نائب أمير حائل: إنجازات لوطن شامخ    القيادة تتلقى المزيد من التهاني بمناسبة اليوم الوطني    ⁧‫أمير القصيم‬⁩ يطلق مسيرة اليوم الوطني 94    اليوم الوطني إشارات وبشارات    الرياض تحتل المرتبة الثالثة عالمياً والأولى آسيوياً في مؤشرات جودة الحياة والتطور التقني    سفارة المملكة في نيجيريا تقيم حفلاً بمناسبة اليوم الوطني ال 94    نيابةً عن خادم الحرمين.. وزير الخارجية يلقي كلمة المملكة في قمة المستقبل    الملك وولي العهد يهنئان رئيس سريلانكا    النصر إلى دور ال16 من كأس خادم الحرمين الشريفين بفوزه على الحزم    السفير القطري: المملكة تمضي بخطى ثابتة في مسار تحقيق أحلامها    محافظة الدلم تحتفل باليوم الوطني 94    صالح الشادي.. الشخصية الوطنية لليوم الوطني ال 94    د. التميمي: القطاع الصحي في المملكة يشهد تحولاً نوعياً    «الداخلية» تكتسي اللون الأخضر ابتهاجاً باليوم الوطني ال 94    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على بعض مناطق المملكة ابتداءً من اليوم الاثنين حتى الجمعة المقبل    المرهون : اليوم الوطني رمزاً للإنجازات التي حققتها المملكة على مر السنين    الى جانب العربي القطري والقادسية الكويتي.. قرعة بطولة الاندية الخليجية تضع الاتفاق في المجموعة الثانية    الأمر بالمعروف في جازان يشارك في فعاليات اليوم الوطني ال٩٤    فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشارك في فعاليات اليوم الوطني    مدرب القادسية يرفع راية التحدي قبل مواجهة الاهلي    "دار التوحيد".. أول مدرسة نظامية أسسها الملك عبدالعزيز    الهلال الأحمر السعودي بمنطقة نجران يستعد للاحتفال باليوم الوطني ال 94    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 41455 شهيدًا    سلمان المالك عضو مجلس إدارة شركة ركاء القابضة: اليوم الوطني ال 94 ملحمة الفخر والانتماء    غارات إسرائيلية غير مسبوقة.. رعب في أوساط «حزب الله»    وزير الصناعة يبدأ زيارة رسمية إلى أميركا للتعاون الصناعي والتعديني    اليوم الوطني 94 (نحلم ونحقق)    صعود الدولار والين يواصل الهبوط    مواجهات محتدمة في أم درمان.. و«حرب شوارع» في الفاشر    رئيس جمعية ساعد يهنئ القيادة الرشيدة والشعب السعودي بذكرى اليوم الوطني "94"    د. التميمي: القطاع الصحي في المملكة يشهد تحولًا نوعيًا بفضل دعم القيادة الرشيدة    آل هيازع في اليوم الوطني 94 : الريادة العلمية قاطرة الاقتصاد المعرفي    لمسة وفاء.. اللواء ناصر بن صالح الدويسي    بعثة المراقبة الدائمة لروسيا لدى منظمة التعاون الإسلامي تحتفل باليوم الوطني السعودي    نحلم ونحقق.. 990 أمان لكم    «فلكية جدة»: دخول «الاعتدال الخريفي 2024».. فلكياً    فيصل بن بندر يرعى احتفاء «تعليم الرياض» باليوم الوطني ال94    للمرة الأولى في المملكة .. "الدمام" تستضيف أول بطولة دولية في كرة الطاولة    التميمي: توظيف تقنيات الفضاء لمعالجة التغير المناخي    مناهج عصرية في التعليم.. الهدف بناء الإنسان    الشعر والعرضة والأهازيج الشعبية تزين احتفالات «مكس اف ام» بيوم الوطن    استدامة.. تطور وقفزات    قائد محور البقع ل«عكاظ»: اليوم الوطني.. احتفاء بمسيرة عريضة من الإنجازات    اليوم الوطني ملحمة التاريخ    بخطى متسارعة.. «غير النفطي السعودي» يتجاوز %4.4    «المونديال» في قلب السعودية    في كأس الملك.. النصر لا يخشى الحزم    اليوم الوطني السعودي.. هوية وطنية ونهضة مستمرة    بقيادة الملك سلمان وسمو ولي العهد.. السعودية.. أيقونة الازدهار والابتكار    شمس الوطن لا تغيب    أروح لمين ينصفني منك؟    