انقسم الشباب الأفغان في بيشاور حيال ما يجري في بلدهم الى آراء وأمزجة عدة، فهم في الأصل فئتان من حيث الثقافة والتعليم، طلاب المدارس الدينية وطلاب مدارس العلوم. ولا شك في ان هناك قسماً كبيراً ليس في المدارس بل يعمل في الأسواق. ومن ناحية اخرى، هناك تقسيم آخر يتمثل بأولئك الذين نزحوا الى بيشاور اثناء الغزو الشيوعي قبل عشرين عاماً او اكثر، وأولئك الذين جاؤوا أو هجروا من قبل حركة طالبان. ولكل قسم آراء وأفكار مختلفة عن الآخر، فطلاب المدارس الدينية أعدوا العدة للذهاب الى داخل افغانستان ليقفوا الى جانب حركة طالبان المكوّنة اصلاً من طلاب المدارس الدينية وأساتذتهم. مدرسة أكورختك الحقانية تبدو وكأنها ستغلق أبوابها، فالطلاب الأفغان فيها قليلون، علماً أن معظم قادة حركة طالبان درسوا فيها. عزيز الله بين الطلاب القليلين الذين حضروا الى المدرسة، تحدث عن الهجوم المحتمل على افغانستان قائلاً: "ذهب جميع اصدقائي الى افغانستان واستعد أنا نفسي للذهاب كذلك". ورأى ان اسامة بن لادن "مسلم، وليس له أي اي دخل في ما وقع في أميركا". طالب آخر في تلك المدرسة، لحيته طويلة جداً ويضع عمامة بيضاء، قال: "بقي لي بعض المقررات الدراسية فإذا اكملتها سأرجع الى بلدي، وما زالت أسرتي في أفغانستان. وأظن أن أميركا تريد ان تدخل افغانستان". لم يقبل الشابان بالتقاط صور لهما، وقالا ما تقوله حركة طالبان: "ان الصورة حرام في الشريعة الاسلامية". في الجامعة الافغانية في بيشاور، كانت للطلاب آراء مختلفة تماماً. فهناك من يقول: "اننا لا نريد القتال". ومعظمهم من الذين هجرتهم حركة طالبان. فيقول جاويد "نحن نريد الصلح بأية طريقة كانت سواء أتى به الاميركيون أم غيرهم. الحرب لأسبوع واحد أحسن بكثير من الحروب المتتالية التي عشناها". ولذلك يظن جاويد ان اميركا ستأتي بالصلح بعد الحرب، ويقاطعه أحمد قائلاً: "كيف يمكن ان تلد الحروب صلحاً وأمناً ونحن جربنا الاتحاد السوفياتي الذي لم يأت بغير الدمار والقتل؟". ويقول مجيب الرحمن طالب في السنة الثالثة في كلية الزراعة: "يجب على اميركا ان تثبت أولاً ان لأسامة بن لادن علاقة بالذي حصل في نيويورك وواشنطن، فإذا اثبتوا ذلك يجب عليهم اقناع طالبان بذلك، وبالتالي يجب على طالبان اخراج اسامة بن لادن من افغانستان على الأقل، ولا ينبغي لأميركا ان تهجم على افغانستان". في كلية الطب في بيشاور الطالب حزب الله وهو وحيد أمه، وقد استشهد أبوه في الحرب اثناء "الجهاد ضد الاتحاد السوفياتي"، قال: "لن أحيد عن طريق والدي، فإذا بدأ القتال سأكون في مقدم الجميع، أقاتل حتى أقتل أو أغلب". يشتكي حزب الله من حاله السيئة في باكستان ولا سيما مع الشرطة، فيقول "نريد الذهاب الى افغانستان بأية طريقة كانت، لا نريد ان نعيش في باكستان، نريد بلادنا". حزب الله يحب اللباس الأفغاني ويفضله على جميع الملابس، ويعمل في أحد المكاتب بعد الظهر ليعيش مع امه في أحد مخيمات المهاجرين. وتقول الفتاة حميرا 20 عاماً طالبة ثانوية، وهي منقبة على الطريقة الافغانية ولم تقبل بأخذ صورة لها: "أتينا هرباً من الحروب ولا نريد حروباً أخرى، ينبغي لطالبان ان تحل القضية مع اميركا بالكلام والتفاهم". ولما سألتها عن رأيها في تسليم ابن لادن الى اميركا؟ قالت: "التقاليد الأفغانية لم تأذن بذلك وإن أصبح هذا الضيف ثقيلاً علينا أكثر من كل شيء". وتقول نادية وهي في طريقها الى البيت وقد ارتدت خماراً أبيض: "أتيت قبل عشرين يوماً من كابول وأحسب نفسي من السعداء. فالحال الاقتصادية سيئة جداً". وتصف نادية حال أهالي كابول بعد ان خرجت المؤسسات الاغاثية: "لا ملجأ لهم بعد ذلك، فالأحسن لهم الموت لأن من لا يقدر على قوت يومه ماذا يفعل؟ الحرب أحسن بكثير، انها أمل بمستقبل مختلف". زهراء من اللواتي لا يبالين بأي شيء، تزينت وخرجت من البيت من دون مرافقة اي رجل ومن دون الحجاب الذي يألفه الأفغان. قصرت شعرها واستعملت جميع أدوات التزيين، فسألتها عن حالها الاقتصادية أولاً، فقالت: "خرجنا من كابول عندما جاء الطالبان، خرجنا ولم يكن معنا شيء، جئنا الى بيشاور، بعدما بعنا بيتنا في كابول وأرسلنا أخانا الى لندن، وهو يرسل الينا شهرياً ما يكفينا وزيادة". ولما سألتها عن أسامة بن لادن وطالبان ابتسمت وقالت: "أخذوا البلاد الى الوراء، لا ندري ماذا سيفعلون. أما أسامة بن لادن فليتركنا". ويقول صلاح الدين وعمره 25 سنة: "لن نجلس ساكتين عند الهجوم الأميركي، فماذا سنقول لأرواح اجدادنا، لقد حفظوا لنا البلاد من الانكليز ومن الروس. فنحفظه نحن من القوات الأميركية". ويقول في شأن اسامة بن لادن: "أنا مطمئن انه لم يقم بأعمال إرهابية. كيف يستطيع ذلك وهو رجل واحد. يجب على الحكام الأميركيين ان يسألوا اجهزة مخابراتهم، ولا يمكن لأسامة ان يقوم بمثل هذه الأعمال الكبيرة من دون ان يكون معه أتباع اميركيون". يقف صلاح الدين على باب دكان للخرضوات في بيشاور بلباسه الأفغاني مع العمامة. ويشتكي من حاله الاقتصادية السيئة. ويظن خان محمد أن الحرب ستخلصنا من هذه الحال التافهة وهو يعمل كل يوم أكثر من عشر ساعات يومياً لينتج نحو مئة روبية باكستانية لا تساوي اكثر من دولار ونصف الدولار. خان محمد يعيل امه وأباه وأخويه وأخته، فهو الكبير في البيت وأبوه انقطعت رجله اثناء الحرب ضد الاتحاد السوفياتي. ولما سألته عن الحرب المحتملة أجاب بعد آه طويلة "ماذا سنفعل، لا بد لنا من الحرب، فعلينا ان نحمي بلادنا من الأعداء". معظم الشباب في بيشاور يرغب في الذهاب الى دول أوروبية، ولذلك فإن البعض يبيع ما عنده من البيوت والحقول ليحصل على المبلغ المطلوب، وهو حوالى تسعمئة الف روبية باكستانية تساوي حوالى 12 ألف دولار أميركي.