شهدت قضية اختلاسات شركة ناقلات النفط الكويتية تطوراً مثيراً أمس عندما قررت لجنة قضائية عليا في الكويت عدم صلاحية البلاغ الذي قدم إليها من الشركة عام 1998 كأساس لاتهام وزير النفط السابق الشيخ علي الخليفة الصباح بالتورط في هذه الاختلاسات، مما يعني عدم تبني "محكمة الوزراء" لهذه القضية. وفي حين يعتبر قرار اللجنة انتكاسة كبيرة لجهود المعارضة الليبرالية لإدانة الشيخ علي، فإن استهدافه من جانب هذه المعارضة استمر عبر محور آخر. ففي الساعة ذاتها التي صدر فيها قرار اللجنة القضائية رفعت لجنة حماية المال العام في مجلس الأمة البرلمان الكويتي تقريراً إلى رئيس المجلس جاسم الخرافي يتهم الشيخ علي الخليفة بتجاوز القانون في قضية أخرى عام 1983 لا علاقة لها ب"الناقلات" تتعلق بتعيين محافظ البنك المركزي عندما كان وزيراً للمال. وكانت قضية "الناقلات" بدأت عام 1993 عندما قدم مدير الشركة عبدالله الرومي بلاغاً للنائب العام يتهم أربعة مديرين سابقين فيها باختلاس أموال في عقود أبرمتها الشركة ابان الثمانينات ويصل مجموع الأموال المختلسة نحو 120 مليون دولار، وخلال تناول النيابة العامة للقضية، اضيف اسم الشيخ علي الخليفة متهماً خامساً اذ كان آنذاك وزير النفط المسؤول. ودخلت القضية دهاليز القضاء من غير حسم بالنسبة الى علي الخليفة خصوصاً، وفي 14 كانون الأول ديسمبر 1998 وبعد إلحاح من نواب المعارضة الليبرالية في المجلس، كلفت الحكومة شركة الناقلات تقديم بلاغ جديد حول القضية وأحال النائب العام البلاغ إلى محكمة الوزراء التي قامت - وفق القانون - بتكليف لجنة تحقيق قضائية عليا النظر في البلاغ وتقدير جدية الدعوى. وأمس أصدرت هذه اللجنة برئاسة المستشار عبدالهادي العطار وعضوية مستشارين آخرين تقريراً من 28 صفحة تناول تفصيلات القضية منذ بدايتها ورفضت فيه قبول البلاغ المرفوع من مدير الشركة عبدالله الرومي في 14 كانون الأول 1998 كأساس لتحريك الدعوى ضد الشيخ علي الخليفة عند محكمة الوزراء. وجاء في نص القرار ان هذا البلاغ "افتقد وصف البلاغ المكتوب والموقع المنصوص عليه في المادة الثالثة من القانون محاكمة الوزراء مفتقراً للعناصر الجوهرية المعول عليها اجرائياً لفحصه وتحقيقه، إذ لم يصرح فيه باسم وزير ولم يتضمن وقائع تصلح موضوعاً لتحقيق تجريه اللجنة، ناهيك عن البحث في جديته". واعتبرت اللجنة ان البلاغ لم يصدر بإرادة حرة من مدير الشركة، بل جاء "منطوياً على إرادة غير صحيحة في التبليغ، وقد تبرأ منه أمام اللجنة مقدمه عبدالله حمد الرومي بصفته عن شركة الناقلات، ويحمل الكتاب البلاغ في طياته بذرة فناء أعمال اللجنة لو وضع على محك المحاكمة". اما التقرير الذي رفعته لجنة حماية المال العام في مجلس الأمة يرأسها النائب عبدالله النيباري إلى رئيس المجلس فيطلب تقديم بلاغ إلى النيابة ضد الشيخ علي، على خلفية الظروف التي احاطت بتعيينه عبدالوهاب التمار محافظاً للبنك المركزي عام 9831. ويفيد التقرير بأن التمار كان مديناً لأحد البنوك بمبلغ 10 ملايين دولار ما يمنع ترشيحه للمنصب، لكن الشيخ علي منحه قرضاً من أحد البنوك السويسرية بضمانة محفظة كانت تستثمرها الحكومة الكويتية في ذلك البنك، ما يعد مخالفة صريحة للقانون واساءة لاستغلال منصب الوزير لصلاحيته. وظل التمار لسنوات عدة محافظاً للببنك المركزي، وهو سدد القرض بحلول عام 1998 أي بعد نحو عقد على خروجه من المنصب.