي تحذيراً قوياً باتجاه اسرائيل قائلاً: "ان الكيل قد طفح" وان الدول العربية "انتظرت طويلاً حدوث تغييرات في السياسة الاسرائيلية. وآن الأوان خصوصاً بالنسبة الى الولاياتالمتحدة كي تتحمل مسؤولياتها من أجل وقف الاعتداءات الاسرائيلية". وأضاف: "آن الأوان لتحمل اسرائيل مسؤولياتها وليقوم المجتمع الدولي بتحميلها هذه المسؤوليات". واكد على "ان العنف الاسرائيلي، سواء تجاه المواطن البريء أو العنف الاقتصادي، يجب ان يتوقف". وذكرت مصادر لبنانية رسمية ل"الحياة" ان هدف زيارة الأمير سعود توحيد الموقف العربي وتوجيه رسالة موحدة الى الولاياتالمتحدة بوجوب ان تتحرك لوضع حد للجرائم الاسرائيلية، نافية ان يكون طرح عقد قمة عربية مصغرة. وأوضحت المصادر ان مشاورات الأمير سعود يفترض ان تؤدي الى صوغ مشروع موقف عربي موحد ستستكمل مناقشته مع وزراء الخارجية العرب أثناء اجتماعهم المقرر الأحد المقبل في القاهرة، ليتم نقله كرسالة قوامها دعوة واشنطن الى تحرك فعلي وعملي يضع حداً للفلتان الاسرائيلي الذي يضرب بعرض الحائط كل أسس عملية السلام. وأفادت مصادر ديبلوماسية مطلعة ان المسعى السعودي لا يزال يتركز على محاولة فتح قنوات الحوار بين الادارة الاميركية والسلطة الفلسطينية، وتأمين لقاء بين الرئيس جورج بوش وعرفات على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. اما على خط المساعي الأخرى التي قام بها الرئيس حسني مبارك ومسؤول الشؤون السياسية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا لتأمين لقاء بين عرفات وبيريز، فظهر امس وكأن اللقاء غير قريب الانعقاد. اذ أعلن بيريز انه لن يحصل يوم الجمعة كما تردد. وقال: "ان الاعداد متواصل ولكنني لست متأكداً انه سيتم. وفي كل الاحوال فإن الأمر لن يعرض للصحافة والكاميرات". ونقلت أوساط إسرائيلية عن مقربين من بيريز ارتياحه لأن اللقاء لم يعقد بعد، كونه لا يرى مجالاً لعقده في ظل استمرار "الارهاب". وانشغلت إسرائيل أمس سياسياً بانتخابات حزب العمل التي تخللتها اتهامات بسرقة الأصوات، وكان رئيس وزرائها ارييل شارون يتابع زيارة لموسكو، لكن الوضع ميدانياً كان مختلفاً، إذ بدأت إسرائيل ابتداء من الفجر بتنفيذ ما يعتقد أنه خطة منظمة لعزل مدينة القدس ومنع الفلسطينيين من الدخول إليها من الضفة الغربية، إضافة إلى التضييق على سكانها بغية دفعهم إلى التسليم بالأمر الواقع أو المغادرة. وأفاق أهالي الأحياء الشمالية والشرقية في القدس على هدير الجرافات تحرسها قوات حرس الحدود والشرطة وهي تحفر شوارع صغيرة وأزقة وتغلق أخرى بالسواتر. وأفادت مصادر مطلعة في القدس أنه كان من المقرر أن يعلن الجيش الإسرائيلي خطة فصل القدس عن محيطها الفلسطيني، في إطار مخطط أوسع، إلا أن رئاسة الأركان جمدت الحديث عن ذلك بعدما تسرّب إلى الإعلام. وحذرت المفوضة الإعلامية في الجامعة العربية الدكتورة حنان عشراوي من النتائج الخطيرة المترتبة على محاولات إسرائيل المس بمكانة القدسالمحتلة والمضي في محاولات عزلها. وأشارت في بيان أصدرته إلى أن الحكومة الإسرائيلية بدأت اعتباراً من يوم أمس سلسلة خطوات تصعيدية خطيرة كانت قررتها الحكومة المصغرة قبل نحو شهرين وتستهدف عزل مدينة القدسالمحتلة تماماً عن باقي أنحاء الضفة الغربية بهدف تكريس احتلالها للمدينة. وأوضح بيان المفوضة الإعلامية ان من بين الاجراءات التي تزمع حكومة شارون القيام بها: - عزل جميع المناطق في القدسالمحتلة، خصوصاً قرى شمال شرقي وشمال غربي القدس. - إقامة نقاط تفتيش وحدود محكمة وإعلان هذه المناطق مناطق عسكرية مغلقة لا يسمح لسكانها بالوصول إلى المدينة المقدسة، ومنع الفلسطينيين من باقي الضفة الغربية من دخولها. - حفر خنادق على جميع المنافذ المؤدية إلى المدينة من مختلف الجهات. وقد حفرت قوات الاحتلال حتى الآن خندقاً بين بلدتي الطور والعزرية وأخرى تعزل قرى شمال غربي القدس عند قرية رأس خميس. - ملاحقة واعتقال جميع المقدسيين الذين يعملون في مؤسسات السلطة الوطنية أو لهم أية علاقة بأي من أجهزتها واعتقالهم وسحب هوياتهم وإبعادهم عن المدينة ومنعهم من دخولها. - مصادرة حقوق المقدسيين وسحب هويات أكبر عدد منهم. - إجبار شخصيات فلسطينية مقدسية على مغادرة المدينة، خصوصاً من يتسلمون مناصب سياسية ودينية حساسة. - وضع كاميرات مراقبة على الحواجز والبدء بحاجز الاحتلال القريب من بلدة الرام".