} أبدى الجانب الأوروبي في محادثات اتفاق الشراكة السورية - الأوروبية موقفاً واضحاً في شأن بعض القضايا في جولة المفاوضات مع الجانب السوري في دمشق أول من امس. وأبلغ السوريين أن لا يعتمدوا على الأوروبيين لتعويض الخسائر الناتجة عن الاصلاح الاقتصادي لأن "الأموال العامة من المانحين الاجانب تعتبر مجرد وسيط"، وانه "لا يمكن الاستعاضة عن الاموال الوطنية العامة ولا الاستثمار المحلي أو الاجنبي". حاول الطرف الأوروبي تبديد مخاوف السوريين من فرض أي نوع من الاصلاح على سورية. واكد ان الاتحاد الأوروبي "لا يضغط من اجل جدول محدد للاصلاحات". وكان وزير التخطيط السوري الدكتور عصام الزعيم قال سابقاً ان بلاده ترفض سياسة "الإملاء الخارجي" التي تسعى الى فرض نمط الديموقراطية الغربية على البلاد. وبدأت أول من امس الجولة السادسة من المفاوضات بين الجانبين في وزارة التخطيط، واكد الطرف الأوروبي انه "لن يفرض أي نوع من الاصلاح على سورية، وخبراؤه ليسوا في موقع اتخاذ القرار نيابة عن السلطات السورية، وجميع مشاريع الاتحاد الأوروبي صممت بطريقة تعطي السلطات السورية مطلق السيطرة على القرار، ما يجعل سورية مسؤولة كلياً عن اصلاحاتها الاقتصادية، والاتحاد الأوروبي هو مساعد خارجي فقط". ويرى الأوروبيون "ان وتيرة منتظمة من الاصلاح هي اشارة رئيسية ترسلها سورية الى بقية العالم وإشارة ستؤثر بقوة على نمو الاستثمار في سورية"، وان الاصلاحات الاقتصادية الفعالة تتألف من أربعة أشياء هي: تصميم خطة شاملة للاصلاح لأن طريقة التجزئة لن تعمل، وتحصيل اجماع وطني حول خطة الاصلاح لأن غياب الموافقة قد يقسم البلد، والتزام الأولويات المتفق عليها لأن تغييرها كثيراً يربك الاقتصاديين الوطنيين والاجانب والاعتراف ان الاصلاحات الاقتصادية تتضمن قرارات سياسية مؤلمة خصوصاً فيما يتعلق بإلغاء الامتيازات الفردية. وقال الأوروبيون ان الأسباب الأخرى لتحريك الاصلاح بسرعة هي تحقيق توزيع عادل للثروة وتنافسية الاقتصاد السوري وتواجد سورية في الاسواق الاجنبية والاستثمار الاجنبي في سورية. وحول مطالب سورية من الدعم المالي لمواجهة التحديات التي تواجه الاقتصادي السوري، أورد الأوروبيون ان لدى سورية ثلاث أوراق قوية تلعبها في هذا الاطار وهي: أرباح مالية مهمة مع ازدياد عائدات النفط والغاز في العامين الماضيين ما يعطي الحكومة السورية هامشاً جديداً للتحرك باعتماد سياسة الموازنة المناسبة، امكانية جذب بعض ممتلكات رجال الاعمال السوريين في الخارج تقدر بأكثر من 50 بليون دولار اذا ما وضعت الحوافز المناسبة في مكانها وامكانية زيادة الاستثمار الاجنبي المباشر في سورية يجعل البيئة الاستثمارية متكافئة مع المعايير الدولية. وأشاروا الى ان الاموال العامة من المانحين الاجانب تعتبر مجرد وسيط، اي أنها تساعد على تعزيز التنمية والتحديث ولا يمكن الاستعاضة عن الاموال الوطنية العامة ولا الاستثمار المحلي أو الاجنبي. اضافة الى ان سورية خلال الاعوام الخمسة الماضية لم تستطع استيعاب الموارد المخصصة لها من منح الاتحاد