يمثل أحد أهم مظاهر التحول التنموي والحضاري الكبير.. الحراك الثقافي في المملكة.. تحولات جذرية وانطلاقة عالمية    مسجلة في قائمة التراث العالمي في اليونسكو.. عجائب تراثية سعودية تبهر العالم    الربيعة يتحدث عن التحديات والأزمات غير المسبوقة التي تعترض العمل الإنساني    اكتشاف فصيلة دم جديدة بعد 50 عاماً من الغموض    لا تتهاون.. الإمساك مؤشر خطير للأزمات القلبية    مصادر الأخبار    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضاغطاً على النخاع الشوكي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محجبات قادمات من الغرب . تونس : نزاع بين قوانين بورقيبة و "الحجاب السياسي"
نشر في الحياة يوم 11 - 09 - 2001

ان تكتب عن الحجاب وظاهرة التدين من تونس، وفي واقعها، فهذا يحيلك الى محاذير كثيرة ويدفعك نحو رمال متحركة بدءاً من سوء الفهم والتفهم ومروراً بقوالب جاهزة ترى العالم في حرب الكل ضد الكل في خندقين معنا أو ضدنا وانتهاء بدعاية مشوهة تصوّر "الخضراء" تونس جحيماً لا يطاق لكل من أطلق لحيته، أو من تزينت بالحجاب. وفي الثالث من آب اغسطس الماضي حملت "اميمة" ابنتي الى حديقة "دح دح" للألعاب مدينة الملاهي الكبرى في العاصمة احتفاء بعيد ميلادها الثاني. وكان لافتاً في هذه الأمسية الحارة للصيف الساخن وجود اعداد مهمة من الشابات والسيدات يتجوّلن مع عائلاتهن في الحديقة ويلعبن بكل حرية مع اطفالهن. ولم يكن هناك شرطي وراءهن.
بل إن التونسيين شاهدوا عبر شاشات التلفزة وفي مقر الرئاسة التونسية في قرطاج وفي مناسبات رسمية تونسيات محجبات مع ظهور بعض الخصلات من شعرهن بانتباه لخطاب الرئيس زين العابدين بن علي مما يعد مؤشراً مهماً على نهاية حال التوجس وقطع السلطات التونسية نهائياً في اتجاه التمييز بين ظواهر التدين والتطرف والإرهاب. ولم نسمع عن شابات محجبات قادمات من المهجر سواء من فرنسا أو ألمانيا أسيء التعامل مع ما يحملن من قناعات. ويعد فيلم "عزيزة" للمخرج التونسي عبداللطيف بن عمار والذي صور في منتصف السبعينات اول من نقل الى العالم صوراً جديدة لشابات تونسيات يلبسن شيئاً جديداً غير "السفساري" لباس المرأة التونسية في العصور الحديثة وغطاؤها الشرعي والمجتمعي الذي يحجب نظرات نزقة او شهوات منفلتة. إذ بدأت ظاهرة الحجاب تكتسح الثانويات والجامعات وبعض العائلات لتصطدم بأولى حلقات الصراع بين السلطات والإسلاميين الأصوليين في بداية الثمانينات والأهم من ذلك بالإرث البورقيبي الذي نهل من معين الكمالية التركية والحداثة الأوروبية والذي تجسد في قوانين مثيرة وسياسات منفعلة.
سميرة، سيدة تونسية، هاجرت مع زوجها الى فرنسا منذ نحو 10 سنوات. وتعد الجالية التونسية في فرنسا الأكثر عدداً ونشاطاً من اجمالي 700 ألف تونسي مهاجر في اوروبا وبلدان المغرب العربي وبعض الكوادر في دول الخليج. ويبدو ان بين الهجرة والتوانسة مشاعر تتراوح بين الأحلام بالثورة والارتقاء بمستوى العائلة وحنينهم الدائم الى بلدهم، لذلك لا يمكثون كثيراً في "الخارج" كما يقولون وأقصى امنياتهم العودة بسيارة وبناء "قبر الحياة" وبعث مشروع استثماري، في حين يطمح اللبنانيون مثلاً لاعتلاء منصب الرئاسة في اميركا الجنوبية. وكثيراً ما يعمد التونسي في المهجر الى الانزواء في ببوشته "الصدمة" ولا يحتك كثيراً بالمجتمع المهجري... تحجبت سميرة منذ 10 سنوات في تلك المدينة الصغيرة في لي فوغ شمال شرقي فرنسا. وقد تعزز شعورها كما تقول بالفخر بالحجاب لأمر ديني واضح لا يحتمل التأويل، وبعد رحلتها الى بيت الله للحج.
