صدر في الكويت أخيراً كتاب "مصادر البكري ومنهجه الجغرافي" للباحث عبدالله يوسف الغنيم، استاذ الجغرافيا في جامعة الكويت. والكتاب يتكون من تمهيد تناول فيه المؤلف سيرة البكري وأسرته وعصره ومن تأثر بهم من الشيوخ، وذكر بعض تلاميذه الذين أخذوا عنه. وأبو عبيد البكري تنتسب أسرته الى قبيلة بكر بن وائل العربية، وكان لأفراد اسرته دور بارز في الحياة السياسية في الاندلس، وحياته صورة من صور مأساة الاندلس في القرن الخامس الهجري. وتناول المؤلف في الفصل الاول تطور المعاجم العربية وكتب البلدان الى عصر البكري، وعرض للمراحل التي مر بها التأليف في هذين الفرعين، وانتهى الى الكلام عن البكري ومؤلفاته الجغرافية، وأبرزها كتاب "المسالك والممالك". وفي الفصل الثاني تحدث المؤلف عن مصادر البكري في كتابيه الجغرافيين "معجم ما استعجم" و"المسالك والممالك"، وهي مصادر لغوية وأدبية وفقهية وتاريخية وجغرافية. أما الفصل الثالث فخصصه المؤلف لدراسة منهج البكري الجغرافي، وذكر فيه تبويب البكري لكتابيه، وتقويم المادة الجغرافية فيهما، مع مقارنة ذلك بغيره من الجغرافيين من أصحاب المعاجم وكتب المسالك. وتطلب البحث من المؤلف وضع منهج غير مسبوق في تحليل شخصية البكري ومصادره ومنهجه الجغرافي ما استلزم اطلاعه على مئتي مخطوط. وانتهى المؤلف في كتابه الى عدد من النتائج الجديدة منها أن معجم البكري الجغرافي هو أول معجم جغرافي عربي، وأسبق المعاجم العربية في استخدام الترتيب الألفبائي، وفاتحة تلك السلسلة من المعاجم التي وقفت أمام خطر التصحيف في الأعلام الجغرافية. وهو يرى أن دراسة هذا المعجم تفيد في التعرف على الجغرافيا التاريخية للجزيرة العربية في صدر الاسلام. وأوصى بضرورة القيام ببحث ميداني لتحقيق الطرق والاماكن والظواهر المختلفة التي تكلم عنها البكري في كتابه، ووضع خرائط تفصيلية لشبه الجزيرة العربية في عصر البكري. من نتائج هذه الدراسة ما تضمنه معجم البكري من تفسير للتسميات اللغوية الخاصة بظواهر الارض المختلفة والتي تعطي دلالة جغرافية معينة. وأشار المؤلف الى تلك النصوص القيمة التي نقلها البكري عن بعض التجار والرحالة الذين وصلوا الى بلاد السودان الغربي، ومثال ذلك ما نقله عن الفقيه عبدالملك بن نخاس الغرفة، كما أشار ايضاً الى تلك النصوص الخاصة بمراسي الساحل الافريقي الغربي التي نقلها عن مؤمن بن يومر الهواري.