على رغم الدور الدعائي الذي تؤديه الاذاعة الاسرائيلية الرسمية الناطقة بالعربية والقسم العربي في التلفزيون الرسمي في خدمة حكومة اسرائيل وجيشها، يعترف كبار المسؤولين ان هاتين الأداتين ليستا كافيتين في ادارة المعركة الاعلامية الاسرائيلية على الساحة العربية، ويعزون ذلك الى انتشار الفضائيات العربية التي ترفض بطبيعة الحال ان تؤدي مثل هذا الدور. بعد اسابيع من اقتراح رئيس الحكومة ارييل شارون تخصيص 150 مليون دولار لشراء اجهزة خاصة لتقوية بث الاذاعة والتلفزيون بهدف الوصول الى الرأي العام العربي والفلسطيني لإقناعه ب"الاضرار الناجمة عن الانتفاضة"، اعلنت وزارة الخارجية انها تعدّ العدّة لاطلاق فضائية باللغة العربية يكون التقاطها ممكناً في كل انحاء العالم العربي وتبث بقوة بث اي فضائية عربية. وحسب وزير الخارجية شمعون بيريز ومنسق شؤون المناطق المحتلة البريغادير يعقوب اور، اللذين حضّا شارون على الموافقة على انشاء الفضائية، فان اسرائيل بحاجة الى قناة "تتصدى للتحريض في وسائل الاعلام العربية"، وذلك بعدما "تراجعت قدرات الاذاعة الاسرائيلية الناطقة بالعربية على القيام بهذه المهمة، وأضحت اسرائيل تواجه مشكلة جدية في ايصال رسالتها الى العالم العربي المحيط بها". وقالت صحيفة "معاريف" امس ان الخارجية الاسرائيلية ستجنّد لادارة الفضائية صحافيين مهنيين "يحولون دون جعلها بوقاً اعلامياً قد يمسّ بصدقية الاذاعة العبرية وسمعتها". والمعروف ان الاذاعة الناطقة بالعربية وجهت بثها، منذ اقامتها في الخمسينات، الى الدول العربية وكانت اداة بارزة من ادوات الحرب النفسية الاسرائيلية خصوصاً ابان الحروب. ويقوم بادارة هذه الاذاعة كما القسم العربي في التلفزيون يهود من اصل عربي. اذ يمنع من لم ينه الخدمة العسكرية العمل في غرفة الاخبار او ان يشغل مهمة مراسل للشؤون السياسية او العسكرية. وتعتمد الاخبار والتقارير والمقابلات في هاتين المحطتين على "ترجمة ما تبثه الاذاعة العبرية بما يخدم مصلحة اسرائيل وسياستها. ويفضل المواطنون العرب، وغالبتيهم تتقن العبرية، متابعة الاذاعة والتلفزيون بالعبرية اللذين تتسم برامجهما، على رغم تمييزها ضد النواب العرب وقادة المواطنين العرب، بهامش واسع من حرية التعبير. وتحظى الاذاعة الناطقة بالعربية بشعبية في اوساط نواب اليمين المتطرف الذين يقدّرون الدور الذي تقوم به. وحسب نائب وزير الامن الدخلي المتطرف جدعون عزرا، يتوجب على مسؤولي هذه الاذاعة تجنيد مذيعين عرب ويهود يتقنون العربية للترويج لسياسة اسرائيل والتحريض على الرئيس الفسلطيني، معتبراً ان هذه مهمة "ليست اقل شأناً من التجنيد للجيش". ويرى النائب العربي عزمي بشارة الذي طرح هذه القضية على جدول اعمال الكنيست، ان الحماسة التي يبديها عزرا وامثاله من اليمين للاذاعة العربية تؤكد "ان هذه الاذاعة ليست سوى بوق دعاية في ايدي الاستخبارات الاسرائيلية واجهزة الامن التي تستخدمها لنشر الاكاذيب وتزوير الحقائق". وزاد انه يراد من الفضائية الجديدة ان تتحول الى بوق دعائي يردد اصوات السياسيين والعسكريين من دون اسماع رأي مخالف للمزاج السائد في اسرائيل. واشار الى حقيقة حصر العمل في الراديو والتلفزيون بالعربية في خريجي الجيش "وبخاصة خريجي شعبة الاستخبارات العسكرية او حرس الحدود، اضافة الى اعتماد معايير غير مهنية في مضمون البرامج". ويأتي مشروع اطلاق الفضائية الجديدة في وقت تتهم اسرائيل شبكات التلفزة العالمية، وليست العربية فحسب، بتبني مواقف موالية للفلسطينيين. وارتفعت في الاشهر الاخيرة اصوات تنادي بتقييد حرية العمل للصحافيين الأجانب "وهو امر مشروع خصوصاً ان الدولة في حالة حرب" كما يقول استاذ في جامعة حيفا.