"أنا أنتظر ان أستيقظ من الحلم لأن ما حدث لا يمت الى الواقع بصلة"، هذا كان تعليق لاعبة كرة المضرب الأميركية جينفر كابرياتي 25 عاماً عقب تتويجها بطلة لدورة "رولان غاروس" الفرنسية إحدى البطولات الأربع الكبرى السبت الماضي، ليس فقط لأنها باتت أول لاعبة اميركية تحرز هذا اللقب منذ كريس ايفرت عام 1986 أحرزت اليوغوسلافية مونيكا سيليش هذا اللقب عام 1992 قبل ان تحصل على الجنسية الأميركية، أو لأنها اللاعبة الأولى التي تحرز اللقبين الأولين من البطولات الأربع الكبرى بعد سيليش قبل 9 أعوام، بل لصحوتها من تحت الركام الذي حل عليها من الهزات العنيفة في حياتها بعد ادمانها المخدرات والقبض عليها بتهمة السرقة ودخولها في دوامة الكآبة ما جعل من عودتها الى الملاعب وفوق ذلك إحراز الألقاب... مهمة مستحيلة. قمة وقاع احترفت كابرياتي المولودة في نيويورك اللعب باكراً وهي في الرابعة عشرة من عمرها، ووُصفت بالنجمة الصاعدة الأكثر تشويقاً وتوقع لها احتكار ألقاب فئتها لسنوات طويلة خصوصاً بعد تأهلها الى نصف نهائي بطولة رولان غاروس في موسمها الاحترافي الأول، وباتت أصغر لاعبة تصل الى هذا الدور في تاريخ البطولات الأربع الكبرى. واتبعت هذا الإنجاز بالتأهل الى الدور ذاته من بطولتي ويمبلدون الإنكليزية وفلاشينغ ميدوز الأميركية في العام التالي، وأحرزت الميدالية الذهبية في دورة برشلونة الأولمبية 1992 بعد فوزها على الألمانية شتيفي غراف... وربما "طارت" الى القمة بدلاً من صعود درجات السلم، وبعد 4 سنوات على احترافها وتحديداً في العام 1994 تبدلت صورتها من الفتاة الموهوبة الى المراهقة الطائشة، عندما أعلنت رغبتها في ترك اللعب، وتعرفت الى مجموعة من الطائشين والطلبة الفاشلين الذين كانت هوايتهم الوحيدة تعاطي المخدرات الخفيفة وصنع المكائد والحماقات وسهر الليالي الصاخبة. وبدأت النتائج السلبية ترتد على كابرياتي، ففي العام ذاته قبض عليها بتهمة حيازة ماريوانا نوع من المخدرات الخفيفة، وأفرج عنها بتحذير بعدما خرجت من محل مجوهرات وبحوزتها خاتم ثمين من دون ان تدفع ثمنه، لكنها دفعت ثمن سمعتها عندما وزعت وكالات الأنباء صورها وهي تحمل رقم ملفها الإجرامي، وكأنها تؤكد نهاية مسيرتها في عالم كرة المضرب. وعادت كابرياتي الى وعيها وخضعت الى برنامج مكثف في إحدى المصحات لعلاجها من إدمان المخدرات، واعترفت انها في تلك الفترات عانت الكآبة الى حد انها فكرت في قتل نفسها "لأنني شعرت أن لا أحد يحبني أو يريدني، فكنت وحيدة وحزينة"، وأكملت: "قضيت أسبوعاً في السرير لأنني كرهت كل شيء وعندما كنت أنظر في المرآة أرى صورة فظيعة... كنت قبيحة وسمينة وفكرت في الانتحار". وأضافت: "لم أكن مدمنة مخدرات، ولكنني أدمنت ألمي وكان لدي نوع من السخرية من كل شيء... وكنت أرفض النصائح وأريد اكتشاف كل شيء بنفسي وأريد خوض تجربتي الخاصة بي... كانت فترة صعبة نفسياً وجسدياً". وكانت كابرياتي ألقت باللوم حينذاك على والدها ومدربها ستيفانو الذي اتهمته بإرهاقها والقاء المزيد من الاعباء والمسؤوليات على عاتقها بإرغامها على قبول العروض الترويحية الكثيرة الناجحة مادياً. والآن عاد ستيفانو مجدداً الى تدريب ابنته المتوازنة الأقوى بدنياً ونفسياً وعقلياً. وهي أكدت قائلة: "لحظات مثل هذه التي عشتها في فرنسا يحلم بها كل لاعب ولاعبة... أشعر انني ولدت من جديد لأنني حصلت على فرصة لإعادة الأمور الى نصابها وتعويض السنوات التي أضعتها". وربما يكون اللقبين الكبيرين استراليا مطلع العام الحالي وفرنسا اخيراً دافعاً قوياً للمنافسة على استحقاق كبير يتمثل في بطولة ويمبلدون بعد اقل من اسبوعين، خصوصاً أن احرازها اللقبين السابقين جاء بتغلبها على هينغيس. وإلى جانب هذين اللقبين احرزت كابرياتي 10 ألقاب اخرى في الدورات والمسابقات الصغرى، ولكن جائزة واحدة سيبقى تأثيرها المعنوي كبيراً على النجمة الأميركية وهي التي نالتها من "لجنة جوائز لورا لعالم الرياضة" في مونتي كارلو الشهر الماضي ل"عودة العام" تكريماً لعودتها الى "القمة" التي تدحرجت عنها قبل 11 عاماً.