في وسط تجاذبات دولية متعددة بشأن الحرب النووية التي يتصارع فيها الشرق والغرب، أتى إنشاء مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية، لتؤكد استمرار السعودية في البحث عن فرصها المناسبة للدفاع عن نفسها في ظل الاتفاقيات الدولية. وقد أصدر الملك عبدالله أمراً ملكياً بإنشاء مدينة علمية، تسمى مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، وتعيين الدكتور هاشم بن عبدالله يماني رئيساً لمدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة. و أتى إنشاء المدينة ليقابل الطلب المتنامي على الكهرباء والماء على الموارد الهيدروكربونية الناضبة لاستخدامها في توليد الكهرباء و تحلية المياه، التي ستستمر الحاجة لتوفيرها بشكل متزايد، وكذلك للمساعدة في استخدام مصادر بديلة مستدامة وموثوقة لتوليد الكهرباء وإنتاج المياه المحلاة، يقلل من الاعتماد على الموارد الهيدروكربونية و يوفر ضماناً إضافياً لإنتاج الماء والكهرباء في المستقبل، ويوفر في الوقت ذاته الموارد الهيدروكربونية، الأمر الذي سيؤدي إلى إطالة عمرها وبالتالي إبقائها مصدراً للدخل لفترة أطول. وأضاف المرسوم أن الاستخدام السلمي للطاقة الذرية سيمكن الدولة من استشراف حاجة المجتمع والتخطيط لتلبيتها بشكل دقيق ومدروس، يزيد من معدل التنمية ويعطي المملكة القدرة المعرفية حسب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تنظم الاستخدام السلمي للطاقة، ويوفر المواد الضرورية للاستخدامات الطبية وفي المجال الزراعي والصحي الاحتياجات الوطنية. وتهدف المدينة إلى المساهمة في التنمية المستدامة في المملكة، وذلك باستخدام العلوم والبحوث والصناعات ذات الصلة بالطاقة الذرية والمتجددة في الأغراض السلمية، وبما يؤدي إلى رفع مستوى المعيشة وتحسين نوعية الحياة في المملكة، وتقوم المدينة بدعم ورعاية نشاطات البحث والتطوير العلمي وتوطين التقنية في مجالات اختصاصاتها. وتقوم في المجال البحثي بتحديد وتنسيق نشاطات مؤسسات ومراكز البحوث العلمية في المملكة في هذا المجال، وتنظيم المؤتمرات المحلية والمشاركة في المؤتمرات الدولية، وتحديد الأولويات والسياسات الوطنية في مجال الطاقة الذرية والمتجددة، من أجل بناء قاعدة علمية تقنية في مجال توليد الطاقة والمياه المحلاة، وفي المجالات الطبية والصناعية والزراعية والتعدينية. و تعمل المدينة على تطوير الكفاءات العلمية الوطنية في مجالات اختصاصاتها، وتشتمل هذه المدينة على متطلبات البحث العلمي كالمختبرات ووسائل الاتصالات ومصادر المعلومات، كما تحتوي على جميع المرافق اللازمة للعاملين في المدينة. و لأن المدينة يجب أن تقوم بأداء رائد فإن دورها يتطلب اقتراح السياسة الوطنية للطاقة الذرية والمتجددة، ووضع الخطة و الإستراتيجية اللازمة لتنفيذها واقتراح الأنظمة واللوائح ذات الصلة، مع تنفيذ برامج بحوث علمية تطبيقية في مجال اختصاصاتها،بمفردها أو بالاشتراك مع الغير داخل المملكة وخارجها، وتوليد الطاقة والمياه المحلاة وترشيد استخدامات الطاقة للمحافظة على الموارد الطبيعية وتحسين كفاءة استخدامها. وتمثل مدينة الملك عبدالله المملكة، أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمؤسسات الدولية الأخرى ذات الصلة، بالتعاون مع المؤسسات والمنظمات المماثلة في الدول الأخرى والمنظمات الدولية ومراكز البحوث العالمية، وتقوم بإصدار التنظيمات الخاصة بالوقاية من أخطار الإشعاعات الذرية، بالنسبة للعاملين المتخصصين وللجمهور. ويطمح الكثير من المتخصصين أن تكون المدينة هي الجهة المعنية بالإيفاء بالالتزامات الوطنية حيال جميع الاتفاقيات التي وقعتها أو ستوقعها المملكة بخصوص الطاقة الذرية والمتجددة وتتولى مسؤولية الإشراف والرقابة على جميع الأعمال الخاصة باستخدامات الطاقة الذرية وما ينتج عنها من نفايات مشعة. ونص مرسوم إنشاء المدينة أن ينقل إليها الإدارات المعنية بالطاقة الذرية والمتجددة العاملة حالياً في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، بما في ذلك منسوبي تلك الإدارات. وقد أٌقِر مجلس أعلى للمدينة رئيسه الملك عبدالله، وعضوية كل الوزارات المعنية، يكون هو السلطة العليا لها، ويشرف على إدارتها وتصريف أمورها وله أن يتخذ كافة القرارات اللازمة لتحقيق أغراضها في حدود أحكام النظام. و لما تتطلبه مهمة المدينة من استيراد الكثير من الأجهزة والمواد الخاصة بالبحث العالمي، أُعفيت المدينة من جميع أنواع الضرائب والرسوم الجمركية على المعدات والآلات التي تستوردها خصيصاً لنشاطها العلمي. يذكر أن الدكتور هاشم بن عبدالله يماني عين رئيساً لمدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة بمرتبة وزير، والدكتور وليد بن حسين أبو الفرج والدكتور خالد بن محمد السليمان نائبان للرئيس.