لم يعد على فاقد البصر من الآن فصاعداً أن يتخلى عن الأمل في استعادة نعمة الرؤية حيث أصبح بإمكانه ان يتعلم خلال ساعات عدة كيف يبصر بواسطة لسانه من طريق نظام كهرومغناطيسي يرتكز على شراع الحنك. يقول البروفيسور بول - باخ ريتا أستاذ في جامعة وينكونسن في ماديسون الأميركية "ليست العين مسؤولة عن البصر وانما المخ". وكان هذا الباحث أول من تخيل امكان جعل الأعمى يبصر بواسطة معلومات لا تكوِّنها العين وانما يقوم الجلد بتشكيلها بطريقة لمسية. وبعد مرور ثلاثين عاماً، سمح تطور التقنيات للباحث ريتا ان يجسد فكرته حول نظام الرؤية "اللسانية". أما في فرنسا، فقد تم تطوير هذا النظام من جانب فريق البروفيسور اليانا سامبايو من مختبر دراسة الأنظمة البصرية والشعورية من جامعة لويس باستور في ستراسبورغ. يقول البروفيسور سامبايو: "يعمل فريقنا بالتعاون مع بول - باخ ريتا منذ عام 1992. وقد طور مواضيع بحثه الخاصة به أيضاً وخصوصاً ما يتعلق بتطبيق النظام على الأطفال الذين يعانون اعاقات بصرية". وإذا كان نظام الرؤية بالتماس TVSS يبدو سحرياً فإن مبدأه بسيط جداً. فهو يقوم على تحويل الصور المرئية الى صور تماسية. والنظام عبارة عن "كاميرا" تصور المحيط. وتقوم وحدة حاسوبية بتحويل الصور الى نقاط. هذه النقاط تحول الى مصفوفة تطبق على اللسان، فتعطيه تحريضات كهربائية بسيطة. يحس المرء في البداية بدغدغة في الموضع الملتقط من الكاميرا. فإذا تحرك جسم أمام العدسة، فإن ذلك يترجم الى موجة من التحريض العصبي تتحرك بالاتجاه نفسه على المصفوفة الموجودة على اللسان. فإذا ابتعد الجسم أو اقترب فإن بقعة التحريض تتقلص أو تتمدد مع الأخد في الاعتبار مقدار التكبير أو التصغير الذي يؤدي الى اقتراب الجسم أو ابتعاده. وبما ان الدماغ جهاز بالغ الروعة، فإنه وبعد مرور أقل من عشر ساعات، تبدأ المرحلة التي يسميها الباحثون "الانتقال الى العالم الخارجي" حيث يبدأ المريض بنسيان احساساته اللمسية ويقوم برؤية الأشياء التي حوله في شكل حقيقي وكما هي متوضعة في مجال الرؤية الذي ترصده الكاميرا. وتختلف سرعة الاندماج في هذا الإبصار الجديد بحسب حيوية المريض الذي يحرك الكاميرا بنفسه وينشئ بذلك علاقة مباشرة بين تحركاته وحواسه. بالطبع، تبقى حال الصورة دون المستوى المطلوب لكنها كافية للتعرف إلى الأشكال والوجوه وملاحظة الأشياء المتحركة واختبار المساحات الموجودة. ويكفي أن هذه الطريقة تفتح أبواب عالم كان عصياً على فاقد البصر، ولا يتمكن المريض من الحصول على معلومات بصرية كاملة، وانما يصل الى مرحلة تمكنه من ابصار الخيالات الحركية كما يستطيع كل منا ان يفعل. عن مجلة Sciences et Avenir