شكل ادراج سباق قبرص الدولي ضمن برنامج بطولة العالم للراليات العام الماضي حدثاً ثورياً في هذه الرياضة الميكانيكية، كونه اسهم في ادخال عنصر اكتشاف السائقين والفرق المشاركة مقومات فنية غير تقليدية في المنافسات لجهة استبعاد عامل المعرفة المسبقة بمتطلبات السباق، والذي لا يخفى تأثيره الايجابي الكبير على النتائج، انطلاقاً من ان معطيات الراليات التي تجرى منافساتها على الطرقات العامة ذات الخصائص المختلفة، والتي تتوزع بين الترابية والصخرية والثلجية والمعبدة، توجب التدريبات المسبقة عليها لتعزيز الخبرة وايجاد المعايير التقنية المناسبة للسيارات. وتختلف هذه المعطيات اذذاك عن نظيرتها في سباقات الفورمولا واحد التي تجرى منافساتها في حلبة مقفلة ذات ميزات محددة يشمل التنويع فيها ناحيتي المنعطفات لجهة عددها ودرجة صعوبتها، وتقنية التجاوز. وفي مواجهة هذا الحدث "الثوري" الذي ارتبط بالغاء سباق الصين وقتذاك في ظل مواجهته صعوبات تنظيمية وجماهيرية واعلانية كبيرة، جاءت ردود فعل السائقين والفرق سلبية في مرحلة اولى وصولاً الى التهديد بمقاطعة المنافسات القبرصية، قبل ان تهدأ الامور بعدما ترسخ الاقتناع باهمية السباق الجديد في تكريس عامل المساواة بين السائقين. والحقيقة انه في كواليس الاتحاد الدولي للسيارات الفيا لم يكن ادراج رالي قبرص في روزنامة البطولة حدثاً ثورياً بالكامل، انطلاقاً من ان منظميه تقدموا بملف ترشيحه لاستضافة احدى المراحل قبل اعوام عدة تنفيذاً لحلم راودهم طوال 18 عاماً، وارتبط بمشروع تعزيز النشاطات السياحية في بلادهم ضمن اطار تعزيز نهضتها الاقتصادية عموماً والمرتكزة على هذا الجانب الحيوي. واذا كان رالي قبرص الذي اعتمد اخيراً في روزنامة بطولة هذا العام، والذي جرت منافساته من 31 ايار مايو الى 3 حزيران يونيو شكل باكورة الاحداث الثورية في هذه الرياضة مع بداية الالفية الثالثة، فان شيئاً لا يمنع امتدادها لتشمل راليات اخرى في المستقبل القريب من بينها رالي لبنان الذي يتواجد منذ اعوام عدة هو الآخر على لائحة الانتظار. ولعل ما يعزز الاحتمال الاخير اعتبار مندوبو الاتحاد الدولي رالي لبنان حدثاً "ثورياً" بحدّ ذاته بعدما لمسوا ميدانياً خلال زيارتهم الى لبنان العام الماضي توافر المعطيات التنظيمية الكاملة لجعل منافسات هذا الرالي من بين الاقوى والاجمل في العالم، واهمها بالتأكيد التمويل المثالي الذي توفره شركة مارلبورو، وهم ساووا حظوظه بالحصول على حق تنظيم احدى المراحل بحظوظ رالي بلجيكا. ولا شك في ان الاتحاد الدولي يتطلع حالياً الى تعزيز منهجية الاحداث الثورية المرتبطة باجراء توسيع قاعدة التنظيم العالمي للسباقات، والتي تعزز ناحية الحماسة في الراليات، وتساهم في اجتذاب الاهتمامات الرعائية والاعلامية والاعلانية الاكبر. وتكرست هذه الاهتمامات فعلياً على ارض الواقع هذا العام عبر ارتفاع عدد الشركات المصنعة المرتبطة المشاركة في المنافسات الى ثماني والذي قارب عدد الشركات في سباقات الفورمولا واحد ذات الشعبية الاكثر اتساعاً بالتأكيد... كما حصل الاتحاد على رعاية اعلامية مثالية بعدما بادر مدير فريق سوبارو الى شراء حقوق النقل التلفزيوني للراليات. واعتبر الكيني شيكتار ميهتا، الذي يرأس حالياً لجنة الراليات في الاتحاد الدولي، ان التوسع اصبح ضرورياً بغية انشاد ابعاد جديدة لهذه الرياضة تعزز شعبيتها، وتخرجها من دائرة التنظيم الضيق الذي اقترن مسيرتها في الاعوام الماضية وصولاً الى تكريس انغلاقها الاعلامي والاعلاني المؤسفين "علماً ان اقتراح زيادة عدد المسابقات الى 18، اي اكثر من عدد السباقات في بطولة العالم للفورمولا واحد، موضوع حتى الآن على بساط البحث، على رغم صعوباته المرتبطة بموازنات الفرق وجدول المنافسات الممتد حالياً من منتصف كانون الثاني يناير الى نهاية تشرين الثاني نوفمبر". ولا بد من الاشارة في هذا الاطار الى امكانية ان يشمل التوسع تنظيم راليات في كندا والولايات المتحدة واليابان، ويرى مدير فريق "بيجو"، كورادو بروفيرا بان التوسع الى هذه الدول تحديداً سيعزز احتمال حصول الفرق على عقود تمويل هائلة على غرار نظيرتها في الفورمولا واحد "كما انها ستوجد العلاج الناجع لحل الأزمة الحالية المتمثلة باستبعاد الشركات المصنعة للسجائر، خصوصاً في بعض الدول الاوروبية، والتي يعتبر تأثيرها السلبي كبيراً على موازناتها المالية". والخلاصة ان نمو عالم رياضة الراليات المتزايد بات امراً واقعاً لا يمكن تجاهله على الصعد كافة، وهو يمكن ان يشمل لبنان كما اي دولة اخرى وفي اي وقت... لذلك فالجهوزية التنظيمية القصوى ضرورية والعبرة في التنفيذ.