وتعتقد سميرة ان فرنسا بلد يحترم الحريات الدينية فهم يحترمونني عندما ألبس الخمار ويحترمون تديني سواء في مقر عملي المتنقل بين بيوت الفرنسيين للتنظيف أو في الأسواق. وتؤكد انه لا وجود لأي نوع من القلق أو الضغوطات سوى في محطات المترو حيث النظرات والممارسات العنصرية تجاه الأجنبي عموماً. فهؤلاء المتعصبون يبرزون لنا نظرات "تقزز" من الحجاب والخمار لأنه الشكل البارز والواضح ليس لهويتنا الدينية بل لجغرافيتنا وتاريخنا غير الفرنسي وكعمال وعائلات نزاحهم في قوت يومهم ومكتسباتهم الاجتماعية. ولعل العائق الرئيس في حياة المحجبات في فرنسا هو منع المحجبات من الدراسة في الثانويات والجامعات وأكثر من ذلك فالمرأة المحجبة يمكن ان تصبح اسيرة لمزاج مدير القاعات الرياضية عندما تريد ان تمارس الرياضة مثل بقية الفرنسيات. واستُفزت سميرة عندما سألناها عن بعض الحوادث أو الطرائف التي مرت بها في تجربتها مع الحجاب معتبرة ان الحديث عن الخمار مقدس وأمر لا يجوز فيه تناول طرائف.
وتتذكر منيرة 29 عاماً ايام كانت تلبس "القرّية" ولا تبالي بالمسافة بين طرف الثوب وركبتها و"الشيخات" على البحر وليالي المراقص الليلية في المرسى والحمامات وهي تدعو الله ان يغفر لها ويتوب عليها بعد ان عرفت الطريق إليه ولبست الحجاب. وكان طريقها نحو الحجاب في بلاد الغربة في مدينة نيس الفرنسية من خلال دعوة احدى النساء اللواتي سبقنها الى الإيمان كما تقول. ولفتت منيرة الى أن لبس الحجاب جعلها تشعر أنها مختلفة عن الأخريات وأن نظرات حب الاستطلاع تلاحقها من قبل الجيران وفي السوق، اما في المترو فالذي يجري أعنف من ذلك.
وأبرزت منيرة ان شرطها الوحيد على اصحاب العمل في نيس هو الاّ تنزع حجابها ولا يهم بعد ذلك الراتب. وتؤكد انها لم تجد اية صعوبات في الاندماج بزيها، خصوصاً ان عملها يحتم عليها المرور على المطاعم والحانات والمقاهي. اما في المدرسة الابتدائية فلا تمنع المحجبات، ويبدأ المنع في الثانويات والجامعات. ومع ذلك فإن منيرة التي تنتقل بين المحافظات الفرنسية ترى ان نظرات الفرنسيين والفرنسيات للمحجبة في المدن الصغيرة محورها التعجب، وفي باريس "شيء طبيعي".
تصر السيدة آني الفرنسية على قضاء عطلتها على شواطئ تونس الجميلة منذ ان تزوجت سي "احمد" قبل 16 عاماً وأنجبت منه ولداً وبنتاً. لا يعير سي احمد التونسي اهتماماً دقيقاً بالتعاليم الدينية. وتؤكد ان مسألة لبس الحجاب في فرنسا مسألة عادية حيث الحرية الدينية مضمونة بالدستور. ولكنها تعتقد ان ما يثير الفرنسيين ويدفعهم الى منعه في المعاهد والجامعات هو اتخاذه غطاء لممارسة انشطة سياسية ربما حملت إليهم رياح الإرهاب مثل الجزائر بحسب زعمها. ووسط دوامة المشاهد وحرقة الأسئلة لمحجبات تونسيات في فرنسا، تساءلت ماذا ستختار غداً ابنتي أميمة: لباس شابات تونس اليوم ام الحجاب؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.