تعتبر "ظاهرة توتر ما قبل العادة الشهرية" Pre Menstrual Stress Syndrome، واختصاراً PMS، من الاضطرابات النفسية الشائعة لدى النساء في أرجاء العالم كافة. ومع ذلك تأخر الطب النفسي في الاعتراف بها مرضاً مستقلاً! يتألف PMS من أعراض نفسية وجسدية عدّة تسبق حيض العادة الشهرية، الذي يؤدي إلى توقف هذه المعاناة. وفي حال استمرار الأعراض بعد خروج دم الحيض، يجدر التفكير في سبب آخر لها غير "ظاهرة ما قبل العادة". ويشكل الارتباط المباشر بين العادة الشهرية وPMS، أساساً في فهم هذا الاضطراب وتشخيصه، وفي حال غيابه ينتفي تشخيص هذا الاضطراب. وتضم قائمة الأعراض نحو 150 شكوى، و بالطبع لا تصاب أي امرأة بها كلها. ومن أكثرها شيوعاً: التوتر و"النرفزة" والصداع والاحساس بالوهن والنفخة وتقلبات المزاج والغضب والدوار ونوبات الذعر وسرعة البكاء والوجع في الثدي وزيادة حساسية الجلد والجهاز التنفسي وتورم الكاحلين والاحساس ب"الامتلاء بالماء" وتقلب ضغط الدم ...إلخ. تبدأ الأعرض بالظهور قبل موعد العادة بما بين ثلاثة أيام و15، وتنتهي كلها مع بدء خروج دم العادة، ما يولد ارتياحاً لدى النساء. ويظهرPMS لدى واحدة من كل ثلاث إناث، ما يعني أن مئات ملايين النساء يعانين هذا المرض طوال مدة خصوبتهن التي تمتد من بدء المراهقة إلى سن انقطاع الطمث، وتصاب واحدة من كل عشرين امرآة بأعراض قوية وحادة تقتضي رعاية وعلاجاً. العلاج ترتاح كثيرات إلى مجرد معرفتهن أن ما يعانينه مرض عابر ينتهي مع بدء الحيض، لذا تعد إجراءات التثقيف والتوعية من أساسيات العلاج. وثمة نسوة يحتجن إلى القليل من الاهتمام العاطفي والدعم النفسي من "الدائرة الحميمة" من الأشخاص، مثل الزوج أو الأصدقاء أو الأقارب. وفي حالات غير قليلة، تقتضي حدّة الأعراض تدخلاً طبياً بسيطاً، مثل تدريب المصابة على تقنيات الاسترخاء أو ما شابهها من إجراءات العلاج النفسي، إضافة إلى إعطاء بعض المسكنات. وفي الحالات الشديدة، يجب استعمال الأدوية النفسية المضادة للكآبة ANTI DEPRESSENTS، أو مزيلات التوتر ANXIOLYTICS. وينصح بعض الاختصاصيين بضرورة اتباع نمط خاص من التغذية، قوامه زيادة تناول الفواكه والخضر والنشويات والمواد المحتوية الألياف، والاقلال من السكريات والدهون والملح والقهوة والكحول. ويفيد ممارسة الرياضة الخفيفة، مثل المشي أو التنزه، عشرين دقيقة يومياً. تأخر اعتراف الطب على رغم من شكاوى النساء المستمرة عبر أجيال متعاقبة، لم يعترف علم الطب، الذي يسوسه الذكور، بهذا الاضطراب إلا في السنوات الأخيرة من القرن العشرين! وأدت قوة النساء وصعود دورهن الاجتماعي دوراً في هذا الاعتراف الطبي المتأخر. والمفارقة أن الطب أفرد دوماً منزلة خاصة لجسد الأنثى، وتحديداً ما اتصل بوظائف الحمل والولادة. ولم يجد الطب الحديث أدنى صعوبة في جعل وظائف الانجاب مجال تخصص مستقل. لكأنه يحبذ حصر المرأة واختزالها بوظائف التكاثر، أما عندما يتعلق الأمر بنفسيتها فأن التجاهل هو الرد، خصوصاً أن العادة الشهرية مؤشر إلى غياب وظيفة التكاثر نفسها.