قال وزير خارجية حركة "طالبان" الملا وكيل احمد متوكل انه ابلغ المسؤولين القطريين موافقة مبدئية على ان يتم الصلح بين "حكومة امارة افغانستان الاسلامية" والمعارضة تحت مظلة منظمة المؤتمر الاسلامي التي يرأس دورتها الحالية امير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وندد الوزير الافغاني بالأممالمتحدة واعتبرها غير مؤهلة للوساطة لحل النزاع لأنها منحازة. وروى ل"الحياة" قصة اجتماعه مع عضو الكونغرس الاميركي دانا روبا بكر وقال انه دعاه لزيارة افغانستان لمناقشة تفاصيل مواضيع جرى بحثها في الدوحة. وانتقد متوكل بشدة السياسة الاميركية التي "تكيل بمكيالين" وتتخذ "مواقف مزدوجة"، كما ندد بفرضها الحصار على بلاده، وانحيازها الى جانب الاسرائىليين ضد الفلسطينيين، وشجب المتطرفين الروس والاميركيين. ودعا وزير خارجية افغانستان المسلمين والشركات والمستثمرين المسلمين وغير المسلمين لارتياد آفاق الاستثمار في افغانستان. وهنا نص المقابلة التي جرت في الدوحة الثلثاء الماضي قبيل مغادرة وفد حركة "طالبان" عائداً الى كابول. كيف تنظرون الى نتائج زيارة وفدكم قطر؟ - زيارتنا كانت بناءة ومثمرة بالنسبة الى دولة قطر الشقيقة وامارة افغانستان الاسلامية، وذلك من خلال المحادثات التي اجريناها، ونحن نُكن كل الحب والتقدير والاحترام للمسؤولين القطريين وفي مقدمهم صاحب السمو أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، فقد استقبلونا استقبالاً طيباً، وأحاطونا بكرم الضيافة ورحبوا بنا في هذه الدولة قطر. كما استمعنا الى احاديثهم وتصريحاتهم لأنهم كانوا صريحين في الكلام مع الوفد، ويريدون الخير للشعب الافغاني. ويرى القطريون ان افغانستان عانت نحو عشرين سنة من الحروب وينبغي ان تجرى مصالحة في افغانستان بين اطراف النزاع حتى يعيش اي افغاني في بلده في أمن وسلام. وأبلغنا القطريون سعيهم لفتح مكتب لمنظمة المؤتمر الاسلامي في افغانستان يرأس أمير قطر الدورة الحالية للمنظمة، اي انهم قالوا لنا انهم سيحاولون في هذين الأمرين وهما المصالحة بين الافغان وفتح مكتب لمنظمة المؤتمر الاسلامي في كابول حتى يعيننا في كثير من الأمور مستقبلاً. ايضاً اظهر القطريون نياتهم في تقديم مساعدات انسانية الى افغانستان، خصوصاً انه لا وجود للبنى التحتية هناك، كما ان الاقتصاد منهار منذ عشرين عاماً بسبب الحروب. وأبدى القطريون استعداداً لتقديم مختلف انواع المساعدات الاغاثية والانسانية، كما سمعوا منا ومن اعضاء الوفد تفاصيل عما يجري في افغانستان حتى يتضح لهم الأمر ويتعرفوا الى المجالات التي تحتاج الى مساعدة. وشكل وجودنا في دولة قطر فرصة لمقابلة الجالية الافغانية وبعض الجاليات التي تظهر الحب للشعب الافغاني من الشعوب المسلمة، وتم اجتماع مع الجالية الاثنين الماضي هنا في احدى القاعات في فندق شيراتون الدوحة، وكان اللقاء مثمراً، اذ طرح بعض الاخوة الافغان اسئلة وجدت الاجابة، كما قدموا بعض الاقتراحات، وقمنا نحن بشرح الامور الجارية على الساحة الافغانية. واطلعنا على بعض المشكلات التي تواجه الجالية الافغانية هنا في قطر، وقمنا بعرضها على مسؤولين في وزارة الخارجية القطرية. مثلاً طرحنا ما يتعلق ببعض