الأوروبي، فمن أصل عشرة مشاريع ضمن برنامج "ميدا 1" امكن البدء بسبعة مشاريع فقط في الوقت المحدد، ومشروع واحد فقط هو الآن كامل الجاهزية للعمل. في الوقت نفسه يرى السوريون "أن الاموال المخصصة في ميدا 2 للاعوام الستة المقبلة قليلة جداً مقارنة مع 40 بليون يورو 35.6 بليون دولار ستخسرها الدول المتوسطية من جراء إلغاء الرسوم الجمركية، اذ تم تخصيص 5.35 بليون يورو فقط بدلا من 6.7 بليون يورو والذي اقترحته المفوضية بسبب عدم موافقة دول الشمال الأوروبي عليه اضافة الى 6.4 بليون يورو كقروض ميسرة من بنك الاستثمار الأوروبي وتخصيص بليون يورو كاحتياط". وأشاروا الى ان المبلغ المخصص من المفوضية في "ميدا 1" والبالغ 3.4 بليون يورو اضافة الى 4.6 بليون قروض من بنك الاستثمار صرف منها فقط 26 في المئة غير مجدية بسبب آليات التنفيذ التي تعتمد على توريد عمالة أوروبية وانفاق عال وتستهلك وقتاً طويلاَ". يشار الى ان البنك الأوروبي للاستثمار عاود عمله في سورية بعد سدادها الديون المترتبة على فرنسا والبنك الدولي والمانيا عبر عمليتين رئيسيتين بلغت قيمتهما 190 مليون يورو. واكد الطرف الأوروبي ان اتفاق الشراكة بين سورية والاتحاد الأوروبي سيؤمن فرصاً وليس ضمانات تساعد على جذب استثمارات أوروبية أكثر، وتصدير بضائع سورية اكثر الى أوروبا، لكنها لن تؤمن ضمانات لأن سوق الاتحاد الأوروبي مفتوحة ايضاً لدول متوسطية ودول اخرى ولأن لدى الاتحاد الأوروبي نظاماً اقتصادياً حراً وهناك منافسة في سوق الاتحاد الأوروبي، مما يعني ان المصدرين السوريين سيضطرون الى النضال من أجل حصتهم في السوق. وقلل الأوروبيون من امكانية ان يكون الاتفاق وسيلة لوحدها لجلب استثمارات اكثر من الاتحاد الأوروبي أو نقل التقنية اذ "لا يمكن توجيه الاستثمار الخاص من قبل الحكومات الأوروبية أو الاتحاد الأوروبي نفسه. انما تذهب الاموال الخاصة حيث تجد افضل الفرص المفيدة". ولفتوا الى ان "الاتحاد الأوروبي يساعد الاستثمار الخاص بشكل غير مباشر من خلال برنامجه لدعم الاصلاحات الاقتصادية في سورية وعبر مركزه السوري الأوروبي للاعمال". واستبعد الأوروبيون تقديم اي تعويض مباشر لسورية عن عائدات التعرفة الجمركية نتيجة فتح الاسواق لأن "تحرير التجارة هو اتجاه عالمي وهو ايضاً هدف الجامعة العربية، وقد دخلت سورية في عدة اتفاقات تجارة حرة مع دول عربية وليس هناك سبب يدعو الى تعويض مباشر من الاتحاد الأوروبي تحديداً". في المقابل طرحت دمشق موضوع اعادة تأهيل الصناعات السورية من خلال برنامج تبلغ تكاليفه نحو 5.6 بليون دولار ستنفق في الفترة الانتقالية للاتفاق الثنائي المقدر لها ان تمتد بين 10 و12 سنة اعتباراً من تاريخ توقيع الاتفاق. واشارت الى ان التدفقات الاستثمارية الأوروبية الى سورية تعتبر من أدنى المعدلات الموجهة الى المنطقة اذا لم تحصل دمشق سوى على نسبة 1.2 في المئة من مجموع مساعدات أوروبا للمنطقة بين عامي 1990 و1998 والتي بلغت نحو 24.4 بليون دولار. واتفق الطرفان السوري والاوروبي على عقد الاجتماع المقبل في تموز يوليو.