في خطوات متلاحقة توحي بسباق مع الزمن تقوم به حكومة ارييل شارون، توالت الانتهاكات الاسرائيلية للاتفاقات الموقعة مع السلطة الفلسطينية لفرض المزيد من الحقائق على الارض، ما رأى فيه الفلسطينيون "اعلان حرب" شاملة استدعى توجه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الى القاهرة لعقد اجتماع طارئ مع الامين العام للجامعة العربية ووزيري الخارجية المصري والاردني والمطالبة بارسال قوات حماية دولية للفلسطينيين على وجه السرعة في اعقاب اقتحام الدبابات الاسرائيلية قلب مدينة جنين الواقعة ضمن السيطرة الفلسطينية الكاملة. راجع ص 4 وحذر شارون الفلسطينيين مساء امس من انهم سيدفعون ثمناً سياسياً باهظاً "اذا واصلوا سلوك طريق الارهاب". وقال ان الفلسطينيين دفعوا هذا الاسبوع ثمناً سياسياً لعملياتهم "الارهابية" تمثل في الاستيلاء الاسرائيلي على "بيت الشرق" وابو ديس. وزاد امام ضباط الشرطة الذين التقاهم في القدس ان قضية القدس "مركزية وحاسمة" بالنسبة الى اسرائيل، وانه لن يسمح اكثر "بتآكل مكانتها وتهريب الاسلحة اليها. وما كان في الماضي لن يحصل في المستقبل". واضاف شارون انه خول وزير خارجيته شمعون بيريز اجراء اتصالات لوقف النار والبحث عن سبل لمنح تسهيلات "لفلسطينيين غير ضالعين في الارهاب"، وان موقف اسرائيل من عدم التفاوض السياسي تحت وقع النار "لم ولن يتغير". ووعد شارون مستوطنة "غيلو" الواقعة جنوبالقدس وتعرضت امس لاطلاق النار من منطقة بيت جالا بأنه سيأتي يوم تنعم فيه المستوطنة بالهدوء، من دون ان يحدد موعداً او طريقة لتحقيق ذلك، وسط تكهنات اسرائيلية بامكانية تنفيذ هذا الاجتياح الليلة. وكان رئيس بلدية القدس الاسرائيلي ايهود اولمرت طال حكومة شارون بتنفيذ عملية اجتياح لبيت جالا مماثلة لتلك التي نفذت في مدينة جنين الليلة قبل الماضية لوقع حد لعمليات اطلاق النار على مستوطنة "غيلو". وتعالت الاصوات في اسرائيل لاعادة احتلال بيت جالا التي تشرف تلالها على المستوطنة المذكورة وذلك مع اقتراب موعد افتتاح العام الدراسي. وافاد شهود ل"الحياة" ان الاحياء المطلة على بيت جالا في مستوطنة "غيلو" باتت فارغة من السكان بعدما انتقل العشرات من المستوطنين الى منازل بعيدة عن مرمى النيران الفلسطينية او الى داخل القدس الغربية. ووصف وزير الاعلام في السلطة الفلسطينية ياسر عبد ربه الاقتحام العسكري الاسرائيلي بالدبابات لمدينة جنين ومحيطها بأنه "اعلان حرب"، وقال ان السلطة الفلسطينية دعت الى اجتماع طارئ لمجلس الامن الدولي للبحث في الاعتداءات الاسرائيلية الاخيرة بما فيها احتلال "بيت الشرق". وقال وزير الحكم المحلي صائب عريقات انه بعث برسالة الى الادارة الاميركية طالبت فيها السلطة الفلسطينية واشنطن بعدم استخدام "الفيتو" ضد ارسال مراقبين او قوات حماية دولية للفلسطينيين في اعقاب عملية جنين. واعتبر الفلسطينيون عملية اقتحام جنين "فاشلة" واحتفل العديد منهم بتمكنهم من التصدي للالة الحربية الاسرائيلية وارغامها على الانسحاب بعد ثلاث ساعات من معركة حامية جرت بين المقاتلين الفلسطينيين وقوات الاحتلال ادت الى اصابة ثلاثة فلسطينيين بجروح وتدمير مقرين للسلطة الفلسطينية. وحذرت حركة "حماس" بلسان احد قادتها السياسيين عبد العزيز الرنتيسي حكومة شارون من هجمات فلسطينية اخرى في الايام المقبلة، فيما هدد بيان للحركة بالرد بقوة على اي محاولة اسرائيلية مماثلة في المدن الفلسطينية الاخرى. وكان احد القادة العسكريين الاسرائيليين حذر من وقوع "تسع عمليات في اليوم الواحد". وانتقدت الولاياتالمتحدة امس الهجوم الاسرائيلي على مدينة جنين ودعت الطرفين الى اتخاذ اجراءات فورية لوقف اعمال العنف. وقال شون ماك كورماك الناطق باسم البيت الابيض "ان التوغلات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية، كما سبق وقلنا، تشكل استفزازاً وتنسف الجهود المبذولة لايجاد مناخ من الهدوء. اننا نناشد الجانبين اتخاذ اجراءات فورية لاقامة اجواء من الاعتدال والهدوء". وفي بروكسيل،اعتبرت امس الرئاسة البلجيكية للاتحاد الاوروبي ان "اغلاق بيت الشرق ومؤسسات اخرى في القدس لا يخدم مصالح السلام ولا يمكن الا ان يضعف القيادة الفلسطينية في الوقت المطلوب منها التحرك بحزم لمكافحة التشدد". وفي الشارع الاسرائيلي، بلغت مظاهر الخوف والتحسب من وقوع هجمات فلسطينية جديدة ذروتها اذ صارت المقاهي واماكن الترفيه وموقع السوق المفتوحة السنوي الذي افتتح امس في القدس الغربية شبه خالية بينما لا تزال حالة التأهب القصوى لدى الاجهزة الامنية الاسرائيلية في اعلى مستوى لها. واعلن في القدس عن الغاء فرقة الروك الاميركية "الفلفل الاحمر" حفلة لها كانت مقررة اواخر الشهر الجاري "لاسباب امنية". وقتل فلسطيني امس وجرح آخر رويترز، ا ف ب. وذكر اطباء في مدينة نابلس ان شادي عفوري 22 عاما قتل في ما وصفوه بانفجار اثناء اعداد قنبلة. وافاد شهود ومصادر امنية ان حمادة براش، وهو ناشط من "فتح" وعضو ايضا في القوة 17 اصيب فجر امس بجروح خطرة بعدما تعرضت سيارته لقذيفة اطلقتها المدفعية الاسرائيلية فيما كان يتنقل في مدينة رام الله في الضفة الغربية.