السجناء الافغان، ووعدونا بمساعدة الجالية الافغانية وتقديم كل دعم لها بحسب المقتضيات والقرارات القوانين المتبعة. وأتاحت زيارتنا الدوحة فرصة مقابلة اعلاميين في دولة قطر غابوا عن الساحة الافغانية، خصوصاً الصحافيين الاسلاميين المهتمين بالقضايا الاسلامية وقضايا الشعب الافغاني، وأوضحنا لهم وجهات نظرنا وما يدور في افغانستان، ونأمل ان يزوروا افغانستان. هل اتفقتم مع القطريين على اجراءات معينة ستؤدي الى تحقيق المصالحة بين الافغان وهل سيتم ترتيب لقاء بينكم وبين فصائل المعارضة؟ - مبدئياً اتفقنا مع دولة قطر على الصلح، ونحن لسنا ضد الصلح بل نريد ذلك، لكننا اعلنا المقاطعة حتى لا تكون الأممالمتحدة وسيطاً لأنهم مسؤولو الأممالمتحدة صاروا منحازين لطرف الى جانب اطراف المعارضة وهم ليسوا مؤهلين ليكونوا وسطاء لحل القضية الافغانية. ونحن ابدينا استعدادنا لقطر وأكدنا لها اننا مستعدون للصلح مع المعارضة. هل يتوقع عقد لقاء بينكم وفصائل المعارضة في الدوحة في وقت لاحق؟ - في الوقت الراهن لا نستطيع القول إن ذلك ممكن او غير ممكن، وهذا الامر موكل للمسؤولين في دولة قطر، وعندما يرسلون الوفود لمقابلة المعارضة والمسؤولين الحكوميين في امارة افغانستان الاسلامية ويتوصلون الى نتيجة فقد يكون هناك لقاء بين الحكومة والمعارضة. علمت انك اجتمعت مع عضو الكونغرس الاميركي دانا روببكر في الدوحة اثناء مشاركته في المؤتمر القطري -الاميركي للتجارة الحرة والديموقراطية. فهل يعد هذا اللقاء بداية علاقة مع اميركا؟ - روببكر وصل الى الدوحة لمقابلة مسؤولين قطريين ضمن مشاركته في مؤتمر قطري - اميركي عن الديموقراطية، وانتهز هو فرصة وجودنا في دولة قطر حيث ابدى رغبة في مقابلتين فالتقينا به، ونحن دائماً نرجح عقد لقاءات مع الآخرين، ونحن لم نرفض مقابلته. وكان من بين ما دار في اللقاء حديث عن اجراء انتخابات في افغانستان ونحن شرحنا له رأينا وقلنا له ان الانتخابات هي مجرد وسيلة للوصول الى الحكم وادارة البلاد، واذا كانت هناك ادارة في البلاد موجودة، إضافة الى وجود الحكم والاستقرار فإننا لا نجعل الانتخابات غاية، لأنها وسيلة. ونحن شرحنا له ما يدور في افغانستان، كما قلنا له ان اميركا تكيل بمكيالين وتحدثنا عن مواقفها المزدوجة وفرضها الحصار والعقوبات الاقتصادية على الدول الاسلامية وغير ذلك من أمور في وقت تنحاز الى جانب اسرائىل ضد الفلسطينيين، ونحن نسمع ونرى كما يسمع العالم ويرى ان اسرائىل ترتكب جرائم وحشيةو لكن ليست هناك عقوبات اميركية على اسرائىل، اما بالنسبة الى الدول الاسلامية فإذا قامت بأي فعل فإن واشنطن تقدم على فرض عقوبات اقتصادية عليها، فلماذا هذه الازدواجية، ولماذا الكيل بمكيالين. كل هذا قلناه لعضو الكونغرس اثناء اللقاء. وهل طرحتم اي امر محدد على عضو الكونغرس؟ - قلنا له ان بامكانه ان يأتي الى افغانستان لنتكلم على كثير من القضايا والمواضيع بتفصيل. قدمتم له دعوة لزيارة افغانستان، فماذا كان رده؟ - قال انه سيفكر في هذا الموضوع وان الاتصالات ستكون مستمرة بيننا. اشرت في حديثك الى انك طرحت على المسؤولين القطريين موضوع سجناء افغان في الدوحة. فما قضية هؤلاء؟ - معروف ان اقتصاد افغانستان منهار، وأدى هذا الى تشتت الجاليات الافغانية وتوزيعها في دول الخليج، وهناك من جاء متسللاً الى قطر بطريقة غير مشروعة، وفي السابق كانت هناك طائرات افغانية تنقل الأفغان الى افغانستان من قطر والكويت لكن بعد الحصار المفروض والحظر الجوي فإنه لا يمكن ان يتم انتقالهم مباشرة الى افغانستان. وشرحنا للمسؤولين القطريين وضع هؤلاء المتسللين فقال لنا المسؤولون انهم سيساعدونهم على الانتقال اما عن طريق باكستان او غيرها. اي ان معظم السجناء جاؤوا الى هنا متسللين ودخلوا البلاد قطر بطريقة غير مشروعة. كم يبلغ عددهم؟ - نحو مئة شخص. القطريون وعدوكم بحل مشكلة المتسللين الافغان الى الدوحة؟ - قالوا لنا انهم سيقومون في اقرب وقت بحل هذه المشكلة، وأوضحوا انهم سيدرسون كيفية الحل سواء عن طريق نقلهم عبر باكستان او غيرها، خصوصاً ان هذا الموضوع انساني. الحصار المفروض على افغانستان يشكل قضية كبيرة بالنسبة اليكم كحكومة وأيضاً للشعب الافغاني. هل تنوون القيام بحملة ديبلوماسية او بتحرك مدروس لفك الحصار من خلال زيارات الى دول اسلامية او في العالم؟ - هؤلاء المتغطرسون خلقوا لنا المشكلات، وفي الوقت نفسه اغلقوا علينا سبل حلها، فكيف نحل المشكلات من دون السفر الى الخارج، لقد حاصرونا وهم لا يريدون حل المشكلة اساساً. - من هم هؤلاء المتغطرسون؟ - الاميركيون والروس، فكل هؤلاء تحت غطاء الأممالمتحدة خلقوا لنا المشكلات، وفي الحقيقة كانت للأمم المتحدة مكانتها ومنزلتها لكنها صارت اداة في يد اميركا وتخضع لسيطرتها كيفما شاءت. دعنا نكون صريحين معك، فحتى المسلمون المتعاطفون معكم يعتبون عليكم ويقولون انكم اتخذتم اجراءات كانت مدخلاً مناسباً لفرض الحصار عليكم، وهناك مثلاً تدمير تماثيل بوذا والتشدد في بعض المسائل، فهل هناك امكان التعامل بمرونة سياسية لتفوتوا فرص فرض الحوار عليكم من جانب اميركا واعدائكم؟ - نحن لسنا متشددين، والمرونة موجودة في السياسة، لكن هناك اساسيات ثوابت ومبادئ لا يمكن تجاوزها. وأشير هنا الى ان منظمة المؤتمر الاسلامي جمدت سقف افغانستان في المنظمة اذ لم يعط للمعارضة او للحكومة، وللأسف ان مقعد افغانستان في الأممالمتحدة لا تزال المعارضة تشغله. انهم اميركا والغرب لا يريدون التفاهم، لأن التفاهم لا بد من ان يأتي من الجانبين. وحتى لو كنا مرنين في سياستنا فإن على الجانب الآخر ان يمارس المرونة ايضاً يقصد اميركا والأممالمتحدة، ونحن لم نلمس منهم اي تجاوب او مرونة، وهذا معناه ان المسؤولية تقع عليهم. على من؟ - على الأميركيين. يتداول كلام كثير في الدول الاسلامية يشير الى انكم ضد المرأة وضد تعليمها. فما حقيقة ذلك؟ - ضحك كيف نكون نحن ضد أمّنا التي خلقنا منها. يقال انكم تقلصون مجالات التعليم امام النساء؟ - نحن لسنا ضد تعليم المرأة، لكننا ضد التعليم المختلط بين الرجال والنساء، كما ان الظروف الاقتصادية لا تسمح لنا بالتوسع في تعليم النساء من خلال ايجاد مدارس في كل قرية ومديرية. وحالياً توجد مدارس لكن في ظل ظروفنا وامكاناتنا. وأيضاً نحن لا نريد ان تخرج المرأة متبرجة ومتزينة، اذ لا بد من ان تكون تحت القواعد الشرعية والنظام الشرعي، حيث تخرج المرأة من بيتها متحجبة، وتكون لها باصاتها الخاصة سيارات نقل خاصة بها، والناس هناك يموتون جوعاً وبرداً ومرضاً، ونحن لا نقدر على ايجاد امكانات لفتح المدارس، وهذا يأتي في درجة ثانية في سلم الاولويات. الناس في دول كثيرة تتحدث عن منع حركة "طالبان" التصوير. فهل هذا صحيح؟ - لا خلاف على حرمة التصوير، فالتصوير حرام كما ورد في كثير من الاحاديث. لكن هناك ضرورات في بعض الاحيان تبيح المحظورات. والآن لا بد من ان نقيّد هذه الضرورة وكيف تكون، فقد تكون الضرورة في الوثائق تصوير الوثائق، وهناك حالات خاصة تحتاج الى التصوير فسمحنا به، ولكن لا نتوسع في الضرورة، حتى لا تكون مثلاً الصورة موجودة منشورة في الصحف. اي ان حرمة التصوير لا خلاف عليها مبدئياً لكن سُمح بالتصوير بمقدار الضرورة. وهذا ما سمحنا به في كثير من الامور. الحصار اسفر عن اوضاع سيئة في افغانستان. فماذا تطلبون في ظل هذه الاوضاع المأسوية؟ - من هنا ندعو جميع المسلمين وغير المسلمين سواء كانوا افغاناً او غيرهم، وجميع الشركات والمستثمرين الاجانب اصحاب الشركات الخاصة ان يأتوا ليستثمروا في افغانستان، فمنطقتنا افغانستان استراتيجية، وكان النظام السابق يضع كل شيء في يد الحكومة ويسيطر على كل شيء لكننا اتحنا حرية العمل للشركات والمؤسسات لتأتي وتعمل في افغانستان. وفي الوقت الراهن لا توجد ضرائب في افغانستان او جمارك، ونقدم منطقة الاستثمار بلا ضرائب لمدة عشر سنوات، كما فتحنا مجالات كثيرة امام المستثمرين وقدمنا لهم كل ما يحتاجون اليه، كما سنقدم لهم كل احتياجاتهم. ونرى ان افضل طريقة لتقوية الاقتصاد هو ان يتوجه المسلمون الى هذا البلد افغانستان ليشتغلوا وينتهزوا الفرص كي يؤدي هذا الى فائدة للبلد ومنفعة ايضاً للشركات والدولة التي تعمل تستثمر في افغانستان. ما طبيعة المجالات المفتوحة للاستثمار بالنسبة الى المسلمين او غير المسلمين؟ - في امكان اي مستثمر ان يعمل في اي مجال من المجالات الموجودة في افغانستان كمجال الزراعة والمعادن الموجودة او اقامة المصفاة، او بناء السدود والشوارع حيث سيكون للمستثمر نصيب كبير في ذلك، وان كل هذه المجالات مفتوحة. وصحيح ان البنية التحتية غير موجودة في افغانستان حالياً، لكن هذا معناه ان هناك مجالات واسعة امام المستثمرين. كيف تأتي الشركات وأصحاب رؤوس الاموال الى افغانستان من اجل الاستثمار في ظل الصراع الداخلي والحصار؟ - صحيح ان للحصار تأثيراً كبيراً من دون شك، لكن الأمر يتعلق ايضاً بالشركات والحكومات التي توجد فيها هذه الشركات، اي انه اذا سمحت الحكومات للشركات بالعمل في افغانستان، عندها لن يكون هناك ما يمنع العمل الاستثمار. ومعروف ان هناك منافسة بين الشركات والشركات، وحتى لو كان هنا حصار فالشركات ترغب في العمل والربح، والآن الدنيا كلها تشهد منافسة بين الشركات حتى لو كانت هناك عقوبات، لأن الشركات ترى مصلحتها ومنفعتها في العمل والاستثمار. هل سيقوم زعيم "طالبان" الملا عمر بزيارة قطر كما زارها وفد من الحركة، خصوصاً ان قطر ترأس الدورة الحالية للمنظمة الاسلامية؟ - مسؤولياته لا تسمح بذلك الآن، فهو في الواقع قائد ميداني ويدير السياسة في الوقت ذاته، لكن "قد يحدث ذلك في المستقبل اذا سمحت الظروف".