لم يسمح وزير الداخلية السوري الدكتور محمد حربة لعدد من النواب والمهتمين بقضايا حقوق الانسان بزيارة النائب الدمشقي المستقل محمد مأمون الحمصي، الذي نقل بعد ظهر اول من امس من القصر العدلي عبر سوق الحريقة التجاري الى سجن عدرا قرب العاصمة السورية. وتردد كلام لدى أقربائه وأهله عن تردي صحته بسبب معاناته من مرض السكري واستمراره في الاضراب عن الطعام منذ يوم الثلثاء الماضي. ومن المقرر ان يتوجه اليوم السبت المحامي حبيب عيسى الى عدرا لزيارته بعد الحصول على إذن نقابة المحامين في اطار وفد من المحامين تطوعوا للدفاع عنه. كما يسعى أعضاء في "لجان المجتمع المدني" ونواب وأصدقاء الى توسيع دائرة الداعمين للحمصي، في وقت جلس الدكتور شبلي الشامي في مكتب النائب المعتقل للرد على اسئلة الصحافيين بعدما أزال علم سورية والبيان من على باب المكتب. وقال عيسى ل"الحياة": "هناك أمر إيجابي يحصل للمرة الاولى، هو ان القضاء المدني يتعامل مع اتهام يتعلق بالتشهير بالدستور، بعدما كان يتم ذلك سابقاً عبر القضاء الاستثنائي ممثلاً بمحكمة أمن الدولة العليا أو أجهزة الاستخبارات التي كانت تعتقل المتهم". ودار نقاش قانوني حول قضية الحمصي، اذ ان رئيس دائرة التحقيق السابعة في القصر العدلي فائز ابو دلّي وجه اليه تهمة "التشهير بالدستور ومعاداة النظام" استناداً الى المادة 67 من الدستور الذي يمنح النواب حصانة طوال ولاية المجلس ولا يجيز أي اجراءات جزائية ضدهم إلا في حال الجرم المشهود. واستند توجيه التهمة الى ان الحمصي علق بياناً بقياس كبير على باب مكتبه وسط دمشق يتضمن المطالبة برفع حال الطوارئ وتقييد دور أجهزة الأمن وتشكيل لجنة لحقوق الانسان في البرلمان. ولأن البرلمان في إجازة أعطى رئيسه السيد عبدالقادر قدورة إذناً خطياً لوزير العدل محمد نبيل الخطيب لإصدار "مذكرة إحضار" نفذت صباح أول من أمس. وقال بيان رسمي لوزارة الداخلية السورية ان الحمصي "اعترف بإصداره واعلانه بياناً يتضمن محاولة استهداف النظام بطرق غير مشروعة ومحاولة منع السلطات من ممارسة وظائفها ومحاولة النيل من الوحدة الوطنية والتشهير بالدولة ومقاومة أعمال مؤسساتها وذم وقدح السلطات التشريعية والتنفيذية". لكن المحامي عيسى يشير الى عدم صحة هذه التهم قانونياً، موضحاً ان ما قاله الحمصي وكتبه هو "تكرار لمطالبه في جلسات البرلمان، وطالما ان مداولات البرلمان علنية ويجب ان يطلع عليها الرأي العام فإن أحداً لا يستطيع منعه قانونياً من ذلك"، استناداً الى المادة 66 من الدستور التي تمنع مساءلة أعضاء المجلس جزائياً او مدنياً بسبب وقائع يوردونها او آراء يبدونها أو التصويت في الجلسات العلنية او السرية". وأشار المحامي عيسى الى ان "الاعتصام ليس جرماً، اذ كان متوقعاً ان يسأل احد المسؤولين لمحاورته وليس اعتقاله". وهو كان زار النائب الحمصي أول من أمس في غرفة النظارة في القصر العدلي بعد حصوله على إذن النائب العام، ونقل عنه قوله: "ما أفعله هو لأجل الوطن ولأجل الحرية". في المقابل، شنت حملة رسمية على النائب الحمصي تتهمه بالفساد وممارسة التهريب والتهرب من دفع ضرائب الى وزارة المال تبلغ نحو 45 مليون ليرة سورية الدولار يساوي 48 ليرة. وقال عيسى: "إذا كانت هناك مشكلة مالية فيمكن حلها قانونياً". وتلقت "الحياة" في لندن بياناً من اللجنة العربية لحقوق الانسان طالبت فيه بالإفراج فوراً عن الحمصي، واعتبرت اعتقاله "اجراء خطيراً وقراراً تعسفياً جديداً يتابع الأساليب التي عرفتها سورية في العقود الثلاثة الماضية".