عرضت "الحركة الدستورية الإسلامية" أمس رؤيتها للاصلاح السياسي في الكويت، وتضمنت دعوة أسرة آل الصباح الحاكمة الى تحديد دورها في المجتمع، والتزام الثوابت الدينية والاجتماعية والدستورية للمجتمع الكويتي و"عدم الانحياز وتغليب أو تأليب فئة اجتماعية على أخرى". كما دعت الى التعددية السياسية وقيام أحزاب رسمية، وتشكيل حكومة ذات غالبية برلمانية تتخذ القرارات فيها بغالبية أصوات الوزراء. وقال الأمين العام للحركة عيسى الشاهين خلال مؤتمر صحافي أمس ان ورقة رؤية الاصلاح السياسي تتضمن مبادئ واقتراحات ستكون محور نقاش خلال الندوات المفتوحة التي تعقدها الحركة اليوم وغداً، لمناسبة مرور عشر سنين على تأسيسها، كما ستقدم الحركة أوراقاً الى الشارع السياسي الكويتي، تتضمن رؤيتها للمواضيع الاقتصادية وملف النفط والسياسة الخارجية والعلاقة المطلوبة بين الحكومة والبرلمان. وتشكل الحركة أكبر القوى الشعبية الكويتية، وهي تقود التيار الاسلامي الكويتي الذي يتضمن أيضاً مجموعات أخرى صغيرة ومستقلين، وللحركة ستة نواب في البرلمان لكنها تقود عملياً الكتلة المحافظة، التي تضم غالبية نواب القبائل، ويزيد عددها على نصف عدد أعضاء مجلس الأمة. وتأسست الحركة التي تمثل فكر "الاخوان المسلمين" في الكويت في آذار مارس 1991، لكن عيسى الشاهين قال أمس ان لا علاقة عضوية بين الحركة والتنظيم العالمي للاخوان المسلمين، الذي تقوده الحركة الأم في مصر. وتضمنت ورقة "رؤية الاصلاح السياسي" التي أعلنت أمس مبادئ لاصلاح ما تعتبره الحركة المؤسسات الأربع الفاعلة في الدولة الكويتية، وهي القوى السياسية الشعبية ومؤسسة الأسرة الحاكمة ومجلس الوزراء ومجلس الأمة. ورأت ان الأسرة الحاكمة هي أقوى هذه المؤسسات، معتبرة ان استناد أسرة آل الصباح الى قواعد تاريخية ودستورية وعملية حصّنها من أسباب الزوال. ورأت الحركة "ضرورة تحديد دور الأسرة الحاكمة بمبادرة من الأسرة ذاتها بصورة رئيسية"، وأن تلتزم "الثوابت الدينية والاجتماعية والدستورية"، مشددة على "ضرورة تجاوبها الايجابي غير المتردد مع تطلعات الشعب". كما اعتبرت أن من مقومات اصلاح دور الأسرة "الترفع عن المشاركة في معارك اختلاف وجهات النظر، والحرص على عدم الانحياز وعدم تغليب فئة اجتماعية على أخرى". ودعت الحركة أقطاب الأسرة الى "تقريب البطانة الصالحة ونبذ جلساء السوء"، وحل الخلافات بين الأقطاب "من دون اعطاء المجال للانتهازيين والمتصيدين والأطراف الخارجية للتدخل". وأكدت ان على رموز الأسرة "البعد عن منافسة العامة في مجال المال والاقتصاد والوظائف العامة". وتحمل تلك العبارات اشارات من الحركة الى الحكومة الحالية التي يقودها النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد، وكانت الحركة تحتفظ بعلاقات أوثق مع ولي العهد الشيخ سعد العبدالله الصباح الذي ابتعد عن الأضواء لأسباب صحية، في حين يملك الليبراليون علاقات متميزة مع الشيخ صباح. وكشف عضوا الحركة النائب مبارك الدويلة والنائب الدكتور محمد البصيري خلال المؤتمر الصحافي أمس، اتصالات أجرتها الحركة بالشيخ صباح واجتماعات عقدت في ديوانه، بحثت خلالها الشؤون السياسية المحلية. أما عيسى الشاهين فعلق على سؤال عن علاقة الحركة بالشيخ سعد وبالشيخ صباح قائلاً: "نحن حريصون على التواصل مع أي طرف في ما فيه خير البلد، وكان يقال ان حركتنا محسوبة على هذا القطب السياسي أو ذاك وهذا ليس صحيحاً". اعلان الأحزاب وجاء تنظيم الحركة الدستورية احتفالاتها بمناسبة عشر سنين على تأسيسها في خضم جدل واسع في الكويت حول الحاجة الى اعلان الكتل السياسية نفسها في شكل أحزاب رسمية. واعتبر بث التلفزيون الرسمي الاسبوع الماضي برنامج حوار مع رموز يمثلون خمس مجموعات سياسية اسلامية وليبرالية، حول موضوع قيام الأحزاب، بمثابة "ضوء أخضر" حكومي لهذه الخطوة، اذ أظهر التلفزيون كل ممثل لكل مجموعة مع اسمها مطبوعاً على الشاشة، مما يشكل اعترافاً شبه رسمي بهذه المجموعات. وفي حين اصدرت مجموعات مثل "المنبر الديموقراطي" و"الحركة السلفية" أخيراً بيانات تدعو الى قيام أحزاب رسمية فإن سياسيين مستقلين يتحفظون عن ذلك. وقال رئيس البرلمان جاسم الخرافي ان "الوقت لم يحن لانشاء أحزاب سياسية" مشيراً الى حاجة هذه الخطوة الى تغييرات قانونية ودستورية واسعة. لكن الحركة الدستورية طرحت أمس تصوراً متكاملاً لقيام الحزبية في الكويت، واعتبرت ان "توافر الحرية الحقيقية للعمل الحزبي ضمانة ليس لها ما يماثلها في الدول العربية". وهي تتصور تشكيل هيئة عليا للأحزاب مستقلة عن الحكومة تدير عملية قبول ترخيص الأحزاب، وتدعو الى العلنية الكاملة للحزب في شؤونه المالية والادارية، وترى الحركة ان من غير الجائز "ان تنشأ أحزاب على أسس مناهضة للثوابت الدينية والدستورية والوطنية". وقال النائب الدويلة ان ظروف ما بعد الاحتلال العراقي جعلت المواطن الكويتي ينفر من فكرة الأحزاب، لكنه غدا الآن أكثر قبولاً لهذه الخطوة، لافتاً الى ان استفتاء تلفزيونياً على هذا الموضوع أظهر قبول الغالبية لتنظيم الأحزاب، في حين اعتبر النائب البصيري ان الحزبية لن تتحقق بمجرد اقتراح قانون في شأنها في البرلمان و"نحتاج الى حوار وطني شامل بهذا الشأن، وزخم شعبي واعلامي وبرلماني، وليس من الحكمة أن نقتل هذا المشروع بطرحه للتصويت في البرلمان باكراً".